خرج وفد من لجنة الأساتذة المتعاقدين مع «الجامعة اللبنانية» المستثنين من التفرغ من موظفين وغير موظفين، من الاجتماع ووزير التربية والتعليم العالي حسان دياب، بقناعة أن ملف التفرغ المطروح حالياً على مجلس الوزراء، لا يمكن تعديله، وأن الأسماء الواردة فيه الـ579 (بعد إضافة خمسة أسماء إليه) لن يُعاد النظر فيها ولن تتبدل، وأن عليهم انتظار «الرجاء الصالح» لعلّ التوافق السياسي يحصل بين مختلف القوى السياسية، ويتم تعيين مجلس الجامعة المغيب منذ العام 2004، ليصار بعدها إلى تحضير ملف جديد للتفرغ، يضم من تم استثناؤه أو استبعاده.
جاءت هذه الخلاصة، في أعقاب الاعتصام الذي نفذه المتعاقدون ظهر أمس أمام وزارة التربية والتعليم العالي وأتبع بلقاء مع وزير التربية أستمر أكثر من ساعة وربع الساعة. وترافق مع اعتصام تضامني لطلاب الماستر في الجامعة اللبنانية مع أساتذتهم، ومع أنفسهم، للمطالبة بإلغاء الزيادة المفروضة على رسوم التسجيل، التي رفعت من 245 ألف ليرة إلى 745 ألف ليرة.
وفي اعتصام المتعاقدين، الذي شارك فيه رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، رفعت فيه لافتات أعادت التذكير بـ«شهيد التفرغ» الدكتور محمد ياغي الذي خذله قلبه عندما علم أن أسمه لم يرد في اللائحة. وأكدت اللافتات أن اساتذة التعليم الرسمي والموظفين هم ضمانة لتطوير الجامعة، وأن تشكيل مجلس الجامعة هو المدخل الرئيس لإصلاح الجامعة الوطنية، مع التشديد أن الترقي الوظيفي حق مشروع للجميع. وطالبت باستعادة ملف التفرغ من رئاسة مجلس الوزراء لدرسه وتفريغ من يستحق. وألقت د. وفاء نون كلمة باسم المعتصمين، أكدت فيها الرفض التام لـ«الطريقة الاستنسابية التي يدار بها ملف تفرغ الأساتذة المتعاقدين في الجامعة». وقالت: «لقد بات جميع المعنيين الأكاديميين والسياسيين يعلمون المخالفات والشوائب الكثيرة التي تعتري ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية، فلماذا يتم السكوت عن هذه الخروق ولمصلحة من؟ هل من مصلحة الجامعة أن تغيب المعايير القانونية والأكاديمية للتفرغ وتستبدل بمعيار رضى الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية والمراجع الطائفية. هل من مصلحة الجامعة أن تبقى مسرحاً للتجاذبات السياسية والحزبية في ظل غياب مجلس الجامعة والمجالس التمثيلية؟».
وسألت: «لماذا تم استثناؤنا من دون وجه حق، هل لأننا نرفض منطق المحاصصة الطائفية والسياسية داخل الجامعة؟ لماذا أيضاً يحرم الأساتذة الموظفون من حقهم المشروع بالتفرغ بفعل قرارات تعسفية من دون أي مسوغ قانوني أو أكاديمي يحول دون ذلك؟». ولفتت نون إلى أن «الملف المطروح بصيغته الحالية (أي ملف الـ457 أستاذاً زائداً خمسة، أضيفت أسماؤهم بناء على اتصال من أحد المراجع السياسية والحزبية برئيس الجامعة لإلحاقهم بالملف) مليء بالمخالفات القانونية والأكاديمية، إذ يصل عددها إلى نحو ٨٩ مخالفة. وفي الآونة الأخيرة بتنا نسمع عن زيادة عشرات الأسماء إلى الملف كجوائز ترضية للقوى السياسية كلها؛ وبات يشاع بين الأساتذة أنه لحقوا حالكن وعملوا واسطة حزبية». وأعربت عن أسفها أن تؤول أحوال الأستاذ الجامعي إلى ما آلت إليه، وأعلنت رفض الأستاذ الوقوف على أبواب السياسيين ليستجدي ما هو حق له. وناشدت رئيسي الجمهورية والحكومة تحمل مسؤولياتهم في هذا الملف وعدم إقراره بصورته الحالية المليئة بالشوائب وبغياب المعايير الأكاديمية والعلمية.
وأوضح غريب أن وقوف الرابطة إلى جانب الأساتذة هو واجب تربوي ونقابي. تربوي لرفع الحرمان والظلم، لأنه لا يجوز أن يتم استثناء أي استاذ ثانوي من الترقي الوظيفي، وأن ما يسري على القطاع التربوي، يسري على القطاع الإداري، ويفترض أن تكون الفرص متاحة أمامهم، بدل أن يعاقبوا على نيلهم شهادة الدكتوراه.
تابع: أما نقابياً، فواجبنا الوقوف إلى جانب طلابنا الذين زادت عليهم رسوم التسجيل ثلاثة أضعاف، و«يلبسون الزيادة لهيئة التنسيق النقابية، ونحن رفضنا زيادة الضرائب على العامل، هل نقبلها على الطلاب الذي لا يعملون؟».
بعدها خلت الساحة للطلاب، وشرحوا رفضهم الزيادة على الرسوم على طريقتهم من خلال الهتاف: «جامعتنا اللبنانية رح تبقى هي هي.. ورح نحميها بوحدتنا.. ريسنا السيد حسين راح يشحطنا من لبنان.. بس رح نبقى هون.. وأبداً ما رح ندفع ثلاثة أرباع المليون». وألقى رئيس مجلس فرع الطلاب في الفرع الأول في كلية العلوم أحمد عرار كلمة رفض فيها الزيادة المقترحة على طلاب الماستر، وسأل «إلى متى سنبقى رهينة القرارات المفاجئة؟».
عند الوزير
زار وفد اللجنة، الوزير دياب، بحضور غريب، ومستشار الوزير غسان شكرون. وقدم عضو اللجنة عماد سماحة ملخصاً للظلم اللاحق بالموظفين وغير الموظفين ممن مضى على تعاقدهم سنوات. وانتقد التحاصص الذي خضع له ملف التفرغ.
وأوضح رئيس «الاتحاد العالمي لنقابات المعلمين في العالم» د. حسن إسماعيل، أن جزءاً ممن وردت أسماؤهم يستحقون التفرغ، «لكن الفيتو السياسي والطائفي أستبعد الموظفين». وتمنى لو تعاد دراسة الملف بناء على معايير موحدة ولمن يستوفي الشروط الأكاديمية والقانونية. وشدد على أهمية وجود مجلس الجامعة. وانتقد «رعاية زملاء من دون غيرهم»، ورأى أنه لا يمكن بناء دولة في ظل المحاصصات الطائفية.
ونفى دياب وجود أي «فيتو» على الموظفين. وأعتبر أن ملف التفرغ هو على غرار العديد من الملفات التي تعود لسنوات مضت، مؤكداً أن الملف الحالي فيه توازن وطني، لافتاً إلى أن من أولى مهمات المجلس الجديد للجامعة، الذي يأمل تعيينه قريباً، هو إعادة النظر في أوضاع الذين لم يشملهم التفرغ، لا سيما أن هناك حاجات لدى الجامعة بسبب الاختصاصات الجديدة وبلوغ نحو مئة أستاذ سن التقاعد سنوياً. وأوضح أن الموضوع ليس بأكمله عند الوزير «إذا حصلت قابلية للتعيينات سيتم تعيين مجلس للجامعة ووضع ملف تفرغ آخر». وقدمت وفاء نون عرضاً لواقع الأساتذة المتعاقدين، وخصوصاً المصنفين أوائل، والممنوحين منهم من قبل الجامعة، والذين وقعوا عقوداً مع الجامعة كي يمارسوا التدريس بعد نيلهم الدكتوراه، لكن لم تدرج أسماؤهم في ملف التفرغ.
ولفت دياب إلى أن الأساتذة الممنوحين من الجامعة يجب أن يكونوا الأوائل في التفرغ ودخول الملاك لأن الجامعة استثمرت فيهم ووقعوا عقوداً معها تلزمهم بالتفرغ. واعترف الوزير أن تركيبة البلد لا تسمح بمرور أي ملف من دون توازن طائفي.
وبعد سلسلة مداخلات عن التعرض للاساتذة وخفض ساعات تعاقد من يظهر على الاعلام، قال دياب: «بات لدي قناعة بضرورة تشكيل مجلس الجامعة سريعاً».
وبعد خروج الوفد، وإطلاع المعتصمين على مضمون اللقاء، دعا سماحة «المظلومين والمبعدين والمستثنيين من ملف التفرغ إلى المشاركة في الاعتصام عند الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم على طريق القصر الجمهوري، لنقل صوت الاحتجاج إلى مجلس الوزراء، قبيل انعقاده.