«الثانوي»: رفع سقف الوحدة النقابية ولململة الــتناقضات

المضغوط لا يضغط. يرسم هذا الكلام لرئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب ملامح الأيام المقبلة عشية استحقاقين تواجههما الرابطة في آن: سلسلة الرتب والرواتب والانتخابات النقابية. في الحالتين يكمن التحدي في صياغة موقف نقابي مستقل وموحد متحرر من الضغوط السياسية. هو موقف بدأ يتبلور في إضراب 8 تشرين الثاني بعد لملمة التناقضات وتجاوز السقوف داخل هيئة التنسيق النقابية. سقف الوحدة النقابية سيعلو وإن كانت لا تزال تحتاج إلى مزيد من الصلابة والتماسك، على حد تعبير غريب الذي رأس أمس الاجتماع الأخير لمجلس مندوبي الرابطة قبل الانتخابات، بمشاركة نحو 94 مندوباً.
رئيس الرابطة وضع المندوبين في تفاصيل معركة بدأت منذ سنتين وشهدت ثلاث محطات أساسية: تعديل الحد الأدنى للأجور وإعطاء زيادة غلاء معيشة، إعادة الاعتبار لموقع أستاذ التعليم الثانوي الرسمي وسلسلة الرواتب لموظفي القطاع العام. لم يكن ملف الأجور ليفتح أو يحكى بسلاسل الرواتب في القطاع العام، بحسب غريب، لولا نضالات أساتذة التعليم الثانوي على مدى 13 عاماً وما حققوه من خلال العشر درجات ونصف. يومها، طرحت الرابطة تصوراً متكاملاً لغلاء المعيشة وأرست ثوابت تحرك هيئة التنسيق. هذه الثوابت تمحورت حول رفض أي زيادة بصيغة مبلغ مقطوع، اعتماد النسب المئوية والشطور وفق نسب التضخم التي لامست آنذاك 110 %، رفع قيمة الدرجة على أن لا تنخفض عن 5 % من أساس الراتب، رفع التعويضات العائلية وفق النسب المئوية ربطاً بالحد الأدنى للأجور ورفض فرض ضرائب جديدة تثقل الفقراء وذوي الدخل المحدود ووقف مزاريب الهدر والفساد في المؤسسات العامة.
أما نتائج التحرك التي لا يمكن القفز عنها، بحسب غريب، فهي انتزاع هيئة التنسيق التمثيل في لجنة المؤشر والسعي إلى تكريسه عبر نصوص رسمية واضحة، بروز الهيئة على الصعيد الشعبي كممثل فعلي لقطاعات تتجاوز حدود المعلمين والموظفين نظراً لحسن إدارتها للتحرك النقابي، الربط بين الزيادة المقرة ورفع قيمة الدرجة وهو ما ساعد لاحقاً في البحث في أرقام السلسلة واعتماد النسب المئوية والشطور بديلاً عن المبالغ المقطوعة ولو أن ذلك حصل جزئياً.
في موازاة إقرار غلاء المعيشة، عملت الرابطة على خط الحفاظ على موقع أستاذ التعليم الثانوي فانتزعت اتفاق وزارتي التربية والمال على: تعيين أستاذ التعليم الثانوي في الدرجة 21 بدلاً من الدرجة 15، الإقرار بفارق 60 % مع الإداري وتقليص فارق الدرجات مع الأستاذ الجامعي المعيد إلى ما كان عليه سابقاً (6 ــ 8 درجات)، تحديد أساس راتب أستاذ التعليم الثانوي الداخل حديثاً في الملاك وإعطاء من هم في الخدمة 6 درجات استثنائية، رفع مستوى الإعداد في التعليم الثانوي واشتراط حيازة الماستر للدخول في الملاك وتعديل قيمة الدرجة من الأساس.
وفي وقت كانت فيه رابطة الثانوي تنجز فيه هذا الاتفاق، كانت دوائر وزارة المال ومجلس الخدمة المدنية تعمل لإنجاز سلسلة رواتب موظفي القطاع العام وسلسلة رواتب الأسلاك العسكرية والدبلوماسية وغيرها.
هنا لا يخفي غريب أن هيئة التنسيق شهدت سجالات حادة داخلها لتحديد ثوابتها، بصورة موحدة نظراً لوجود وجهات نظر مختلفة وتحديداً بشأن الـ60% الخاصة بأساتذة التعليم الثانوي، وقد شكلت الخلاصات التي انتهت إلى تثبيتها مع وزارة التربية أساساً صالحاً لصياغة سلسلة رواتب المعلمين.
الأخطر ما يكشفه رئيس الرابطة للمندوبين من معلومات بشأن تشاور الحكومة مع المؤسسات المالية الدولية من بنك دولي وصندوق نقد دولي لإعادة النظر بإجراءات مؤتمر باريس 2 وباريس 3 ومنها التعاقد الوظيفي. بكلام آخر، ستكون هناك هجمة على الحقوق المكتسبة من بوابة نظام التقاعد والصناديق الضامنة.
لا خيار، برأيه، سوى بامتناع الموظفين عن تسيير أعمال الدولة لمقاومة السياسة المالية والاقتصادية و«فرض السلسلة التي نريدها وليس تلك التي يريدونها».
وبالنسبة إلى الانتخابات فهي ستجري في مواعيدها وستسير جنباً إلى جنب مع التحرك فينتخب المندوبون في الثانويات ابتداءً من الجمعة 16 الجاري وحتى السبت 1 كانون الأول المقبل ضمناً، على أن ينتخب أعضاء الهيئة الإدارية الأحد في 23 كانون الأول المقبل، في ثانوية عمر فروخ الرسمية. يذكر أن بعض المندوبين طرح تأجيل الاستحقاق بانتظار تعديل النظام الداخلي، لكن ذلك لم بحظ بالموافقة، باعتبار أنّه ليس سبباً قاهراً.
إلى ذلك، كان موقف مجلس المندوبين أكثر تقدماً من هيئة التنسيق النقابية لجهة تبني الإضراب المفتوح ومحاولة تثبيت ذلك مع المكونات الأخرى لهيئة التنسيق في الاجتماع الذي تعقده غداً الثلاثاء في مقر نقابة المعلمين.