تستمر مشكلة النازحين من سورية إلى لبنان بالتفاقم في ظل الأزمة العاصفة هناك، فيما تتدهور أوضاعهم الإنسانية في ظل نأي الحكومة اللبنانية عن معالجة المشكلة بشكل كامل، وفي غياب أي أفق قريب لحل الأزمة.
فقد أشار التقرير الأخير للمفوضية الدولية للاجئين إلى وجود نحو 90 ألف نازح سوري في لبنان، من ضمنهم 12 ألف نازح من فلسطينيي سورية الذين توجه 90% منهم إلى لبنان. ومن بين مجموع النازحين، ثمة 64836 شخصا مسجلاً لدى المفوضية، توجه غالبيتهم إلى الشمال، يليه البقاع، فبيروت، فيما يسكن نحو50% منهم مع الأسر المضيفة والباقي في منازل مستأجرة أو ملاجئ جماعية. وتضيف المفوضية ان مسألة توفير الحلول السكنية لا تزال تشكل أولوية، إذ أن العديد من الأسر تواجه صعوبة في تسديد الإيجار مع نهاية كل شهر، وهذا ما دفعها الى تخصيص 14 مليون دولار لمساعدة تلك الاسر في فصل الشتاء.
وإذا ما إنتقلنا من أزمة تامين المأوى إلى التعليم، فإن الضغط المادي يبقى أقل وقعاً على الأهالي النازحين، إذ أن قرارات وتعاميم وزارة التربية، قضت بتقديم تسهيلات عدة لاستقبال الطلاب السوريين في المدارس الرسمية، وإعفائهم من البدلات المالية لرسوم التسجيل، عدا عن حصولهم على القرطاسية، والزي المدرسي بشكل مجاني. لكن مشكلة إختلاف المناهج التعليمية بين سوريا ولبنان تبقى مشكلة عويصة لا يمكن تجاوزها بسهولة.
يعتبر توفير خدمات الرعاية الصحية للنازحين المشكلة الأكبر بعد الإيواء. وفي هذا المجال، تتضافر جهود الهيئات والمنظمات الدولية والاهلية، المتواجدة على الأرض، لتقديم المعاينات الطبية والأدوية، بما في ذلك الأدوية المزمنة، وخدمات التشخيص لسائر النازحين. لكن يتبين من التقارير التقييمية الأخيرة، وجود حاجة ملحة إلى توسيع نطاق شبكات الرعاية الصحية، حيث لا يزال بعض العائلات غير قادر على الحصول على تلك الخدمات.
وعلى الرغم من تضافر جهود مختلف المنظمات الدولية والاهلية، وفي مختلف القطاعات، من اجل تامين أدنى مقومات العيش للنازحين، تقف الحكومة اللبنانية موقف المتردد، معتمدة حلولاً ترقيعية لا تتناسب مع مسؤوليتها كدولة مضيفة، لا سيما أن حركة النزوح مرشحة للإستمرار.
فمتى تستيقظ الحكومة اللبنانية من سباتها لإغاثة أشقائنا وشقيقاتنا السوريين/ات؟ والى متى تبقى مقصرة في واجباتها لتأمين أبسط مقومات العيش الكريم على أبواب الشتاء؟.
إن الواجب الإنساني يفرض على الحكومة اللبنانية خيار واحد لا ثانٍ له، وضع خطة طويلة الأمد لاغاثة النازحين في مختلف المناطق اللبنانية قبل تأزم الأوضاع أكثر.