لم يكد يلّوح عمّال المتعهد (المياومون) في «مؤسسة كهرباء لبنان» باعتصام تذكيري، احتجاجاً على المماطلة في إنجاز التعديلات على قانون تثبيتهم في ملاك المؤسسة، حتى تلقوا رسائل من بعض المسؤولين في المؤسسة، يهددونهم فيها بالطرد من العمل أو نقل عملهم من مكان إلى آخر تعسفياً، أو استبدالهم بعمّال من مديريات التوزيع التي أصبحت تحت إدارة «شركات مقدمي الخدمات» (sp).
وإذ يحذّر رئيس «الاتحاد العمّالي العام» غسان غصن من «أي إجراء كيدي أو تعسفي في حق العمّال»، يؤكد لـ«السفير» أن «الدستور اللبناني وقانون العمل والمواثيق الدولية، تكفل جميعها حق العامل بالتعبير، إذا أراد الاحتجاج على غبن يلحقه من صاحب العمل، أو المطالبة بتحسين شروط عمله»، داعيا في الوقت نفسه «كل عامل يواجه أية مشكلة في هذا الإطار، إلى إبلاغ الاتحاد أو اللجنة المعنية بملف المياومين فوراً، لمتابعة قضيته مع الجهات المعنية».
وعلمت «السفير» أن «حوالي 425 عاملا فنيا وإداريا في مؤسسة كهرباء لبنان، طالبوا بتحسين أوضاعهم المالية بعد تعاقد المؤسسة مع متعهد جديد، خصوصا في مسألة ساعات العمل الإضافية التي كانت تحتسب لهم سابقاً، فكان جواب عدد من المسؤولين: انهم أخذوا الضوء الأخضر من جهة سياسية معنية، بتنفيذ عقوبة الطرد أو النقل أو الاستبدال في حق كل عامل يريد الاعتصام أو التظاهر أو الإضراب». كذلك «قال هؤلاء المسؤولون للعمّال: أنتم شاركتم بالاعتصام الأخير، فلماذا تريدون ساعات إضافية؟».
وعلى الرغم من تعاطف بعض المسؤولين في المؤسسة مع مطالب العمّال، إلا أن القرار صدر ألا ساعات إضافية مع زيادة ساعات عمل المياومين الفنيين والاداريين، وتحديدها من الساعة 7,30 صباحا إلى الرابعة والنصف عصراً، كما لا تضاف إلى الراتب أيام الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية، والاعتصام، وحتى الغياب بسبب المرض. فيما أجيز للموظفين الثابتين في المؤسسة «43 ساعة عمل أسبوعيا، يضاف إليها حوالي 70 في المئة من الساعات الإضافية المستحقة لهم». والمفارقة، وفق مصادر المياومين، أن «الموظفين ينتهي عملهم الساعة الرابعة عصراً»، سائلين «من يراقب دوام عمل المياومين الذي يستمر إلى الرابعة والنصف؟ أو أن المسألة أصبحت التفنن في الكيدية؟».
ويشير أحد المياومين إلى أن «هؤلاء المسؤولين يضعون العراقيل أما أي مطلب صغير أو تدبير إداري بسيط نحتاجه في العمل، كأنهم ينتقمون منّا، ويذكروننا دائما بأيام الاعتصام، علماً أن اعتصامنا جاء لمصلحة الموظفين الثابتين، إذ نالوا زيادة على رواتبهم، مع تعويضات لم يكونوا يحلمون بها إذا تركوا العمل أو تقاعدوا، وكل ذلك كي لا يشاركوا بأي تحرك احتجاجي».
ويتمنى العمّال المياومون الذي لا يزالون يعملون لمصلحة «مؤسسة كهرباء لبنان»، من «الجهة السياسية الراعية للاتفاق الذي على أساسه رُفع الاعتصام الذي دام 94 يوما في المؤسسة، أن تطلب من أعضاء اللجنة السياسية والقانونية والنقابية المعنية بملفهم، التحقق مما يحدث في مؤسسة كهرباء لبنان من إجراءات تعسفية في حقهم، خصوصاً مع توافر معلومات عن مسعى إحدى الجهات إلى إدخال حوالي 200 عامل جديد للعمل مع المتعهد الجديد».
وقد أثارت هذه المعلومات استغراب المياومين، مشيرين إلى أن «الحجة التي كانت ترفع في وجه أي مطلب لنا، أنه لا أموال، وأن هناك فائضا في العمّال لدى المؤسسة، فعلى أي أساس سيتم إدخال هؤلاء!»، مذكرين في هذا الاطار بأن «عمّال المتعهد، خصوصا من يعملون في محطات النقل والشؤون الإدارية والقانونية والمالية، ظلوا يسيرون العمل في المؤسسة عند المفاصل الدقيقة والحساسة، على الرغم من مشاركتهم في الاعتصام سابقاً، وذلك حفاظا على عدم تفاقم التقنين على المواطنين، أو التأخير في احتساب القيمة على الضريبة المضافة (tva) في مسألة الفيول، أو متابعة بعض المراجعات القانونية الخاصة بالمؤسسة».
وفي سياق متصل، يوضح غصن وهو من ضمن أعضاء لجنة متابعة ملف المياومين، أن «مسألة التعديلات على قانون تثبيت المياومين، خطت خطوات متقدمة من الناحية القانونية، وجرى الاتفاق على كثير من التعديلات على بنود القانون، بعد مناقشة الملاحظات التي تضمن حق العمّال، من ناحية الترشح إلى المباراة المحصورة، وملء الشواغر»، موضحا أن «التعديلات التي وضعها وزير العمل سليم جريصاتي على البنود، كانت أقرب إلى هواجس العمّال منها إلى أي طرف آخر».
ويشير غصن إلى أن «اللجنة المعنية لم تُبلغ رسميّاً حتى الآن، أي موقف مخالف أو رافض لما تمّ الاتفاق عليه بين الأطراف المعنية»، متوقعاً أن «يقرّ قانون تثبيت العمّال المياومين وجباة الاكراء في ملاك المؤسسة، في أول جلسة تشريعية لمجلس النواب».
8 تشرين الاول2012