مجلس الوزراء رخّص لـ"الجامعة الدولية في بيروت" (BIU) بلا إعلان رسمي

فجأة ومن دون سابق انذار، وبلا اعلان رسمي، رخّص مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة أول من أمس لشركة ديبلوماكس بانشاء الجامعة الدولية في بيروت BIU والذي كان تقدم به الوزير السابق عبد الرحيم مراد، رغم تحفظ المدير العام للتعليم العالي أحمد الجمّال وتقرير اللجنة الفنية السلبي.

علمت "النهار" من مصادر وزارية أن ملف الترخيص جرت الموافقة عليه من دون اعتراضات في مجلس الوزراء، بعدما شرح وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب أهمية الترخيص وداعياً الى امراره، ومشدداً على انه يستوفي الشروط القانونية ويلتزم التعهدات التي حددها مجلس التعليم العالي.
لكن الاعلان عن مقررات مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة لم يتضمن أي إشارة الى الترخيص لملف الجامعة، والذي شكّل مادة خلاف قانونية، خصوصاً مع اعضاء جمعية وقف النهضة الخيرية الاسلامية في البقاع، والتي هي صاحبة الترخيص للجامعة اللبنانية الدولية LIU، اذ ان مشروع المرسوم الذي أقرّه مجلس الوزراء يستبدلها بالجامعة الدولية في بيروت.
وصل مشروع المرسوم الى مجلس الوزراء من وزير التربية في 29 تشرين الثاني الماضي، ورد فيه الدكتور حسان دياب على مطالعة المستشار القانوني لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي أنجزها بتاريخ 7 تشرين الثاني الماضين وفيه ان الملف المرفوع الى مجلس الوزراء لم يتضمن كتاب اعضاء مجلس وقف النهضة الخيرية الاسلامية، وهو لم يعرض على وزارة التربية، وان مشروع المرسوم المرفوع الى مجلس الوزراء لم يتضمن إلاّ المشروع مرفقاً بتوصية مجلس التعليم العالي كما جرت العادة في مثل هذه الحالات.
وفي المشروع الذي رفعه وزير التربية، ان شركة ديبلوماكس (شركة مدنية) قد تقدمت بطلب لانشاء مؤسسة خاصّة للتعليم العالي على عقار تملكه في بيروت في المصيطبة رقمه 1111، باسم الجامعة الدولية في بيروت، ارفق بكل المستندات والبيانات والتعهدات المطلوبة قانوناً والمقرّرة بمقتضى أحكام المادة الثانية من المرسوم 9274 تاريخ 5/ 10/ 2012.
اضاف، أن مجلس التعليم العالي، وبعد اطلاعه على تقرير اللجنة الفنية وعلى تعهدات الشركة طالبة الترخيص قد خلص في الجلسة رقم 8/ 2012 تاريخ 22/ 8/ 2012 وفي الجلسة رقم 11/ 2012 تاريخ 2/ 10/ 2012 الى التوصية بالترخيص لهذه الشركة على أن تنفذ ما تعهدت به بعرض طلبها.
ولفت الى أن مشروع المرسوم تضمن في مادته الثانية: "تمنع المؤسة من المباشرة في التدريس قبل تنفيذ تعهداتها، والأخذ بملاحظات اللجنة الفنية، لجهة مجالس المؤسسة والهيئة التعليمية المناسبة والمباني والمختبرات والتجهيزات اللازمة للتخصصات وفقاً لملف الطلب.
وذيل دياب مشروع المرسوم بأنه يعيد ملف الطلب لعرضه على مجلس الوزراء مع اقتراح الموافقة عليه بالترخيص لشركة ديبلوماكس بانشاء الجامعة الدولية في بيروت.
ويرمي مشروع المرسوم الى الترخيص للجامعة الجديدة رغم الخلاف القانوني، ورغم التقارير التي اعتبرت ان الملف لا يستوفي الشروط. وتتضمن الجامعة مستوى البكالوريوس في الكليات للتخصصات الآتية:
1 – كلية الادارة والاعمال، التراكيز: ادارة، ادارة الاعمال الدولية، المعلوماتية الادارية، الادارة الفندقية والسياحية، العلوم المالية، التسويق، والاقتصاد.
2 – كلية الفنون: غرافيك ديزاين، تصميم داخلي، فنون التواصل، الاعلان، الراديو والتلفزيون.
3 – كلية الآداب والعلوم: علوم الكومبيوتر، تكنولوجيا المعلومات، الرياضيات، الفيزياء، اللغة الانكليزية وآدابها، الترجمة.
4 – كلية التربية: تعليم أساسي ورياضة الأطفال، دبلوم في التعليم.
لكن بحسب المعلومات، التي تتعارض مع ما نص عليه مشروع المرسوم لوزير التربية، فإن محضر جلسة مجلس التعليم العالي لسنة 2012 (قرار رقم 2 تاريخ 2012/8/22 تضمن الآتي:
- ان الملف لا يستوفي الشروط القانونية الاساسية للترخيص.
- اوضح المدير العام للتعليم العالي ان شركة ديبلوماكس تضع يدها حاليا على الجامعة اللبنانية الدولية، كما ان معظم الشروط الفنية الخاصة بالكليات التطبيقية غير متوافرة. ورغم الموقف السلبي للجنة الفنية للتعليم العالي، وتحفظ المدير العام للتعليم العالي الدكتور احمد الجمال، فإن مجلس التعليم العالي اوصى بالترخيص للجامعة.
وقد اودعت وزارة التربية في كتابها رقم 2012/1388 تاريخ 10/12/2012 مشروع مرسوم جديد لا يختلف عن المشروع الاول الا باضافة الترخيص لكلية الهندسة الى الكليات الاخرى.
وكان مشروع المرسوم الاول قد احيل الى المستشار القانوني في رئاسة مجلس الوزراء الدكتور يوسف نصر، الذي رفع تقريرا افاد فيه ان اللجنة الفنية المكلفة دراسة الطلب لفتت الى انه لا يستوفي الشروط القانونية الاساسية (عدم توافر المباني). كما ان هناك تضاربا في المصالح ناشئ عن كون مقدم طلب الترخيص، مدير شركة ديبلوماكس هو نائب رئيس الجامعة المذكورة، وان ابناء رئيس الجامعة عبد الرحيم مراد يملكون ثلثي الحصص في الشركة طالبة الترخيص، علما ان مدير الشركة هو صهر رئيس الجامعة.
اضاف نصر، انه يتبين في تاريخ 2012/10/3، ورود كتاب موجه الى رئيس مجلس الوزراء وموقع من اعضاء الهيئة الادارية لجمعية النهضة الاسلامية، هم الشيخ حسن القادري والدكتور محمد صميلي وعدنان احمد حمدان قاضي البقاع الغربي الشرعي، وقد ارفق الكتاب بمقال صادر في "النهار" بتاريخ 2012/8/22 للزميلة روزيت فاضل.
وورد في الكتاب ان الموقعين اطلعوا على ما ذكر في "النهار" من تفصيل عن تقرير اللجنة الفنية الذي يبين ان هناك نية لنقل فروع تابعة للجامعة اللبنانية الدولية (التي هي ملك لوقف النهضة الاسلامية) الى جامعة جديدة. وقد طلب موقعو الكتاب اجراء التحقيق اللازم. في ما يتعلق بالملف قبل الترخيص للجامعة حرصا على مال الوقف.
تابع نصر: بما انه يتبين من مقالة "النهار" ان رئيس الجامعة اللبنانية الدولية قد صرح لـ"النهار" عن النية لنقل تسمية فروع الجامعة في كل من صيدا وصور وطرابلس والنبطية وعكار الى تسمية "جامعتنا الجديدة" اي الجامعة الدولية في بيروت. وبما انه يستفاد ايضا من الكتاب المرفوع الى مجلس الوزراء وما ورد في مقالة "النهار" فضلا عما تمت الاشارة اليه في تقرير اللجنة الفنية وتحفظ المدير العام للتعليم العالي، ان هناك اشكالية قانونية تتعلق بملكية الجامعة اللبنانية الدولية التي تعود ملكيتها لوقف النهضة وطلب الترخيص للجامعة الجديدة، وبما ان ابداء الرأي وبالتالي الترخيص يتوقف على حسم الوضع القانوني لمختلف المسائل، حيث الامر غير متوافر حاليا، يقتضي الطلب من وزارة التربية استكمال الملف بايداع المستندات المتعلقة بملف الجامعة LIU بكل عناصره ومستنداته، الى كامل طلب الترخيص من ديبلوماكس، ليبنى على الشيء مقتضاه.
وبما ان رأي اللجنة الفنية غير ملزم لمجلس التعليم العالي، الا ان مجلس الوزراء يبني موافقته بالترخيص على التأكد من توافر الشروط الثانوية، والتي يفترض ان يشكل توافرها السند الرئيسي لموافقة مجلس التعليم العالي وتوصية بالانشاء. بالاضافة الى ما ورد في توصية مجلس التعليم العالي بأن مديره العام اوضح ان شركة ديبلوماكس تضع يدها حاليا على هذه الجامعة وانها وراء كل مخالفاتها (المطالعتان بتاريخ 2012/10/18 و2012/11/7). اما وزير التربية فلا تتضمن توصيته سوى انا اللجنة الفنية اعتبرت ان الشروط القانونية غير متوافرة.
وبعدما اوضحت وزارة التربية في كتابها رقم 1388 ما ورد في مطالعة المستشار القانوني وأعادت رفع مشروع المرسوم الى مجلس الوزراء، افاد الدكتور يوسف نصر ان المشروع الجديد يحمل المضمون نفسه للمرسوم المطلوب سحبه، وان المستندات المرفقة بكتاب الوزارة، والتي كانت من الاسباب التي ادت الى وضع المطالعة السابقة، هي على حالها القانونية السابقة. وأكد مطالعته الاولى.
ويتضح مما سبق انه وفقا للمستشار القانوني فان مجلس التعليم العالي قد خلص الى التوصية بالترخيص للشركة بانشاء الجامعة من دون اي تعليل ومن دون اي رد او مناقشة للمخالفات التي اوردها تقرير اللجنة الفنية.
اما المقدمات التي استند اليها مجلس الوزراء بترخيصه للجامعة، فهي انها تستوفي الشروط القانونية بعدما اصر وزير التربية والتعليم العالي على الترخيص.
وكان سبق ان التقى الاثنين الوزير السابق عبد الرحيم مراد والنائب عباس هاشم لساعتين وناقشا مطولا ملف الترخيص لامراره في مجلس الوزراء، وهذا ما حصل. لكن السؤال يبقى لماذا لم يعلن عن الترخيص في مقررات مجلس الوزراء؟