تضارب مواقف أصحاب العمل من الحد الأقصى للكسب الخاضع للحسومات
قضية تعديل الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسومات لفرع ضمان المرض والامومة المتوجب لـ«الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» والموافقة على تعديل التعرفات الطبية والاستشفائية المعتمدة في «الصندوق»، استغرق النقاش حولها حوالي ثلاث سنوات، وما زال هذا النقاش دائرا، وطوال هذه الفترة الزمنية، خصوصا في الفترة الاخيرة، يؤخذ المضمون رهينة، واداة ضغط، من قبل اصحاب المستشفيات، فيما الهيئات الاقتصادية تتخذ من قرار «مجلس ادارة الصندوق» برفع الحد الاقصى الخاضع للحسومات، الى 2,5 مليون ليرة، في هذا الوقت ذريعة للمطالبة بإصلاح وضع الضمان عموماً، والوضع المالي خصوصاً، لعدم الالتزام بالقرار المذكور، بحجة ان الوضع السيئ في القطاعات عامة، لا يسمح بأعباء جديدة تزيد في الجمود الاقتصادي، ويطرحون في المقابل خفض المبلغ الى مليوني ليرة.
مجلس ادارة «الصندوق الوطني للضمان» اتخذ قرارا برفع الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسومات في فرع «ضمان المرض والامومة» من 1,5 مليون ليرة الى 2,5 مليون ليرة، وأنهى بمشروع المرسوم اللازم، ورفعه الى وزير العمل سليم جريصاتي الذي رفعه بدوره الى مجلس الوزراء الذي وضعه على جدول أعماله في اول جلسة خلال الشهر الماضي، ولم يتخذ أي قرار بشأنه سلباً ام ايجاباً، بل أجّل البت به فقط ، باعتبار ان «هيئة التنسيق النقابية» كانت أعلنت عن تحركات لها. وتقول هنا مصادر مطلعة ان رئيس مجلس الوزراء أوعز لوزير العمل بالتدخل لدى مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإعادة بحث الموضوع مجدداً، لان «الهيئات الاقتصادية» ترفض رفع السقف الى 2,5 مليون ليرة، الا ان اعادة البحث لم تحصل لأن بعض اصحاب العمل في مجلس ادارة «الصندوق» وافقوا على القرار المذكور.
إعادة النظر بقرار الضمان غير واردة
في الجلسة التي عقدها مجلس ادارة «الصندوق» في السادس من ايلول الجاري: «ان مجلس الادارة قرر رفع السقف الى 2,5 مليون ليرة، وأنهى بمشروع مرسوم ورفعه الى وزير العمل، ولا يملك مجلس الادارة سلطة اعادة مناقشة قرار لم يطلب منه اعادة بحثه من قبل مجلس الوزراء، وبالتالي فإن القرار الاداري مثله مثل أي قرار قضائي، لا يمكن اعادة النظر به الا بظهور امور جوهرية تحتم الرجوع عنه».
إزاء ذلك رفع رئيس مجلس الادارة الدكتور طوبيا زخيا كتابا الى وزير العمل سليم جريصاتي، يؤكد قرار المجلس، وفيه انه «لم تتوافر اية معطيات جديدة تؤمن تمويل كلفة تعديل التعرفات الطبية والاستشفائية وتستوجب اعادة النظر بقرار رفع الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسومات في فرع ضمان المرض والامومة». ويورد زخيا في كتابه: «بما ان مجلس الادارة اكتفى وبالاستناد الى قرار مجلس الوزراء، بدراسة كيفية تأمين التمويل اللازم للتعرفات الطبية والاستشفائية التي تبلغ 127 مليار ليرة، تساهم الدولة بنسبة 25 في المئة منها، أي 32 مليار ليرة، ويجب توفير الرصيد البالغ 95 مليار ليرة. وحيث ان رفع الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسومات الى 2,5 مليون ليرة يوفر مبلغا قدره 102 مليار ليرة في حين ان رفعه الى مليوني ليرة يؤمن حوالي 62 مليار ليرة، فقد اتخذ المجلس قراره وأنهى بمشروع المرسوم..».
كركي: كلفة رفع التعرفات
وبهدف توضيح الامور، يقول المدير العام لـ«الصندوق» الدكتور محمد كركي، لـ«السفير»: «نحن لم نعالج مسألة التوازن المالي، بل اكتفينا بدراسة تأمين التمويل للتعرفات الاستشفائية والطبية، وقد بلغت كلفة زيادة التعرفات 127 مليار ليرة، تساهم الدولة بـ25 في المئة، أي 31,75 مليار ليرة، ويبقى تقريبا 95 مليار ليرة. زيادة السقف الخاضع للاشتراكات الى 2,5 مليون ل.ل. تؤمن 102 مليار ل.ل.. هذا مضمون ما قمنا به بعد 3 سنوات من الاخذ والرد مع المستشفيات، أما اذا كنا نريد مناقشة موضوع التوازن المالي، فإن ادارة الصندوق قد رفعت ملفين اقترحت بموجبهما زيادة السقف الى 2,5 مليون ليرة، واضافة نقطتين لتأمين التوازن خلال 3 سنوات، ونقطة ونصف لمهلة 4 سنوات، ونقطة واحدة لمهلة 5 سنوات، علما ان زيادة السقف الى مليونين فقط تؤمن 62 مليار ل.ل».
الهيئات توافق وترفض!
إلا ان ممثل اصحاب العمل في مجلس الادارة هاني ابو جودة الذي انسحب في المرة الاولى، يعلن «الخضوع للقرار الذي ينحصر بموضوع تأمين كلفة التعرفات الطبية». وقد فاجأ هذا الامر مفوض الحكومة الذي يقول: «المفاجئ في الامر هو ان ابو جودة يعلن قبول الهيئات الاقتصادية، في الوقت الذي تلقينا فيه كتابا من الهيئات المذكورة ترفض بموجبه قرار مجلس الادارة، وتصر على اعتماد سقف مليوني ليرة». بهجت قاننجي، عضو مجلس الادارة عن اصحاب العمل، بدوره، يقول في اجتماع مجلس الادارة «فقد قبلنا القرار وكممثلين للهيئات الاقتصادية، والهدف من المطالبة بجلسة خاصة، هو للحصول على بعض الايضاحات، ونرجح ان لا نطلب من المجلس العودة عن قراره». وفيما ممثلو اصحاب العمل في مجلس ادارة الصندوق يوافقون على رفع الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسومات الى 2,5 مليون ليرة، تحمل «الهيئات الاقتصادية» الدولة المسؤولية حيال الضمان وتدعو الى ضرورة إجراء إصلاحات في الضمان.
أما بصدد تمويل التعرفات فيشير رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الى ان «ممثلي الهيئات اقترحوا خلال اجتماع لجنة مؤشر الغلاء التمهيدي الاول اجتماعاً رباعياً بين الهيئات والاتحاد وأصحاب المستشفيات والضمان لدرس كيفية تخطي المرحلة الراهنة والاتفاق على بنود إصلاحية لتحديث «صندوق الضمان».
تطرح الهيئات تلك المواقف حول «الضمان» تبريراً لموقفها المعلن عن سقف المليوني ليرة كسقف خاضع للاشتراكات، وهنا يقول شماس «ان رفع السقف الخاضع للاشتراكات لدى تصحيح الاجور السابق الى 1,5 مليون ليرة يؤمن، أو يضخ 85 مليار ليرة في فرع المرض والامومة، وعندما نرفع المبلغ الى مليونين ندخل 50 مليار ليرة إضافية، ما يعني ان المبلغ الكامل الذي يدخل الى الفرع المذكور يصبح مئة و35 مليار ليرة، ومع الاصلاحات المفترضة تكفي لاستيعاب كلفة التعرفات الاستشفائية والطبية وتزيد، وبذلك نصيب ثلاثة عصافير بحجر واحد وهي إدخال المرضى الى الضمان ونحدث وفراً مالياً من دون إرهاق اصحاب العمل».
المستشفيات في الانتظار
إزاء كل ذلك يبقى موقف اصحاب المستشفيات، الذين ينتظرون جلسة مجلس الوزراء هذا، وفق ما يقول رئيس النقابة سليمان هارون، حيث «لا مبرر لمجلس الوزراء ان لا يوافق ويصدر المرسوم المرفوع من قبل مجلس ادارة الضمان، ففي جلسة الاثنين، يستكمل مجلس الوزراء درس مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب، لكن ليس من حجة لديه ان لا يطرح الموضوع في جلسة الخميس، خصوصا بعدما أكد مجلس ادارة الضمان على موقفه من تعديل الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسومات لفرع المرض والامومة، وبعدما أكد هذا القرار في كتاب الى وزير العمل سليم جريصاتي، لذا نعتبر عدم الموافقة على الموضوع مماطلة مقصودة لا نرضى بها، حيث سنلجأ مباشرة لتنفيذ قرار النقابة بالامتناع عن استقبال مرضى الضمان».
18 أيلول2012