تنتظر «رابطة أساتذة التعليم الثانوي» جولة جديدة من النضال لمنع ضياع بعض الحقوق المكتسبة التي كاد أن يسقط جزء منها في الحراك النقابي لنيل سلسلة الرتب والرواتب.
وتحرك الهيئة الإدارية للرابطة كان يؤكد دوماً على إعطاء الإداريين والعسكريين والمتعاقدين والمتقاعدين، حقوقهم كاملة من دون استثناء، وحقهم يكون بإنصافهم، ومن هذه القاعدة كان التزام الرابطة مع «هيئة التنسيق النقابية»، في الدفاع عن الحقوق، ومن الضروري أن تؤكد الرابطة الحفاظ على الموقع الوظيفي لأستاذ التعليم الثانوي والمدافعة عن هذا الموقع.
حكاية الستين في المئة تتجه الأنظار نحوها بغية قضمها، من رواتب اساتذة التعليم الثانوي والتي نالوها لقاء بدل الزيادة في ساعات العمل تبعا للقانون 53/66، أما كيف بدأت عملية القضم فهي كالتالي: من العام 1961 الى العام 1999، أي قبل صدور القانون 717/98 والمتعلق بدمج جميع التعويضات في الراتب، كانت قيمة الدرجات متساوية بين سلسلة التعليم الثانوي وموظفي الفئة الثالثة، يومها تم إلغاء الستين في المئة التي كان يحصل عليها الأستاذ الثانوي جراء الزيادة في ساعات العمل، وعند دمج التعويضات أصبحت الدرجة أعلى من درجة الإداري، فكانت تبدأ بأربعين ألف ليرة، مقابل 32 للإداري من العام 1999 وحتى العام 2012.
ووضع في مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الجديد للعام 2012، 75 ألف ليرة مقابل مئة ألف للإداري، أما الدرجات المقابلة فتصبح تسعين ألفاً و110 آلاف ، بين 125 و150 ألفاً، ثم 130 و150 ألفاً. وهذا التدرج أعطى زيادة لموظف الفئة الثالثة، تبدأ بسبعين في المئة عند التعيين، وتنتهي بـ111.6 في المئة، بينما الثانوي ينال 75.5 في المئة عند التعيين، وهي أعلى نسبة ثم تنخفض لتصل الى 67.8 في المئة عند الدرجة 46 أي عند خروج الأستاذ الى التقاعد، ويصبح فارق زيادة 111.6 ناقص 67.8 يساوي 44 في المئة، وهذا أدى الى تآكل الستين في المئة، وعندها تكون خسارة الأستاذ الثانوي عند نهاية الخدمة تساوي ثلاثين في المئة من أصل ستين.
هذه التحليلات المالية ومدى تأثيرها على سلسلة الأساتذة سبق ورفعتها رابطة أساتذة التعليم الثانوي من خلال هيئة التنسيق النقابية» الى وزير المال والتربية محمد الصفدي وحسان دياب، والى رئيس مجلس الخدمة المدنية خالد قباني، على أساس أن يكون راتب الأستاذ الثانوي مساوياً للإداري زائد الستين في المئة لقاء بدل الزيادة في ساعات العمل تبعاً للقانون 53/66.
والاقتطاع الكبير من الرواتب أصاب الأساتذة المتعاقدين. فمقارنة صغيرة بين متقاعدين لفئات مختلفة حسب السلسلة الجديدة المقترحة، تظهر مدى الغبن الذي سيلحق بهم. فالمتقاعد في الفئة الثالثة لإداريين ينال خمسين في المئة، أما في الثانوي فينال 33.31 في المئة أي بخسارة ست درجات، ومنهم من خسر عند خروجه الى التقاعد قبل الأول من كانون الثاني 2010 عشر درجات ونال 28.57 في المئة فقط.
غريب: نيات مبيته
وأعتبر رئيس الرابطة حنا غريب أن الخسارة التي حلت بأساتذة الثانوي جاءت بقرار سياسي، لأن خلفية السلسلة واضحة في الأسباب الموجبة، التي تهدف الى إعادة تصويب المعادلة بين الأستاذ والموظف في الفئة الثالثة الى ما كانت عليه في العام 1998، يومها دمجت التعويضات وأصبح راتب الاستاذ والموظف يبدأ بـ 860 ألف ليرة، وهذا ما دفع بالأساتذة للانتفاض والتحرك لاسترجاع الستين في المئة، التي أعيدت منها عشر درجات ونصف الدرجة، وهو حق مكتسب في حين أن الأسباب الموجبة لمشروع قانون السلسلة يقول بردم التشوهات والهوة في بعض الأسلاك.
ولفت غريب، في حديث لـ«السفير»، الى وجود نيات مبيتة لضرب الحقوق، من خلال بعض التسريبات حول رواتب الأساتذة، أو خفض قيمة الدرجة والكلام عن ردم هوة، ويتبين ذلك من توصية لجنة الإدارة والعدل النيابية التي أوصت في جلستها بتاريخ التاسع من تشرين الثاني العام 2011 الحكومة «بإعداد مشروع قانون يتضمن سلاسل جديدة تأخذ بعين الاعتبار جميع الزيادات الحاصلة مقارنة بنسبة التضخم، حفاظاً على المساواة بين مختلف السلاسل وخصوصية الوظائف، بغية وضع حد للزيادات الاستثنائية».
وأشار الى أن الموقع الوظيفي للأستاذ الثانوي تراجع عند التعيين في الدرجة 21 أي بمليون و351 ألف ليرة، ليصبح مليوناً و890 ألف ليرة، وتكون الزيادة مقدارها 40 في المئة فقط، وإذا كان الإداري قد حصل على 111 في المئة تكون الزيادة للأساتذة الجدد قد طارت بالكامل.
ولا يعتبر غريب توصيف ما تحقق بـ«الانجاز النقابي» لأن مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب لم يحافظ على الموقع الوظيفي للأستاذ، بعدما خيضت جميع المعارك الانتخابية في الرابطة قبل 14 عاما تحت شعار «الحفاظ على موقع الاستاذ الوظيفي»، وكان ينجح من يحمل هذا الشعار، أما الآن وبعد تراجع الرابطة بعدما كانت الناس تتطلع الى الحراك كإطار نوعي في العمل النقابي، في محاولة لإبعاد الكأس المرة عن الطلاب، دفع الحكومة للتصلب في موقفها، وبالتالي تراجعت هيئة التنسيق، بينما كان المطلوب الاستمرار في موقفها.
وأكد أن وقف مقاطعة تصحيح الامتحانات كان من أجل الطلاب في الدرجة الأولى، وثانياً من أجل الحفاظ على وحدة هيئة التنسيق. وشدد على أن المعركة النقابية لم تنته، وأنها ستشتد أكثر، وإذا حصل ما نتخوف منه، من قضم نصف الستين في المئة، عندها على القوى السياسية أن تتحمل المسؤولية أمام الأساتذة.
وما يحز في نفس غريب أن يحمل الأستاذ الثانوي سلاح المقاطعة ويدافع عن كل القطاعات، وينال الجميع ما يستحق، ويخرج الثانوي خاسراً.
ولدى ذكر الوعود، يضحك غريب ويقول «لقد حطمنا الرقم القياسي العالمي بنيل الوعود». وحول التشدد في المواقف، لفت الى أن سياسية الفصل التي تنتهجها الحكومة في إعطاء قطاعات وحرمان أخرى، ومعاقبة القطاع الـ«دينمو» المحرك، «جعلني أتشدد وأستمر في هذا الموقف، لأنهم أرادوا شق القطاعات وفصلها عن بعضها البعض، ولو أرادوا السير بخط صحيح لكان الحل بدأ بسلسلة التعليم الثانوي..».
لا يبدي غريب أي تخوف من ضياع نصف الستين في المئة، «نعود ونطالب بها»، لكنه يبدي انزعاجاً من تحول الروح التضامنية التي كانت قائمة في هيئة التنسيق، الى رابطة الثانوي، بعدما خاضت مختلف القطاعات المعركة وهي موحدة، كي لا يتم الاستفراد بأي هيئة أو رابطة. ووعد غريب أن أي معركة ستخوضها الرابطة مستقبلا «لن نتراجع فيها قيد أنملة».