حلّ إدارة «سبينيس» لعمّالها: تي رش رش!

وقفة التضامن التي نفذتها لجنة أصدقاء عمال سبينيس، أمام فرع الشركة في الأشرفية، حوّلتها الإدارة إلى مواجهة بين بعض العمّال وزملاء لهم ينادون بحقوقهم النقابيّة. فكان المشهد الآتي: «النقابة هي الحلّ» Vs «تي رش رش... تي رش رش»
حسن شقراني

اعتقد بعض المارّة أنّ إدارة شركة «سبينيس» تُنظّم حفلاً موسيقياً أمام فرعها في منطقة الأشرفية. آليّة مجهّزة بمكبّرات الصوت أطلقت قبل الدقائق الأولى لساعة الذروة أغاني شعبيّة مختلفة. لكنها ليست حفلة. ليس حدثاً لإمتاع الزبائن. هدف هذا البثّ كان التشويش على حدث في المقلب الآخر من الفاصل الذي أمّنته قوى أمنية بكثافة.

هناك، كانت لجنة أصدقاء عمال سبينيس والعمال الناشطون لتأسيس نقابتهم ينفذون وقفة تضامن مع موظفي تلك الشركة في نضالهم لتشكيل نواة حقوقية حقيقية في هذا العملاق التجاري.
«النقابة هي الحلّ» صرخ الناشطون من هذه المجموعة. هي الحلّ لأنّها يُفترض أن تؤمّن للعمال حيزاً يحفظ حقوقهم في المفاوضات مع ربّ العمل ويحمي المطالبين بتطبيق القانون من الطرد والتنكيل، وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية.
فالمعروف أنّ إدارة الشركة لم تُطبّق مرسوم تصحيح الأجور على نحو قانوني، تُشغّل الحمّالين من دون أي أجر يومي، وتحرم الكثير من العمال من التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وهذه وقائع موثّقة من لجنة التحقيق الخاصة في الصندوق ومن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتّحدة.
منذ انطلاق الحراك الحقوقي في الشركة التي تُشغل 7 فروع في لبنان وتوظف 1500 عامل، طُرد الناشط سمير طوق، وزميله، رئيس الهيئة التأسيسية للنقابة، ميلاد بركات، وعضو الهيئة إيلي أبي حنّا، وصولاً إلى الاعتداء بالضرب على أمين سرّ الهيئة مخيبر حبشي.
كان هؤلاء الأربعة حاضرين في الوقفة التضامنية أمس، رفعوا سواعدهم هاتفين لزملائهم بالانضمام إلى الحراك النقابي لكي تكون العلاقة طبيعية مع مشغّلهم. بطبيعة الحال، هم لا يريدون أذية الشركة كونها تُشكّل مصدر رزقهم ورزق المئات من زملائهم، غير أنّهم يريدون أن يكون وضع عملهم قانونياً ومحترماً.
غير أنّ إدارة الشركة وضعتهم ـــ بالإضافة إلى الناشطين في لجنة دعمهم ـــ في مواجهة بعض زملائهم الذين رقصوا على أنغام الأغنيات الشعبيّة التي علت في المكان.
المشهد توقّعه سمير طوق. صرخ عبر مكبرات الصوت متوجّهاً إلى زملائه في المقلب الآخر: «أين قوّتكم؟ نحن ضحينا بكل شيء لكي تتحرّروا. دافعوا عن حقوقكم. أنتم إخوتنا وأهلنا وزملاؤنا... أين قوتكم يا إخوتنا».
وزير العمل سليم جريصاتي كان قد وعد، قبل قبوله طلب تأسيس النقابة، بإعادة بركات إلى عمله لأن طرده غير قانوني. بيد أنّ ذلك لم يحدث. كذلك فإنّ الوزارة لم تحمِ زملاءه الآخرين، ويبدو أنّها تتغاضى عن تصفية الهيئة التأسيسية للنقابة ومنعها من إجراء انتخاباتها.
توجّه بيان لجنة أصدقاء العمّال إلى سليم جريصاتي تحديداً: «نطالب وزارة العمل بالتحرّك فوراً، وبعيداً عن أيّ حجج أو ذرائع، لفرض تطبيق القانون وحماية العاملات والعمال من الضغوط التي تُمارس عليهم لحرمانهم من حرّية إنشاء نقابتهم».
كذلك طلب البيان من إدارة الشركة أن «تبدأ فوراً بحوار مباشر مع النقابة وأن تحترم حق العمّال والعاملات بالمفاوضة الجماعية»، وأن «تلغي فوراً كل الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها ضد أعضاء الهيئة التأسيسية للنقابة، والناشط النقابي سمير طوق، وأن تعيد جميع المصروفين الى عملهم من دون أي تأخير».
خلال تلاوة البيان، تساءل بعض المارّة: ماذا يحدث؟ لمَ هذا التجمّع؟ أجابهم آخرون: هذه المجموعة تُطالب بتطبيق القانون وحماية العمّال وإنشاء نقابة. وأولئك يقفون في وجههم ويؤلّبون زملاء لهم عليهم.
وفي الواقع، يبدو واضحاً من مختلف الإجراءات التي تقوم بها إدارة الشركة أنّها لا تريد أن تُنظّم الهيئة التأسيسية للنقابة انتخابات مجلسها التنفيذي المقرّرة قريباً. وهو ما أشار إليه البيان الذي طالب الإدارة «بخلق الأجواء المناسبة لتسهيل ممارسة العمال لحقهم القانوني والديموقراطي».
القضاء له دور أيضاً في تسوية المشهد، وفقاً للبيان، فهو مطالب «بالإسراع في ملاحقة المعتدين على النقابي مخيبر حبشي وسوقهم إلى المحاكمة... كما لن نرضى بأي تدخلات سياسية لحماية المعتدين، وسنلاحق هذه القضية حتى النهاية».
والمعركة التي يخوضها العمال في «سبينيس» لها أبعاد على صعيد البلد بمجمله. فالحكومة ومجلس النواب مطالبان باحترام الدستور والقانون الدولي وإبرام اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 من دون أي تحفظ، وإجراء التعديلات اللازمة على قانون العمل من أجل صون الحرية النقابية وحق التنظيم، بحسب البيان.
مجتمع
العدد ١٨٥٨ الثلاثاء ١٣ تشرين الثاني ٢٠١٢