مع أنّ التلامذة السوريين لاقوا احتضاناً محلياً ودولياً بشأن تغطية تكاليف تعليمهم في المدارس الرسمية، إلّا أنّ استغلالاً واسع النطاق يدور على هامش توفير مستلزمات هذا التعليم لا سيما في المناطق التي تشهد نزوحاً كثيفاً، وادي خالد على سبيل المثال. فالقرطاسية التي تكفلت منظمة اليونيسيف بتأمينها حُددت تفاصيلها ضمن قسائم محددة بحسب مراحل التعليم، لكن يبدو أن التفصيل في القسائم التي يتسلمها الأهالي اقتصر على الجانب الكمي، وترك لـ«ضمير» صاحب المكتبة حرية اختيار النوعية.
وإذا كان صاحب إحدى المكتبات يؤكد «أننا نسلم أفضل النوعيات»، فإنّ الأهالي ينفون أن يكون هناك معايير لهذه النوعية، فـ«المكتبات تسلمنا قرطاسية بـ10 آلاف ليرة وتحسبها علينا بـ30 ألفاً». في القسيمة، خصص لكل تلميذ في المرحلة الابتدائية اثنا عشر دفتراً (48 صفحة)، وممحاة (مناسبة وناعمة)، لكن سعر الدفتر يمكن أن يراوح بين 3 آلاف ليرة و10 آلاف ليرة، وسعر الممحاة بين 250 ليرة وألف ليرة.
هنا تشرح الاختصاصية التربوية في مكتب اليونيسف وفاء قطب أنّ شخصاً متخصصاً في جمعية إنقاذ الطفل «save the Children» يتولى مراقبة المكتبات والتأكد من مطابقة القرطاسية التي تسلمها للتلامذة موضوع المساعدة، للمعايير المتفق عليها. وتوضح أن المساعدات في هذا الإطار لا تشمل التلامذة السوريين فحسب، بل تطال أيضاً التلامذة اللبنانيين النازحين من سوريا، كذلك أبناء العائلات المضيفة بنسبة 30% بالمئة. وتلفت إلى أنّ المنظمة غير معنية بوجود التلامذة على قائمة النازحين المسجلين رسمياً لدى المراجع المختصة، فما يهمها إيصال المساعدة إلى المحتاجين إليها. لكن هذا الكلام لا يمنع ما يقوله المتابعون لجهة أنّ الباب فتح واسعاً أمام العديد من المتاجرين بقضية النزوح السوري، إذ استحضر هؤلاء قسائم بأسماء لبنانيين غير نازحين وغير معنيين باستقبال النازحين، وقاموا بتسليمها لبعض المكتبات لقاء مبالغ تقاسموها مع أصحابها. وفي السياق، علمت «الأخبار» أن أكثر من مكتبة أو متجر استقبل تلك القسائم، على أن «يبيعها» إلى مكتبات أخرى مرخصة من نقابة دور النشر المدرسية، وخصوصاً في القرى التي يتوافر فيها أعداد كبيرة من النازحين باعتبار أنها أولى من غيرها بـ«الاستفادة».
هكذا، يسود التخبط انطلاقة العام الدراسي الجديد في بعض قرى الشمال. فموجات النزوح تتوالى يوماً بعد آخر، وتزداد معها الحاجة إلى مقاعد مدرسية إضافية لاستيعاب أبناء النازحين.
وإذا كانت وزارة التربية قد حددت الرابع والعشرين من أيلول الماضي موعداً لبدء الدروس في مرحلة رياض الأطفال وفي الحلقات الأولى والثانية والثالثة، إلا أن العديد من المدارس لم تتسلم حصتها من الكتب المدرسية المجانية. وهذا الأمر شكا منه أصحاب المكتبات أيضاً، لكن منذ نحو 4 أيام باتت أغلب الكتب متوافرة، يقول إيلي الشدياق، صاحب مكتبة القبيات.
اللبنانيون لا يتسجلون
شهدت المدارس الرسمية في وادي خالد إقبالاً شديداً من جانب التلامذة السوريين بسبب مجانية التعليم لجهة رسوم التسجيل والنقل والكتب والقرطاسية، فيما لوحظ إحجام التلامذة اللبنانيين عن التسجيل بسبب الظروف المعيشية الخانقة التي يعيشها الأهالي. يقول عضو لجنة الأهل في مدرسة رجم عيسى الرسمية عمر حسن إنّ أكثر من 120 تلميذاً سورياً تسجلوا في المدرسة، لكن قسماً كبيراً من التلامذة اللبنانيين يناهز عددهم 350 تلميذاً لا يزالون في منازلهم، بسبب عدم قدرة الأهالي على دفع الرسوم البالغة 50 ألف ليرة في المرحلة الابتدائية و70 ألفاً في المرحلة المتوسطة.