أصدر عدد من الأساتذة الجامعيين ما سموه "نداء الجامعة اللبنانية"، بعدما استخلصوا نقاط تقاطع من أحاديث تدور بين كثيرين من أساتذة يشكلون أكثرية قلقة على مستقبل الجامعة.
جاء في النداء الذي يمكن أن يفتح نقاشاً حول الجامعة: ما قيمة التعيينات في الجامعة إن كانت لا تقدّم نموذجاً حضارياً عن اللاطائفية، أو على الأقل عن المداورة بين طوائف العمداء في الكليات وتقدّم نموذجاً حضارياً لمقاربة المواطنة وتقديم المصلحة العامّة على مصلحة البعض!
ما قيمة التعيينات في الجامعة عندما تأتي بروحيّة تكريس الطوائف في إدارة كليات الجامعة؟... وهل سننتهي في الوطن إلى تكريس للطوائف في مواقع المعلّم في المدرسة وشرطي السير في ساحة أو تقاطع أو شارع ما؟ أليس في التصاق كلية ما باسم طائفة ما تقسيم جدّي للوطن ومحاصصة لا تجوز في صرح كالجامعة؟ هل يكرّس أهل الجامعة أو يقبلوا في تكريس واقع تقسيم الكليات وربطها بأسماء الطوائف في زمن تخطى حروب التقسيم؟ علما أن طوائف عمداء كليات الجامعة لم تكن يوما حكرا على طائفة واحدة.
أضاف النداء: ما قيمة التعيينات في الجامعة إن كانت ستأتي بعمداء لا يصبّ تخصصهم الأساسيّ في أيّ من التخصصات الأساسيّة في الكليّة، فيأتي مثلا ً(وبحسب ما يدور في الكواليس) متخصص في علوم الكيمياء الاحيائية على رأس كلية السياحة، أليس من الأجدى أن يؤتى بالمرشح المشار إليه في كلية الصيدلة الأقرب الى تخصصه، وبالتالي يكون قد تمّ تعيين عميد من الطائفة التي يحق لها بعميد واحد في موقع تخصصه الطبيعي، ويكون قد تمّ احترام التوزيع الطائفي؟ وأكثر من ذلك، هل جرت المفاضلة بين ملفات المرشحين على أساس الكفاءة والبحوث والشخصية العلمية ليتم اختيار أفضلهم للعمادة، وفي حد أدنى هل ستحترم التعيينات مطابقة تخصص المرشّح للتخصصات الأساسية في كليته ( فقد تناهى إلينا أنّ عدم مطابقة تخصص المرشح لعمادة كلية السياحة تتكرّر على الأقل في كلّية أّخرى).
وما قيمة التعيينات أيضاً إن كانت لا تحترم أسس العملية الديمقراطية، وتأتي بروح القانون 66 وبالتالي حيث "طُبِخَت" لوائح المرشحين بما يفرض في الكليات عمداء من طوائف معيّنة؟ لا يرى أكثر أهل الجامعة مشكلة في أن يعود عميد إلى موقعه في الكلية عينها لأنّه نجح في تحمّل مسؤولياته وتقدّم بالكلية التي يتحمل مسؤولية عمادتها، ولكن المنطق يرى والغيارى على الوطن والجامعة الوطنية يرون مشكلة حقيقية وتهديدا لمستقبل الجامعة في أن يأتي عميد إلى كلية لأنّ عليه أن يكون من طائفة معيّنة.
ولا نعتقد أنّ رئيس الجمهورية بنزاهته ومشروعه الوطني الساعي إلى إعادة بناء الدولة، ولا رئيس الحكومة بما هو عليه من رغبة في أن يؤسس في الوطن لمرحلة وسطية، يسمحان في حصول هكذا تكريس للطائفية في عمادات الكليات، ولا هما يقبلان أو يوافقان على تعيينات عمداء لا تأتي بمستوى التطلعات لبناء دولة. لا نعتقد أنّ رئيس مجلس النواب يرفض الإصلاح والنهوض بالجامعة ويقبل بتعيينات تكرّس الطوائف في الكليات هو المؤتمن والمنادي بإلغاء الطائفية. ولا نعتقد أنّ تيار الإصلاح والتغيير يقبل تعيينات من خارج المداورة العلمية الطابع والمرنة، ولا نعتقد أنّ كتلة النضال تقبل بتعيينات لا تنسجم مع نضالها الطويل مع الفطايري من أجل الجامعة. ولا نعتقد أنّ تعيينات تقسّم الكليات إلى مواقع طائفية تُرضي الشرفاء في أكثر من حزب أو فئة كما أنها لا تُرضي رؤساء الطوائف ومجالسها.
ولا نعتقد أنّه في مصلحة أبنائنا وأهل الجامعة، ورابطة الأساتذة في الجامعة، وسمعة الجامعة وسمعة الوطن أن تأتي التعيينات لعمداء في الجامعة اللبنانية بما لا يحترم ويقدّم الكفاءة، وبما يقدّم الشخصية العلمية للمرشح وانسجام تخصصه مع تخصصاتها الأساسية.
وختم: إن كانت التعيينات الآتية غير قادرة على العمل بروح المسؤولية العلمية والتاريخية تجاه الوطن وجامعته، دعكم من التعيينات، اتركوا الأمور على ما هي عليه فلا يُحسَب على رئيسَي الجمهورية والحكومة، أنهم أقدموا على خطوة لا تشبه تطلعاتهم ولا طموحاتهم... ولا يقال إنّ رئيس مجلس النواب أو تيار الإصلاح والتغيير، أو كتلة النضال، أتوا بعمداء لا يحمل اختيارهم صورة عن الوطن الذي تريد أن نبني، ولا يؤخذ أنّ الوزراء بما يمثلون، ومنهم متخرجون من الجامعة اللبنانية كوزيرالزراعة، أهملوا واحدا من أهم ملفات الوطن: الجامعة اللبنانية.