مخاض الحقوق في «سبينيس»: مبروك، إنّها نقابة!

لم تكن بداية أسبوع العمل هذا كغيرها من البدايات بالنسبة لعمال سلسلة «سبينيس». فمعها أضحت نقابتهم واقعاً قائماً؛ إطار لحفظ حقوقهم التي هُضمت لوقت طويل بهدف تحويلها أرباحاً. مع بداية الأسبوع الأخير من أيلول 2012 صار عمال هذه المتاجر الشهيرة قدوة لزملاء كثر في شركات عاملة على الأراضي اللبنانية.
إذ بعد حوالى ثلاثة أشهر على إيداع الهيئة التأسيسية للنقابة طلب التأسيس في وزارة العمل، وقّع الوزير المعني سليم جريصاتي، أمس، على معاملة ترخيص النقابة لتُصبح مجالاً نقابياً حيوياً لعمال يبلغ عددهم زهاء 1500 عامل.
النضال على مسار تأسيس النقابة لم يكن هيناً وصولاً إلى الترخيص رقم «4/583». فخلال الفترة الفاصلة بين تقديم الطلب والتوقيع تعرّض الموظفون النقابيّون لمجموعة من ممارسات الترهيب لثنيهم عن مطالبهم المحقّة. ولكن «لا يموت حق وراءه مطالب»، وهي العبارة التي بدأ بها البيان الصادر عن الهيئة التأسيسية أمس.
توجّه البيان إلى عاملات وعمال الشركة التي أضحت تملك 7 فروع تمتد بين طرابلس وصور. أثنى على صمودهم وثباتهم في هذه المعركة التي انطلقت شرارتها المباشرة نتيجة رفض الشركة تطبيق مرسوم تصحيح الأجور على نحو قانوني، فضلاً عن مجموعة من المخالفات المتعلّقة بعدم التصريح عن أكثر من ثلث العمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
على الصعيد التنظيمي، تتمثّل الخطوة الأولى بعد الترخيص في الإجراءات الهيكلية، وعلى رأسها الانتخابات، مع استمرار العمال بالتسجيل. أما على الصعيد الحقوقي، فإنّ الأولوية هي لإعادة الموظفين النقابيين، ميلاد بركات وسمير طوق، إلى عملهما بعدما عمدت الإدارة إلى طردهما بسبب نشاطهما النقابي.
وقد تلقّت الإدارة إدانة قوية من منظمة العمل الدولية _ التابعة للأمم المتّحدة _ على إجراءاتها هذه في إطار طلب يؤكّد الحق في العمل النقابي.
وشدّد بيان الهيئة التأسيسيّة على المسائل المطروحة وقال: ندعو إدارة الشركة إلى الكف عن المكابرة والتراجع فوراً عن الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها ضد رئيس الهيئة التأسيسية الزميل ميلاد بركات وقبله الزميل سمير طوق.
كذلك دعت الهيئة التأسيسية «جميع العاملات والعمال في سبينيس للانتساب إلى النقابة تمهيداً لإتمام الإجراءات الرامية إلى قيام مجلس منتخب للنقابة ليقوم بواجباته في تمثيلكم وإجراء المفاوضات الجماعية من أجل الوصول الى مطلبكم الرئيسي بتوقيع عقد العمل الجماعي».
في هذه اللحظة المميزة في تاريخ العمل النقابي في لبنان، يُسجّل للقضاء الذي حمى الموظفين النقابيين من الطرد خلال انتظار ولادة النقابة _ تحديداً القاضية زلفا الحسن _ إنجاز مميز أيضاً، كما تُقوّم إيجاباً جهود هيئة التفتيش لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي رصدت وجود 450 عاملاً (حمالون وعاملون على الصندوق) بعد استقصائها الأوضاع في ثلاثة فروع.
ومن هذه التجربة يُستنتج أنّه عندما يرفع العمال صوتهم للمطالبة بحقوقهم سيلقون حماية من مؤسسات الدولة، أو في أضعف الإيمان سيُحرجون الإدارة العامّة لدعم حقوقهم، مع العلم بأنّ مبدأ الترخيص لإنشاء النقابات ليس منطقياً أبداً _ وقد أعربت الهيئة التأسيسية عن رفضها له _ فالوثيقة التي ترعى هذه النشاطات هي الاتفاقية الدولية رقم 87 التي وافق عليها مجلس الوزراء ويُنتظر أن يوقّعها مجلس النواب. تنصّ هذه الاتفاقية على أهمية «حماية الحريات النقابية والحق بالتنظيم النقابي».

25 أيلول2012