استنفرت استراتيجية الجامعة اللبنانية المعوقين. لم يقرأ هؤلاء كلمة واحدة عن حقوقهم في خطة رئيس الجامعة. الأخير طالبهم بتقديم رؤيتهم خطياً
فاتن الحاج
هل تبخر ذوو الاحتياجات الخاصة من استراتيجية تطوير الجامعة اللبنانية؟ السؤال فاجأ رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين. لم يخطر ببال الرئيس أن تلقى خطة النهوض بالمؤسسة الوطنية كل هذا الاستنفار من جانب هذه الفئة تحديداً. هي مجرد رؤية للنقاش أعدها بعد عام واحد على توليه رئاسة أكبر صرح تربوي قبل إقرارها في مجلس الجامعة. يبدو الرجل مطمئناً إلى أنّ العلاقة مؤمَّنة مع المعوقين، فالجامعة لم تميّز في سياساتها العامة على مر تاريخها بين أهلها، سواء أكانوا طلاباً أم أساتذة أم موظفين، والأمثلة كثيرة على استيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة في صفوفها.
في ما عدا ذلك، كل القضايا الأخرى هي، برأيه، من صلاحية الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية. بدت على الرئيس ملامح الاستهجان: «لا أفهم ماذا تريدون. نحن معكم في جبهة واحدة. من قال إنّ الجامعة ضدكم؟ قولوا لي أين قصّرنا وأين أخطأنا؟».
كان لافتاً أن يسأل السيد حسين: «ما هي العلاقة المباشرة بين الجامعة ومطالبكم؟». السؤال بحدّ ذاته ينطوي على إشكالية تعبّر عن موقف مسبق، بحسب مديرة البرامج في اتحاد المقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيس.
استغرب الرئيس ذهاب الاتحاد إلى الاعتصام أمام الإدارة المركزية للجامعة حتى قبل التفكير في إطلاعه على المطالب قبل التصعيد. الأمر جعل الرئيس يفكر في ما إذا كانت هناك جهة تحرّك هؤلاء بالسياسة. هذا ما قاله لهم خلال استقباله وفداً من الاتحاد عقب الاعتصام. استفزّ الكلام اللقيس، وسألت عمّا إذا كان هذا اتهاماً لفئة تجهد منذ 12 سنة لإرساء المعايير الدامجة في المؤسسات العامة والخاصة من دون أن يكون هناك أي مراجعة جدية على هذا الصعيد. أضافت: «لم نطلب موعداً لأننا نرفض هذه الخطة من أساسها، ونطالب بأن نكون في كل مفصل في الجردة الذاتية التي تقومون بها».
أوضحت اللقيس أنّ القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين يفرض على المؤسسات إعادة صياغة سياساتها لتستطيع خدمة كل المواطنين من دون تمييز. المعوقون لم يروا ترجمة الكلام الجميل للرئيس في الخطة العتيدة. هنا تدخل الرئيس ليقول «إنّ العلاقة معكم معكوسة على الأرض قبل النصوص». يعلم ذوو الاحتياجات الخاصة أنّ حجز وظائف لهم لا يكون في يوم وليلة، بحسب اللقيس، لكنهم «لم يقرأوا في الاستراتيجية كلمة واحدة تتعلق بحقوقهم، وهذا بمثابة إقصاء وإعدام وإلغاء». حاول السيد حسين أن يشرح للوفد أنّ الخطة ـ الرؤية تختلف عن مشروع قانون الجامعة الذي سيراعي بطبيعة الحال كل الشرائع والقوانين العامة. في هذا القانون سيكون لكلية الصحة العامة ومعهد العلوم الاجتماعية دور في التواصل مع كل الفئات الاجتماعية.
تدخل الأستاذ في كلية الإعلام والتوثيق د. علي رمال الذي حضر اللقاء ليقول إنّ الخطة أكاديمية بحتة وإنّ الجامعة متفاعلة مع ذوي الاحتياجات الخاصة «وتتجاوز حتى الكوتا 3% التي تطالبون بها».
هنا شددت اللقيس على أهمية تأليف فريق استشاري يضم الجمعيات التي تعنى بالمعوقين وأهاليهم لوضع «إضافات على خطتكم ومأسسة حقوقنا والمضي في الإصلاح الذي تنشدونه». عندها طلب السيد حسين إعداد ورقة «تشرحون فيها ما هو المطلوب من الجامعة». وانتهى اللقاء بأن تتداعى الجمعيات المدنية المعنية بذوي الإعاقات إلى عقد ورشة عمل لوضع الاقتراحات وتقديمها إلى رئاسة الجامعة تمهيداً لدمجها في الخطة.
قبيل اللقاء، أوفد رئيس الجامعة مسؤول العلاقات العامة غازي مراد للاستفسار عن المطالب، فرفض المعتصمون ذلك وأصروا على لقاء السيد حسين لشرح قضيتهم، على قاعدة «أنّ حياتنا ليست تفصيلاً لتضعوها جانباً».
وكان نائب رئيس الاتحاد د. مروان البسط قد تلا المذكرة المطلبية التي سلمها الوفد للرئيس وفيها «طعن في الخطة، التي لا تسمح للجامعة بأن تكون للجميع، ولا تستجب لحاجات الناس من دون تمييز، وأقصت المعوقين عن المشاركة والحق بالتعلم والعمل لشريحة واسعة من الموظفين».
لم تلحظ الاستراتيجية، بحسب البسط، الدمج في البنى، الانظمة، المناهج، الفلسفة، التنظيم، التكنولوجيا، السوق والحداثة. وأكد الرجل محاسبة من أعد الخطة ومن تبناها بوضعها الحالي لأنّها تدعو إلى استمرار عزل فئة الأشخاص المعوقين وحرمانهم اكتسابَ العلم والمعرفة، وبالتالي حقَّهم في العمل وتمكينَ ذواتهم.