جمعية المقاصد تتخبط في أزمتها... والديون تتراكم معلمون يتقاضون نصف رواتب واقفال عدد من المدارس

في الشارع البيروتي كلام عن ان البيوت العريقة والعائلات لم تتحرك لاخراج جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية من الازمة التي تمر بها، ويبدو ان الانقسامات السياسية الحادة، جعلت الفاعلين والقادرين يدعمون مؤسسات خارج نطاق مصالحهم.

لعل الاهتمام بملف المقاصد المالي يفرض نفسه لأن ذاكرة اللبنانيين تشهد لدور المؤسسة الريادي في التربية والتعليم والذي انطلق مع دولة لبنان الكبير، وانتشر بكثافة في المدن والقرى، وهذا يعود الى جهد خاص قامت به لجان أبناء المسلمين في القرى.
ولا يخفى اليوم على أحد أن دعم المؤسسات التربوية الخاصة لا يدخل عموماً في أولويات المؤثرين في القرار، وهذا ما ينطبق على مؤسسة المقاصد التي تستمر تعاني اوضاعاً صعبة جداً، وقالت مصادر لـ"النهار" إن الموازنة السنوية التي تحتاجها مؤسسات المقاصد التربوية والصحية تصل الى 50 مليون دولار، ويتراكم عجزها السنوي الى 10 ملايين دولار. وتوفر المقاصد العلم مجاناً لعشرة الآف تلميذ يتوزعون في 44 مردسة في لبنان (38 خارج العاصمة و6 في بيروت).
يعتمد الدعم المالي للمؤسسات التربوية على الموارد التي تنالها من أوقافها، املاكها والتبرعات التي تتوافر لها من بعض الدول او الخيرين. واشارت المصادر الى ان المستحقات التي تنتظرها المقاصد من وزارتي الصحة والتربية تصل الى 20 مليار ليرة. فوزارة التربية تدفع اليوم مستحقات المدارس الخاصة المجانية العائدة للعام الدراسي 2008 – 2009، وهذا التأخير "يرهق" سير عمل الجمعية عموماً، اضافة الى أن نصف عدد المرضى يتلقون العلاج في مستشفى المقاصد على نفقة وزارة الصحة، والتي تتأخر غالباً في سداد مستحقاتها للمستشفيات. وفقدت المقاصد مدخولاً ثابتاً يعود الى واقع قانون الايجارات المجحف والاهم أنها فقدت أيضاً دعماً أساسياً لها بعد خسارتها املاكها في وسط العاصمة، التي طالما شكلت الركن الأساس في موازنتها المالية. وأكدت المصادر ان مساحة هذه الاملاك تصل الى 12000 متر مربع قايضتها شركة سوليدير المولجة اعادة اعمار الوسط التجاري بعدد من الأسهم المقدر ثمنها بـ20 مليون دولار.
اما التبرعات فترتبط بالزكاة عند المسلمين التي تدخل ضمن الخمسة أركان لديهم، وتفعل نسبياً بنسبة قليلة. لكن المساعي، كما علمنا، تمضي على قدم وساق لرصد الدعم المالي من السعودية، ودولة الامارات، وعمان والكويت.

بين آل سلام وآخرين
يربط البعض اسم المقاصد بآل سلام الذين تعاقب منهم 3 رؤساء للجمعية. لكن اللبنانيين يحنون الى العهد الذهبي الذي عرفته المقاصد في عهد رئيس الوزراء السابق الراحل صائب سلام، او "صائب بك". كما كان يحلو للبيروتيين ان يسموه. فقد استطاع "صائب بك"، بعلاقته مع شخصية نافذة في بلد عربين ان يؤمن للمقصاد مبالغ كبيرة منتظمة من العام 1979 الى العام 1983. لكن المصادر اكدت ان دخول وسيط بين الجانبين اللبناني والعربي "خربط العملية" وجعلها غير منتظمة، مشيرة الى أن الاموال المرتقبة بدأت تتقلص والتحويل المالي يرسل بنمط متقطع.
هذا الأمر، كما تروي مصادر تربوية شكّل صدمة كبيرة للمجتمع المقاصدي الذي رأى نفسه مرغماً على الاستدانة "لنمشّي الحال". وتراكمت الفوائد السنوية على الديون ما بين العامين 1989 و1990 الى 23 في المئة سنوياً. لكن الوسطاء عملوا على اقناع القيمين على المصرف الدائن "مسامحة" المؤسسة بالمبالغ المتوجب دفعها من تراكم الفوائد، والذي وصل الى 30 مليون دولار. وبقي، وفق المصادر، على المقاصد دفع ديونها من جهود خاصة تبذل في مشاريع عدة.
أما النائب تمام سلام، الذي يشغل منصب الرئيس الفخري للمقاصد، فلا يتدخل مباشرة في ازمتها، لكنه يمارس دوراً رئيسياً بعد تسلمه المقاصد في عام 1988 لتحديث الجمعية وتقويتها. غير انه ترك مهماته في عام 2000 بعد دخوله السياسة. البعض رأى أن سلام نجح في تعريب العلوم والرياضيات في برنامج مدارس المقاصد لأن التلامذة كانوا آنذاك لا يستوعبون المادة إلا بالعربية، فضلاً عن ان المعلمين لا يتقنون التعليم إلا بلغتهم الأم. لكن الأمور اختلفت في عام 1998 لتعطى العلوم والرياضيات باللغة الاجنبية.
اما في ما خص اقفال بعض المدارس التابعة للمقاصد، فأشارت مصادر الى أن مدرسة عائشة ام المؤمنتين في بيروت التي تضم 250 تلميذاً اقفلت أبوابها، لأن مدرسة رسمية فتحت في جوارها واستقطبت التلامذة. غير ان الادارة تعمل على فتح روضة في مبنى تلك المدرسة في بيروت، فضلاً عن استحداث مركز تدريب لمحو الأمية والمعلوماتية وتعليم الخياطة وما شابه. وفي معلومات انه تم اقفال كلية البنات في منطقة الباشورة في بيروت التي تحولت جامعة للمقاصد، وستفتتح فيها كلية للتربية يرشح لادارتها الدكتور هادي طيارة وكلية الدراسات الاسلامية بادارة الدكتور امين فرشوخ. كما سيتم الابقاء على الدكتور هشام نشابة رئيساً لجامعة المقاصد للسنتين المقبلتين، على ان يجري تشكيل مجلس أمناء جديد ويعين رئيسا جديداً للمقاصد بعد مرور المدة المرتقبة.
ختاماً، يتقاضى معلمو المقاصد الذين يصل عددهم الى 1200 معلم نصف رواتبهم بسبب الظروف الخانقة التي تمر بها المؤسسة. لكن الادارة تسهر على سداد مستحقات هؤلاء في صندوق التعويضات، وتبقي ما للمعلمين في ذمة الادارة من دون تناسي حقوقهم