«المستشفيات» تتجه نحو الضغط على الحكومة عبر المضمونين

تتجه «نقابة أصحاب المستشفيات»، في جمعيتها العمومية اليوم، إلى العودة للتحرك من جديد، إنما هذه المرة ليس ضد «مماطلة» مجلس إدارة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» في الموافقة على رفع التعرفات الاستشفائية والطبية، كما حصل في المرّات السابقة، بل ضد مماطلة الحكومة وردّها كتاب وزير العمل سليم جريصاتي، ممهوراً بعبارة «مع التريث». ويتضمن كتاب جريصاتي طلب الموافقة على رفع السقف الخاضع للاشتراكات للأجر من مليون ونصف المليون ليرة إلى مليونين ونصف المليون ليرة، وفق ما تقول مصادر «الضمان». أمّا عدم موافقة مجلس الوزراء فيعود، كما تقول المصادر، إلى ان «أصحاب العمل والهيئات الاقتصادية يضغطون في اتجاه خفض السقف الخاضع للاشتراكات إلى مليوني ليرة بدلا من 2,5 مليون ليرة».

كتاب المستشفيات إلى ميقاتي
ويؤكد كتاب «نقابة المستشفيات» الذي حصلت «السفير» على نسخة منه معلومات المصادر. فقد أبدت النقابة في كتابها، المرفوع إلى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أملها بالموافقة على قرار مجلس ادارة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» حتى «يبدأ العمل به ابتداء من 1/9/2012 وفق الآلية المرسومة». كما عبرت عن المفاجأة بتأجيل «الموضوع لمدة أسبوعين لمزيد من التشاور مع الهيئات الاقتصادية التي تطالب بتحديد السقف الخاضع لاشتراكات فرع المرض والأمومة بمبلغ مليوني ليرة بدلا من مليونين ونصف المليون، حسب ما جاء في القرار».
يضيف الكتاب «لقد صدر قرار من وزير الصحة علي حسن خليل بالبدء بتطبيق التعرفة الجديدة ابتداء من 1/8/2012، وبدأت المستشفيات بتطبيقه مع الجهات الرسمية كافة باستثناء الضمان الاجتماعي، وكنا بانتظار التطبيق في 1/9/2012، ولسنا اليوم في وضع يسمح لنا بتحمل عواقب أي تأجيل إضافي». فـ«مواقف الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام وإدارة الضمان ونقابة المستشفيات معروفة سلفاً، ومعاودة التباحث لن تؤدي إلى أي نتيجة سوى إطالة معاناة المضمونين والمستشفيات وهو ما لا يمكننا السكوت عنه».
ويتابع كتاب النقابة «لقد صوّت مندوبنا داخل مجلس ادارة الضمان على القرار كما صدر، بعدما اعتبرناه حلا وسطاً، بين ما كان يطالب به الاتحاد العمالي العام وما يقبل به ممثلو أرباب العمل، وبعدما شعرنا أن أي تصلب إضافي في موقف أرباب العمل لم يعد مبرراً اقتصاديا ولا محتملا اجتماعيا، فزيادة السقف الخاضع للاشتراكات لن يطال سوى شريحة محدودة من أرباب العمل، هي أصلا قادرة أكثر من غيرها على تحملها، إذ أنها تدفع أجورا مرتفعة لن يضيرها بأي شكل مؤثر عبء إضافي لن يتعدى 40 ألف ليرة شهريا عن كل موظف يزيد أجره عن 2,5 مليون ليرة، علما ان مرسوم الزيادة طال هذه الأجور بنسب أقل من الأجور الأدنى قيمة. كما أننا شعرنا في الوقت ذاته ان هذه التسوية ستحل مشكلة 1,3 مليون مستفيد من تقديمات الضمان».
ويصر الكتاب على «بدء التطبيق في 1/9/2012 تجنباً لأزمة صحية محتمة، وتفادياً لانعكاسات سلبية على المضمونين والمستشفيات على حد سواء، يتحمل مسؤوليتها من يؤخر تطبيق القرار».

هارون ممتعض من التأخير
في هذا الإطار، يبدي رئيس «نقابة المستشفيات» سليمان هارون امتعاضه من التأخر في إقرار التعديل على التعرفات، ويؤكد لـ«السفير» ان الموضوع وصل إلى الحكومة بعدما وافقت عليه كل الجهات المعنية، لكن طلب رأي «الهيئات الاقتصادية» هو قفز فوق كل الجهات الرسمية التي أخذت قرارها وفق الأصول، ومن جهتنا نعتبره روتينياً وبديهياً». ويسأل «هل رد مجلس الوزراء هو محاباة للهيئات الاقتصادية، وهل هو لدفع المرضى والضمان والمستشفيات إلى المأزق؟».
يحمل هارون مسؤولية المماطلة الى الحكومة والاتحاد العمالي العام، بقوله ان «الاتحاد كان عرّاب الاتفاق ومسوقه، فبعدما أيده في مجلس ادارة الضمان، يفترض به دفاعا عن طبابة واستشفاء المضمونين ان يتخذ موقفاً من رد مجلس الوزراء».
وحول الجمعية العمومية للمستشفيات المنوي عقدها اليوم، يدعو هارون الى «الابتعاد عن لوم المستشفيات في أي قرار يتخذ، فالمسؤولية ليست علينا بل على من يوقف القرار، أي على الحكومة». بيد ان هارون وان يكن يصر على عدم الإفصاح عن شكل التحرك، إلا انه يلمح الى أن هذه المستشفيات لا تملك سوى الامتناع عن استقبال مرضى الضمان.

غصن: المواطن لا يتحمل تهديدات
ويعلّق رئيس «الاتحاد العمالي العام» غسان غصن على كلام هارون بالقول لـ«السفير»: «نحن قمنا بما علينا، ومعركة المستشفيات ليست معنا، ولماذا التلطي وراء الاتحاد العمالي العام»؟
وبعد لقاء له مع جريصاتي يقول غصن «بحثنا في موضوع المستشفيات والتهديدات التي نسمعها في كل مرة حول عدم استقبال المضمونين. الموضوع بحث في مجلس إدارة الضمان، وهذا الأمر يعالج في مجلس الوزراء وقد بحثنا في الدراسة التي قدمت في هذا الأمر. والموضوع الآن موضوع مراجعة وقد تم في الاجتماع إيضاح بعض الأمور، وهذا الأمر سيستكمل ان كان على مستوى الهيئات الاقتصادية المعنية بهذا الأمر أو إدارة الضمان حتى ننهي هذا الملف حتى لا يبقى هناك أي تهديد للمضمونين لأن المواطن لم يعد يتحمل تهديدات على المستوى الاجتماعي والمعيشي الذي يمر به».

كركي: للمصادقة على القرار
أما المدير العام لـ«الضمان» محمد كركي فينصح بـ«السير بمشروع المرسوم المرفوع إلى وزير العمل سليم جريصاتي، والذي استغرق وقتا طويلا، ومروحة من الاتصالات واللقاءات بين جميع المعنيين». وبالتالي على السلطة السياسية، برأي كركي، ان «تأخذ القرار المناسب، باتجاه المصادقة على القرار ـ الاتفاق، في مجلس الوزراء، بعدما أشبع درساً منذ العام 2009». ويبدي كركي تخوفه من أي «محاولة لإعادة التعديل، لان الأمور ستعود إلى البداية ويطرح موضوع التوازن المالي من قبل العمال، ما يستدعي زيادة الاشتراكات، إلى مستوى يفوق ما هو وارد في دراسة الخبير الاكتواري فاروق خطاب، وفيها: «بعد زيادة «التعرفات الطبية والاستشفائية» تبين ان تعديل التعرفات الطبية والاستشفائية ستنتج منه أعباء إضافية بلغت وفق الدراسة حوالى 135 مليار ليرة لبنانية».
تتضمن دراسة خطاب لمعالجة العجز الناتج من تعديل التعرفات الطبية والاستشفائية سيناريوهين لتعديل الحد الأقصى للكسب الخاضع للاشتراكات لفرع ضمان المرض والأمومة، الأول بتحديد الحد الأقصى بمبلغ مليوني ليرة لبنانية والثاني بمبلغ مليونين ونصف المليون ليرة لبنانية.
وسينتج من السيناريو الأول وفر سنوي يقدّر بـ18392 مليون ليرة، والسيناريو الثاني سينتج منه وفر سنوي يقدّر بـ60134 مليون ليرة.
وهنا يشير كركي لـ«السفير» إلى ان الوفر في السيناريو الأول البالغ أكثر من 18 مليار ليرة، هو حجة يتخذها البعض للمطالبة بخفض السقف الخاضع للاشتراكات، مع ان فرع المرض والأمومة يحتاج إلى 30 ملياراً ترحل إلى صندوق نهاية الخدمة، بدل المأخوذ منه لمصلحة «ضمان المرض والأمومة»، مع فوائدها السنوية، فإذا حسمنا هذا المبلغ تبقى الحاجة إلى أكثر من 19 مليار ليرة.

23 آب2012