برز أمس، عنصر جديد في ملف المياومين، إذ بعدما تبين أن 737 من جباة الاكراء لم يقبضوا رواتبهم المتأخرة، وفق ما نص عليه الاتفاق الذي فكّ عمّال المتعهد والجباة بموجبه اعتصامهم في «مؤسسة كهرباء لبنان»، علمت «السفير» أن هناك حوالي 400 من عمّال المتعهد يعملون في النقل والانتاج والمخازن والإدارة وغيرها من المديريات في المؤسسة، لم يقبضوا رواتبهم. وذلك بحجة أن هؤلاء يعملون خارج مديرتي التوزيع في بيروت وجبل ولبنان والمناطق، اللتين أصبحتا تحت إدارة «شركات مقدمي الخدمات» الثلاث.
وأوضحت مصادر «لجنة المتابعة لعمال المتعهد والجباة» لـ«السفير» أن «مصير لقمة عيش هؤلاء العمّال، ومعظمهم فنيون واداريون، باتت مهددة، على الرغم من أن الاتفاق قضى أن يقبض جميع المياومين والبالغ عددهم حوالي 2500 عامل، رواتب أيام الاعتصام».
ولفتت المصادر الانتباه إلى أن «العمّال الـ400 يخضعون لسلطة رقابية مباشرة من إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، لكن ثمة معوقات وشوائب ومحسوبيات واجهت فض عروض المناقصة مع متعهدين من أجل تأمين استمرارية عمل هؤلاء العمال في المؤسسة، وذلك على أساس راتب يومي جديد، يبلغ 38 ألف ليرة لحاملي شهادات البكالوريا القسم الأول وما فوق، و34 ألفا لما دون، إضافة إلى الضمان والاستشفاء وبدل النقل والاجازات السنوية، وقد وافقت وزارة الطاقة على ذلك قبل اعتصام المياومين، لكن المراقب المالي رفض منح العمّال بدل النقل وإدخالهم في الضمان، من دون معرفة الأسباب الحقيقية لهذا القرار».
وأشارت إلى أن «هؤلاء العمّال يمارسون عملهم في المؤسسة، من دون أن يعرفوا إذا كانوا سيقبضون رواتبهم أم لا بعدما فقدوا ما يسمى ربّ عملهم وفق وصف إدارة المؤسسة. علما أنهم يداومون من الساعة السابعة صباحاً إلى الرابعة عصراً يومياً، أي دوام الموظف الثابت نفسه».
وأكد أحد العمّال ممن لم يقبضوا رواتبهم لـ«السفير» أن «هناك محاولات التفاف على الاتفاق، إذ بحجة احتساب أيام الاعتصام لم نقبض رواتبنا عن الشهر الماضي حتى الآن، ولا نعرف مصير راتب الشهر الحالي»، مضيفا أن «المسؤول المعني عن جداول القبض يماطل في إنجازها، ولا يحضر إلى المؤسسة».
ولا تقتصر معاناة عمّال المتعهد على هؤلاء فحسب، إذ العاملون منهم في التوزيع، وخلال توقيع معظمهم عقود العمل مع «شركات مقدمي الخدمات»، وفق ما أفاد به عدد من العمّال «السفير»، «عانوا من التمييز والمحسوبيات، فالمقربون من تيار سياسي ما، كانت شروط عملهم ميسرة ونالوا رواتب مرتفعة، أما الآخرون، وخصوصا الذين شاركوا في الاعتصام، فراتبهم لم يتخط الحد الأدنى الأجور، ضاربين عرض الحائط بما يتمتعون به من خبرة وكفاءة وما يحملونه من شهادات علمية». وقدم أحد عمّال التوزيع مثالاً على ذلك أن «احدى الشركات عرضت راتباً على زميل لنا خلال الاعتصام بقيمة 1400 دولار، لكن عندما قرر التوقيع على العقد بعد فك الاعتصام، هبط المبلغ إلى 950 ألف ليرة».
في المقابل، أوضحت مصادر لجنة المتابعة للعمّال أن «جباة الاكراء والبالغ عددهم حوالي 737 جابيا، سلموا جميعا ما في حوزتهم إلى إدارة المؤسسة، وأخذوا براءات ذمة بعد إنجاز قطع الحساب. لكن للآن لم يقبضوا رواتبهم عن فترة الاعتصام، إضافة إلى راتب شهرين عن فترة ما قبل الاعتصام»، مشيرة إلى أن «إدارة المؤسسة وشركات مقدمي الخدمات تتقاذف حتى تاريخه المسؤولية عن دفع الرواتب».
وأمام الوضع الذي بلغه العمّال، بين من لم يقبض راتبه، ومن لم تنصفه الشركات، ومن بقي يعمل في المؤسسة ليجد نفسه معلقا في الهواء، تناشد مصادر «لجنة المياومين» المسؤولين الذين رعوا الاتفاق، «بمواصلة الاهتمام بقضيتهم، وإنصافهم، خصوصا أن موضوع قانون التثبيت في ملاك المؤسسة، يبدو أنه لم يعد له أولوية، ولا أحد مستعجل على بتّه، في ظل ما تشهده البلد من أوضاع أمنية وسياسية».
وفي سياق متصل، اجتمع وزير العمل سليم جريصاتي أمس، مع وفد من «الاتحاد العمّالي العام» برئاسة غسان غصن، ثم مع وفد من المياومين في «مستشفى رفيق الحريري الجامعي». وقال جريصاتي: «التقيت قيادة الاتحاد العمّالي وتداولنا في موضوعين؛ الأول يتعلق بموضوع المياومين في كهرباء لبنان أي عمّال غب الطلب وجباة الاكراء، والصياغة القانونية المقترحة، والموضوع الثاني زيادة سقف البدل الخاضع للاشتراكات في المستشفيات، وتم التأكيد من جهتنا على تدوين توصيات وملاحظات الاتحاد العمّالي بالموضوعين المشار إليهما».
أما غصن، فقال: «تناولنا الشق القانوني المتعلق بتثبيت المياومين لجهة إجراء المباراة اللازمة لهذا الأمر وهو ما اتفق عليه، والذي أعلنه الاتحاد، وكان بنتيجته توقيف الإضراب وعودة الأمور إلى طبيعتها في مؤسسة كهرباء لبنان. كما طرحنا موضوع جباة الاكراء، الذي سيعالج في اليومين المقبلين. وقد دونّا الملاحظات المتعلقة بهذا الأمر».
23 آب2012