تتسارع الاستعدادات والاتصالات بين العمّال المياومين وجباة الاكراء لإطلاق تحرك احتجاجي على خلفية عدم تنفيذ البنود الواردة في «الاتفاق السياسي» الذي فكّوا اعتصامهم على أساسه، بعدما دام 94 يوما في «مؤسسة كهرباء لبنان».
وتفيد أوساط المياومين والجباة «السفير» بأن «التحرك المرتقب خلال الأسبوعين المقبلين، سيكون تذكيريا، ويقتصر مبدئياً، على اعتصام لساعتين في محطات التحويل الرئيسة والانتاج، وأمام دوائر المؤسسة في المناطق»، مؤكدة أن «الاتصالات جارية مع مندوبي المناطق كافة لتحديد ساعة الصفر».
وتشير إلى أنه «مضى أكثر من شهرين على فكّ اعتصامنا، ولم نلمس أيّ تقدم جدي في ملفنا، بعدما وعدنا عشرات المرات بإنجاز قريب للتعديلات على قانون تثبيتنا في ملاك المؤسسة تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب، وتسوية أوضاع الرواتب، والعلاقة مع شركات مقدمي الخدمات، خصوصا أن بعضها يتعمد التأخير في دفع الرواتب، فضلا عن عدم تنفيذ وعودها بتحسين أوضاع من يتمتعون بخبرات عالية وكفاءة في العمل».
«أمر ما يطبخ في السر»
وترى أن «المسألة العالقة في إنجاز قانون التثبيت في الملاك، لم تعد تقتصر على «علاج نقطة بسيطة»، و«تحل خلال 48 ساعة»، كما كانت تؤكد اللجنة السياسية والقانونية والنقابية المعنية بمتابعة ملفنا أكثر من مرة، بل يبدو هناك أمر ما يطبخ في السر، إذ ما يحدث على أرض الواقع عمليا، هو مواصلة مساعي أحد الأطراف المعنية، بسط نفوذها على مفاصل أساسية في مؤسسة الكهرباء، وشركات مقدمي الخدمات، ومن هنا، لم تعد لدى هذا الطرف مصلحة في الاستعجال بإصدار قانون التثبيت».
وتلحظ مصادر مواكبة للملف أن «الوضع لا يزال يراوح مكانه، فبرغم إنجاز ما يسمى بالتعديلات على بنود القانون من قبل وزير العمل سليم جريصاتي وأخذه بملاحظات الأطراف المعنية، ومنها المقدمة من لجنة العمّال، هناك من لا يريد لهذا القانون أن يرى النور إلا وفق الصيغة التي يطرحها، ولا سيما في مسألة تقليص عدد الذين يحق لهم الترشح لخوض المباراة المحصورة، عبر استبعاد فئات منها، خصوصا الفئة الثالثة، وعدم مراعاة احتساب سنوات الكفاءة والخبرة، وغيرهما، ما يعني باختصار الخروج عن معظم البنود المتفق عليها سابقا، والتي تضمنها القانون عندما حاز تصويت الهيئة التشريعية في مجلس النواب».
تعثر الشركات.. وخطوات استباقية
وفي سياق متصل، علمت «السفير» أن «بعض شركات مقدمي الخدمات لا تزال تتعثر حتى الآن في إنجاز المهمات الموكلة إليها، خصوصا في ما يتعلق بتصليح الأعطال وتركيب المحولات والعدادات الجديدة ومد الكابلات، وأعمال الجباية بسبب التأخر في قراءة العدادات». وتحسباً لأي خطوة احتجاجية ضدها، «عيّنت هذه الشركات معظم القيادات التي كان له دور فاعل في الاعتصام، في مراكز عليا وأساسية وبرواتب مرتفعة، بهدف ضرب أي تحرك ضدها، وضمان سكوتها عن المطالبة بإنجاز القانون».
ويبدي عضو ناشط في «لجنة المتابعة للعمّال المياومين والجباة» تخوفه مما يحدث، «بعدما أصبح معظم أعضاء اللجنة الذين كانوا يرفضون سيطرة الشركات على مؤسسة الكهرباء، هم من يديرون جزءا مهما من أعمالها التنفيذية حالياً، فيما بقية العمال، لا سيما من يعملون لدى المتعهد، لم يقبضوا رواتبهم حتى الآن». ويؤكد أن «هناك ضغوطا هائلة تمارس على حوالي 425 عاملا معظمهم يعمل في النقل والانتاج، بهدف إخراجهم من المؤسسة، إذ وعدهم المتعهد الجديد بقبض راتب عن 19 يوما من شهر أيلول فقط، أما الأيام المتبقية فسينتظرون حوالي ثلاثة أشهر لاستلامها»، موضحا أن «هؤلاء العمّال وقعوا العقود الجديدة في مكاتب المؤسسة، ولم يروا المتعهد».
«تظاهرات ضدنا.. والتيار من سيئ إلى أسوأ»
وتعليقا على تفاقم التقنين الكهربائي، يعلق أحد المياومين قائلا: «حمّلونا مسؤولية انقطاع الكهرباء، وأطلقوا تظاهرات ضدنا بحجة أن اعتصامنا السابق في مؤسسة كهرباء لبنان، هو السبب في تفاقم التقنين.. وقالوا إن الحل باستلام شركات مقدمي الخدمات، وها نحن رفعنا اعتصامنا منذ أكثر من شهرين، ووضع التغذية بالتيار الكهربائي من سيئ إلى أسوأ».
وعلى هذا الصعيد، يشكك عمّال فنيون في المؤسسة بأن «تجهز عملية التغذية بالتيار من بواخر الكهرباء قبل العام المقبل»، موضحين لـ«السفير» أن «الملف لا يقتصر على فتح اعتماد الدفعة الأولى من كلفة استئجار البواخر التركية وحسب، بل هناك عملية تجهيز المكان البحري الذي سترسو فيه البواخر أمام معملي الذوق والجية، لا سيما أن فترة وقوفها قد تطول»، مشيرين إلى أن «كلفة عملية تجهيز المكان وترتيبه تحتاج إلى ملايين الدولارات، ويستغرق ذلك من شهرين إلى ثلاثة أشهر، إذا بوشر العمل بتجهيز المكانين هذا الأٍسبوع».
أما بالنسبة لعملية استجرار الكهرباء من سوريا وإيران، فيفيدون بأن «هذا العملية لا تزال عالقة، وهي باتت معروفة لارتباطها بملف العقوبات الدولية المفروضة على هذين البلدين، فمن ناحية سوريا هناك مبالغ مستحقة على لبنان بالدولار، لم يتمكن من تحويلها بسبب الرقابة المالية المشددة على حركة الأموال بين البلدين، وهذا ما دفع سوريا إلى إيقاف تغذية لبنان بالكهرباء، ومن ناحية إيران فإن شبكة الربط باتت جاهزة، وخضعت لتجربة ناجحة في البقاع بلغت حوالي 25 ميغاوات، وقابلة للزيادة إلى أكثر من 100 ميغاوات، إلا أن الجانب اللبناني لم يعط إشارة اعتماد عملية الاستجرار حتى الآن، تحسبا لما يترتب على لبنان من تداعيات قد يفرضها المجتمع الدولي عليه بسبب عدم التزامه الحظر الدولي».
يشار إلى أن اللجنة المعنية بمتابعة ملف المياومين مؤلفة من «وزير العمل والاتحاد العمّالي العام وممثلين عن القوى السياسية»، وقد وعدت بإنجاز التعديلات اللازمة على القانون بعد أسبوعين من فك الاعتصام، لكن لم يخرج شيء إلى العلن حتى الساعة.
5 تشرين الاول2012