يفرض التطوّر العالمي لقطاع التعليم المهني والتقني وفتح المسارات بين التعليم الفني العالي والجامعي المعتمد عالمياً، مواكبة جديّة وإصلاحية تكاد تظهر معالمها في الخطة الإستراتيجية الخمسية التي وضعتها وزارة التربية، ويأمل المعنيون في هذا السياق في صدور مشروع تنظيم حقول ومراحل وشهادات التعليم المهني والتقني الذي أعدته الوزارة في عهد وزير التربية السابق حسن منيمنة وأقره مجلس الوزراء من دون تعديلات جوهرية، وتطبيقه اعتباراً من السنة الدراسية المقبلة...
اعد المشروع بهدف تطوير التعليم المهني من وزير التربية السابق حسن منيمنة بالتعاون مع المدير العام للتعليم المهني والتقني أحمد دياب ولرفع مستوى هذا القطاع وتحسين صورته. وأعد فريق عمل متخصصاً لدرس المرسوم الذي أقره مجلس الوزراء باستثناء بند المنح بعدما طوره وزير التربية حسان دياب ووضع لمساته الأخيرة عليه. فهل يبصر النور قريباً؟ ويصبح للتعليم المهني والتقني مسار جديد.
حدد مستشار الوزير دياب لشؤون التعليم المهني والتقني الدكتور صبحي أبو شاهين وهو المستشار نفسه الذي كان لوزير التربية السابق، الغاية من هذا المشروع قائلاً: "إن مراحل وشهادات التعليم المهني والتقني، التي تعد لمختلف الحقول في المديرية العامة للتعليم المهني والتقني. ويتنوّع هذا القطاع إلى حقلين منفصلين: حقل التأهيل المهني الذي يضم شهادات التكميلية المهنية والثانوية المهنية والمشرف الفني، حيث كمية العملي فيه أكثر من النظري، فيما يطغى الطابع النظري في حقل التعليم الفني الذي يضم البكالوريا الفنية والإمتياز الفني والإجازة الفنية، بالإضافة إلى الإجازة التعليمية الفنية".
وتطرق أبو شاهين إلى أبرز النقاط التي تختلف عن نظام التعليم المهني القديم، مشيراً إلى أن هذا المشروع، يساهم "في إعادة توزيع الشهادات في حقل التأهيل المهني وحقل التعليم الفني، فقد ألغيت شهادة الكفاءة المهنية منه بحسب التصنيف المعياري العربي للمهن. إلا أن النقطة الأبرز والتي تختلف عن نظام التعليم المهني القديم هي إنشاء شهادة التأهيلية التحضيرية التي أدخلها الوزير دياب. كذلك يساهم في تخفيض عدد السنوات المخصصة لشهادتي الإمتياز الفني والإجازة الفنية وفتح المسارات بين التعليم الفني العالي والتعليم الجامعي، مشيرأً في هذا الإطار إلى أن مسألة فتح المسارات مع التعليم الجامعي إسوة بما هو قائم عالمياً وللمرة الأولى، يصبح في إمكان متخرجي الإمتياز الفني متابعة التحصيل الجامعي والتعليم العالي لحملة الـ(TS) وتسوية أوضاع بعض حملة شهادات الماجستير والدكتوراه المبنية على شهادات التعليم الفني العالي".
وعمّا إذا كان يعتبر أن إدخال الشهادة التأهيلية الفنية التحضيرية هي بمثابة تعديل شكلي أو جوهري، قال أبو شاهين ان هذا التعديل جوهري بامتياز، لانه "يشمل التلامذة غير الحائزين شهادة البريفيه، وبالتالي، فإن الغاية من هذه الشهادة رفع مستوى التلامذة المقبولين في مرحلة البكالوريا الفنية الذين يحملون الشهادة المتوسطة أو المهنية وتحسين صورة التعليم المهني. أما مدة دراستها فسنة واحدة، وهي السنة الأولى من الشهادة في البكالوريا الفنية".
وإلى جانب هذا التعديل، هناك جملة مسائل شملت التعديل نفسه أيضاً، منها، "ان مدة دراسة الامتياز الفني أصبحت سنتين بدلاً من ثلاث سنوات، اسوة بما هو معتمد عالمياً، والتي تسهّل الإنتقال مع التعليم الجامعي. وكذلك، ينطبق هذا الأمر على الإجازة الفنية، فطرأ تعديل للحائزين شهادة الإمتياز الفني من تحصيلهم الجامعي باستثناء كلية الحقوق.
ويحق للتلامذة الحائزين شهادة الإمتياز الفني على الأقل، والذين نالوا معدلاً عاماً في الإمتحانات الرسمية العائدة لهذه الشهادة، لا يقل عن 12/20 متابعة دراستهم الجامعية في مختلف مؤسسات التعليم العالي في التخصصات التي تتلاءم وتخصصاتهم في التعليم المهني والتقني شرط أن ينجزوا بنجاح، "50 في المئة على الأقل من عدد الساعات والأرصدة المتوجبة لنيل شهادة الإجازة الجامعية و70 في المئة على الأقل من عدد الساعات والأرصدة المطلوبة لنيل شهادة دبلوم في الهندسة، أو الإجازة الجامعية في الهندسة أو أي شهادة جامعية يتطلب نيلها إنجاز خمس سنوات دراسية أو ما يوازيها من الفصول الدراسية في التخصص المطلوب".
كما عدلت في أحكام المرسوم الخاصة فقرة المنح المدرسية التي تحفّز التلامذة المتفوقين على الدخول إلى هذا القطاع، غير أن مجلس الوزراء لم يصدّق عليها بسبب الحاجة إلى رصد الإعتمادات وتم تأجيل الشق المالي من هذا المشروع إلى مرسوم لاحق".
وفي موازاة ذلك، توقف أبو شاهين عند مشكلة طلاب الدكتوراه المبنية على التعليم المهني والتقني، وقال: "بفضل هذا المشروع تمت معالجة العديد من هذه المشكلات للحائزين شهادات الماجستير والدكتوراه الذين لم يتمكنوا من معادلتها".
أما المشكلة الأساسية فتكمن في التعليم الفني العالي، معتقداً في أن الإجازة التعليمية الفنية (LET) أو المعهد الفني التربوي الذي سيصبح معهداً لتدريب المعلمين والإعداد. ولهذا السبب يجب إعادة النظر بدور المعهد الفني التربوي وبشهادة الـ(LET) في خطوة لاحقة".