لماذا يمكن اعتبار الجامعتين الاميركية والعربية طوائفيتين؟

نظمت مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي في الشهر الماضي ورشة عمل لتبادل المعرفة حول المواطنة والحقوق الإجتماعية، ركزت على الدور الاجتماعي للمؤسسات الطوائفية في توفير الخدمات التعليمية والصحية مبينة كيفية ممارستها للسلطة، تدخلها في صياغة السياسات العامة، نظرتها للمواطنة والمساواة في النوع الاجتماعي، وانعكاس ذلك على ممارساتها.
وعلى الرغم من اتفاق الكثير من المشاركين/ات على أن النظام الطائفي في لبنان يمثل بالفعل عقبة أمام إحقاق المواطنة والمساواة في النوع الاجتماعي وحاجزاً أمام الدور الرئيسي الذي يجب أن تضطلع به الدولة، برزت خلال ورشة العمل عدة تساؤلات حول دور المؤسسات الطوائفية في التعليم العالي وكيفية تصنيفها مما يدفعنا للتوقف قليلا لتوضيح تلك المسألة.
في لبنان 41 مؤسسة للتعليم العالي الخاص، الى جانب الجامعة اللبنانية الوطنية، مرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم العالي وموزّعة بين جامعات خاصة (عددها 31)، المعاهد والكليات الجامعية (7)، المعاهد الجامعية للدراسات الدينية (3). وبحسب تصنيفنا تنقسم الجامعات الخاصة (41) الى فئتين: الخاصة الطوائفية التي يبلغ تعدادها 17 جامعة، تضم نحو 90 الف طالب/ة، و14 جامعة خاصة تجارية تضم نحو 10 الاف طالب وطالبة، بينما تستقبل الجامعة اللبنانية 75 الفا.
اما في موضوع التصنيف، فقد اعتبرت من الجامعات الطوائفية كل جامعة توفر فيها واحد من المعيارين التالين:
1- تمّ إنشاؤها من قبل إرساليات، ولعلّ أبرز مثال على ذلك الجامعة الأميركية في بيروت التي تأسست عام 1866، وأطلق عليها في ذلك الوقت اسم الكلية السورية البروتستانتية، وقد أسسها الداعية الأميركي دانيال بليس، وكذلك الجامعة الاميركية اللبنانية، واليسوعية، والهيغازيان الخ....
2- تلك التي ترتبط مباشرة او غير مباشرة بهيئة دينية لبنانية أو وقف إسلامي، مثل الجامعة اللبنانية الدولية التي يملك أسهمها الوزير السابق عبد الرحيم مراد وتمّ إنشاؤها على وقف تابع للنهضة الخيرية الإسلامية، وكذلك جامعة بيروت العربية إحدى مؤسسات وقف البر والإحسان، وجامعتي الكسليك والبلمند الخ....
3- وتجدر الاشارة هنا ان هذا التصنيف غير مرتبط بكون المؤسسات الخاصة التجارية منها والطوائفية تفرض رسوما باهظة اجمالا، الا ان الفرق يكمن في ان الفائض المالي في حالة المؤسسة التجارية هو ربح مالي لمالكيها في حين انه اذا تحقق في الحالة الثانية، تتصرف به الموسسة الطوائفية بحسب سياستها. كذلك يلاحظ امكان حصول المؤسسات الطوائفية على مساعدات في حين ان ذلك متعذر بالنسبة للجامعات الخاصة الاخرى.

على ضوء ما سبق، يبدو جليا مدى هيمنة المؤسسات الطوائفية على التعليم العالي في لبنان، الي جانب دورها المماثل في التعليم الاساسي، مما يستدعي التفحّص والبحث المعمق في تاثير تلك الهيمنة على الوحدة الوطنية، المواطنة وحقوق المواطنين والمواطنات.