اي دور وطني للجامعة اللبنانية في ظل تفريخ الجامعات الطائفية والمرتبطة سياسياً؟

بدأت تطفو على السطح بعض المؤشرات حول التجاذبات السياسية والأكاديمية المحيطة بعمل اللجنة الفنية للتعليم العالي مع بدئها بعمليات تقييم لفروع الجامعات الخاصة. ولعلّ من أبرز تلك المؤشرات الخلاف الذي برز الى الاعلام والناتج عن رفض اللجنة طلب الترخيص المقدم من شركة الوزير السابق ورئيس الجامعة اللبنانية الدولية عبد الرحيم مراد لإنشاء مؤسسة خاصة للتعليم العالي تحت إسم الجامعة الدولية في بيروت، حيث استغرب الوزير مضمون الدراسة الفنية الأولى للجنة وإتهمها بالتعامل سلباً مع الملفات المقدمة للتراخيص الجامعية الجديدة.

لفهم خلفية الجدل القانوني والفني الذي يحيط بملف الجامعة اللبنانية الدولية، يتوجب العودة قليلاً إلى الوراء لإستعراض عمل اللجنة ووضعه في الإطار الأشمل لواقع تطور الجامعات الخاصة في لبنان. لقد بينت التقارير والكشوف الميدانية التي قدمتها اللجنة الى وزير التربية حسان دياب أن فروع الجامعات الخاصة في لبنان لا تستوفي الشروط القانونية، وأظهرت وبعد تقويم 29 فرعاً، لجهة الإدارة الأكاديمية، أن عدد مستوفي الشروط صفر %. أما الفروع التي هي في حاجة إلى بعض التحسينات فهي 27,8%، والفروع التي في حاجة إلى تحسينات أساسية 52,15 %، أما التي لا يمكنها ان تستوفي الشروط بتاتاً فـ 21,6%.

وكانت اللجنة قد أنشئت بقرار من مجلس الوزراء في تشرين الثاني عام 2010 للبت بملفات الجامعات وذلك بتكليف من مجلس التعليم العالي. وقد جاء هذا القرار نتيجة قيام عدد من مؤسسات التعليم العالي بإنشاء عدد كبير من الفروع المناطقية من دون الاستحصال على ترخيص مسبق، وفي ضوء الشكوك التي أحاطت بقدرتها على الالتزام بالشروط والمعايير الأكاديمية المطلوبة، الأمر الذي أدى إلى تحول الفروع في الكثير من الحالات الى مشاريع تجارية صرفة. وخلال الفترة المذكورة، تمنى بعض التربويين على وزارة التربية عدم منح أي تراخيص جديدة قبل صدور القانون، لأن حصول أي شيء من هذا القبيل هو نوع من الاحتيال على القانون. وتجدر الإشارة، إلى أن لائحة طلبات تأسيس جامعات خاصة جديدة تضم:

1 –جامعة باسم فينيسيا، مقدم باسم السيدة رندة نبيه بري.
2 –جامعة لرجال الأعمال، مقدم من السيد تحسين خياط.
3 – ترخيص باسم الجامعة الجامعة الدولية في بيروت، مدعوم من وزير التربية السابق عبد الرحيم مراد.
4-جامعة "المعارف" التابعة لحزب الله
5 –عدد من الطلبات الأخرى التي لا تحمل أسماء معروفة لكنها ترتبط برجال أعمال ميسورين.

يرى الكثير من الخبراء أن وضع التعليم العالي في لبنان لن يستقيم إلا من خلال إقرار ثلاثة مشاريع قوانين هي قانون تنظيم التعليم العالي الخاص، قانون ضمان الجودة وقانون هيكلية المديرية العامة للتعليم العالي إضافة الى إعداد مشروع قانون خاص بالجامعة اللبنانية. اما فيما يخص مشروع قانون التعليم العالي، فقد أصبح اليوم على نار حامية، حيث أقر في مجلس الوزراء وهو الآن بانتظار إقراره في مجلس النواب، حيث تعكف على مناقشته لجنة فرعية مختصة، وقد انجزت نحو 50% من مضمونه.

وتكمن أهمية هذا القانون في أنّ القديم يعود إلى العام 1961 ولم يلحظ التطورات التي طرأت على هذا القطاع، إذ ارتفع عدد المؤسسات الجامعية من 6 جامعات في ذلك الوقت إلى 41 مؤسسة خاصة في لبنان (30 جامعة و11 معهداً وكلية خاصة)، إلى جانب الجامعة الوطنية الرسمية الوحيدة وهي الجامعة اللبنانية.
من المفيد أن يكون هناك متابعة من وزارة التربية لأوضاع التعليم العالي في لبنان، حرصاً على جودة ما يقدّم للطلاب، إلا أن ذلك لا يعفيها من الإجابة على بعض التساؤلات الجوهرية من وجهة نظر حقوق المواطنية، لعلّ أبرزها التالي:

● ما السبيل إلى تحقيق تكافؤ الفرص لجميع اللبنانيين/ات في الحصول على تعليم عالي متميز، أينما وجدوا/ن جغرافياً على إمتداد الأراضي اللبنانية؟
● إلى متى ستبقى الجامعة الوطنية الولد "غير المدلل" للدولة اللبنانية؟ وإلى متى يستمر الإهمال اللاحق بها في ظل طفرة إنشاء الجامعات الخاصة؟
● كيف السبيل الى تخفيف تكلفة التعليم العالي على الطالب/ة اللبناني/ة الذي ينكفء عن الجامعة الأم بسبب ضعفها ويتجه الى الجامعات الخاصة التي تفرض رسوماً باهظة لتحقيق الأرباح؟
● ويبقى السؤال الأبرز، ما الداعي إلى منح تراخيص جديدة لإنشاء جامعات خاصة تابعة لجهات سياسية وطوائفية (بغض النظر على الهوية السياسية للجهات التي تقدمت حالياً بطلبات)؟ والى أي مدى يساعد ذلك في تعزيز الوحدة الوطنية استناداً الى مبدأي المواطنة والمساواة؟