بناء دولة المواطنة يبدأ من قانون انتخاب عادل

كما جرت العادة قبل كل دورة انتخابية نيابية في لبنان، يدور سجال سياسي واسع حول القانون الأنسب الذي يجب اعتماده لتأمين حق المواطن/ة بإنتخاب ممثليه ومساءلتهم/ن ومحاسبتهم/ن. لا يزال هذا السجال محتدماً بين فريقي الإصطفاف السياسي الرئيسيين وهما 14 و8 آذار، بدون أن يلوح في الأفق اي بصيص أمل يبشّر بالخروج بإتفاق تسوية يمكّن المواطن/ة من الإدلاء بصوته/ها في انتخابات 2013.
والمعلوم أن الإنتخابات الماضية، قد جرت بالتوافق على قانون عام 1960، وذلك على الرغم من مآخذ كافة الأطراف حوله. وللسير الى الامام، اقدمت الحكومة الحالية على اقرار مشروع قانون جديد يعتمد مبدأ النسبية عبر تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 13 دائرة إضافةً إلى دائرة مستقلة للمغتربين (وهي الفئة التي قد تصوّت للمرة الأولى في تاريخ لبنان)، وقد تمت احالته الى مجلس النواب للمناقشة.
وكما كان متوقعاً، أثار هذا المشروع اعتراضاً من بعض الأطراف داخل الحكومة وخصوصاً من خارجها مصدرها قوى سياسية محسوبة على 14 آذار. لكن في خضم كل تلك السجالات، يغيب عن اذهان السياسيين اي اعتبار لمبدأ المواطنية التي يفترض أن يقيّم على اساسها اي قانون انتخابي جديد وبالاستناد الى المعايير التالية:
● تمثيل دقيق وعادل لاصوات الناخبين بغض النظر عن انتمائهم/ن الطائفي والجغرافي
● تحفيز المشاركة النسائية في الحياة السياسية اللبنانية من خلال اعتماد مبدأ الكوتا النسائية
● افساح مجال الانتخاب امام الشباب، الذين بلغوا سن الـ18
● تأسيس الهيئة المستقلّة الدائمة للانتخابات والتي يقع على عاتقها الإشراف على تنظيم عملية الإنتخاب وتأمين نزاهتها
وفي اطار الجدل السياسي القائم حالياً، طرح عدد من المشاريع الإنتخابية البديلة نذكر منها:
● مشروع قانون ”اللقاء الأرثوذكسي“، الذي قدّمه النائب السابق إيلي الفرزلي، والذي يحصر بكل طائفة انتخاب ممثليها في البرلمان اللبناني
● اقتراح قانون قدّمه عضوان في “تكتل التغيير والاصلاح” هما النائبان ألان عون ونعمة الله أبي نصر يستند الى مشروع “اللقاء الارثوذكسي” القاضي بانتخاب كل طائفة نوابها على أساس النسبية ولبنان كدائرة واحدة
● مشروع قانون اعده حزب القوات على أساس 61 دائرة، بعضها لنائب واحد، كما يلحظ نقل مقعد سني من بعلبك الهرمل إلى عكار، والمقعد الماروني من طرابلس إلى البترون
ان قراءة سريعة لكافة القوانين التي يتم تناولها الآن، تبين أن الحسابات الطائفية والسياسية الضيقة لا تزال تطغى، فيما يبدو ان الهاجس الاول لكافة اطراف الصراع السياسي، هو كيفية الوصول الى السلطة والفوز بالأكثرية في البرلمان المقبل.

طبعاً، يغيب عن اذهان هؤلاء أن كل القوانين الإنتخابية السابقة، فشلت في تطبيق المعايير التي ذكرناها أعلاه، وخصوصاً ان طبيعة النظام الطائفي اللبناني نفسه توجد فوارق بين المواطنين/ات من حيث وزن كل صوت وبحسب انتمائه الطائفي والجغرافي.
وفي الختام، يعتبر الكثيرون من نشطاء المجتمع المدني ان مشروع النسبية بشكله الحالي، وبالرغم من الملاحظات الكثيرة عليه، هو خطوة ايجابية وان متواضعة باتجاه تطوير قوانين الإنتخاب في لبنان.