مساهمة الدولة المالية ضرورية كي لا يلقى مصير الضمان الاختياري
اعدت المديرية العامة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مسودة «مشروع التغطية الصحية» للمضمونين الذين سيتركون العمل، بسبب بلوغهم سن التقاعد او الذين سيتركون العمل قبل بلوغهم سن التقاعد. هذه المسودة لم تتطرق الى موضوعين مهمين، وهما التمويل المسبق وكيفية مساهمة الدولة في تمويل هذا المشروع، ولم تحدد ايضا الاشتراك الذي يمكن تحمله من قبل المضمونين الذين سيتركون العمل.
تحديد الكلفة المالية
ومن اجل انشاء نظام صحي لهؤلاء الذين كانوا يستفيدون من التقديمات الصحية، حتى بلوغهم السن القانونية، يفترض ويتوجب تحديد الكلفة المالية، سنة بعد سنة على مدى 25 عاما، ومن ثم تحديد المبلغ المعتمد اساس احتساب الاشتراك الموازي لهذه الكلفة. تورد مسودة المشروع اهم العناصر لتحديد هذه الكلفة وهي عدد المضمونين الذين يتقدمون بطلب تصفية تعويض نهاية الخدمة، وترتقب حوالي ثلاثة آلاف مضمون للعام 2013، آخذة بعين الاعتبار معدل نمو المضمونين بنسبة واحد في المئة سنويا، كما تأخذ بعين الاعتبار عدد الوفيات كل سنة، وفقا لمعدل الوفاة حسب الاعمار. وتقدر متوسط كلفة المستفيد الواحد البالغة بحوالي مليونين و360 الف ليرة. وتستند الى هذه العناصر في امكانية تحديد الكلفة الصحية للمشترلك الواحد، على اساس ان متوسط عدد افراد العائلة للمسنين هو 1,5 فرد، وبالتالي تصبح كلفة المضمون (المشترك) المتوقعة للعام 2013 كالتالي:
1,5 مستفيدا ضرب 2,360 مليون يساوي ثلاثة ملايين و540 الف ليرة، مساهمة الدولة فيها بنسبة 25 في المئة، أي 885 الف ليرة تزاد اليها المساهمة الادارية بنسبة 6 في المئة. وانطلاقا من الكلفة المتوقعة للعام 2013، يمكن تحديد الكلفة الصحية المتوقعة للسنوات الـ 25 المقبلة وذلك ابتداء من العام 2013 حتى 2037، مع الاخذ بالاعتبار معدل تضخم سنوي بنسبة 3 في المئة سنويا، وتضخم الكلفة الطبية 4 في المئة سنوياً. يبقى تحديد الاشتراك المفترض لتغطية الكلفة الصحية وتأمين التوازن المالي، تقترح مسودة المشروع الاتي: في ما خص العام 2013 ، يحدد المبلغ المعتمد اساس احتساب الاشتراك: 2,867,400 (الكلفة الصحية للمشترك الواحد) مضروبة بـ 9 في المئة (معدل الاشتراك) يساوي 31 مليونا 860 الف ليرة (المبلغ المعتمد سنويا). او شهريا: 31,860 مليون ليرة مقسومة على 12 ، يساوي 2لينين و655 الف ليرة، هذا المبلغ هو اساس احتساب الاشتراك للعام 2013 ويساوي 3 اضعاف الحد الادنى للاجر حاليا، أي 2,665 مقسومة على 675 الف ليرة تساوي 3,90 ضعف، بمعنى 1,77 ضعف الحد الاقصى الخاضع للحسومات الحالي. بالاضافة الى هذا الاشتراك يتوجب على كل منتسب الى نظام التغطية الصحية، دفع ما يستحق عليه من مساهمة في التقديمات بنسبة 10 في المئة في حال الاستشفاء و20 في المئة في حال الطبابة خارج المستشفى، مما يشكل عبئا على المشترك.
جزء من ضمان «الشيخوخة»
تورد مسودة المشروع ان عدد المضمونين الذين لا تتجاوز تعويضاتهم اكثر من 25 مليون ليرة يشكلون نسبة 63,5 في المئة، والذين لا تتجاوز تعويضاتهم اكثر من 150 مليون ليرة يشكلون نسبة 96 في المئة. وتشير الى ان عدد المضمونين الذين لا تتجاوز رواتبهم الاخيرة الحد الادنى للاجور (675 الف ليرة) يشكلون نسبة 33 في المئة، وعدد المضمونين الذين لا تتجاوز رواتبهم الاخيرة الحد الاقصى للكسب الخاضع للحسمات الحالي(1,5 مليون ليرة) يشكلون 64 في المئة.
من ايجابيات هذا المشروع استمرار التغطية الصحية من قبل الصندوق، حيث يعتبر هذا المشروع انجازا على الصعيد الصحي الاجتماعي، كما انه بداية تنفيذ جزء اساسي من مشروع الحماية الاجتماعية (الشيخوخة) الكون من معاش تقاعدي والتغطية الصحية.
اما سلبيات المشروع على مستوى الكلفة ـ التمويل فإنه يشمل الافراد المتقجمين في السن فقط، 64 سنة وما فوق، وبالتالي ان جميع الافراد من دون استثناء، هم بحالة صحية تحتاج رعاية طبية مستمرة داخل المستشفى وخارجه، بالإضافة الة كمية الادوية التي يتناولونها. وان العوارض الصحية هي غالبا مزمنة ومكلفة في آن واحد.
ان الاشتراك اللازم لتغطية التقديمات يفوق امكانيات هؤلاء الافراد، وحى لا يكون مصيره كمصير الضمان الاختياري الذي انشىء كصندوق مقاصة ، فإن هذا النظام لا يمكن ان يستمر طويلا من دون مساهمة الدولة، بمساهمة اضافية لتغطية العجز في حال حصوله بين الواردات والنفقات. وفي هذا السياق قال مدير عام الصندوق الدكتور محمد كركي انه عرض المشروع على مرجعيات في الدولة ولاقى لديها استحسانا ورغبة في السير به.
تمويل المشروع
رفع المدير العام للصندوق كركي المشروع الى هيئة مكتب مجلس الادارة من اجل ابداء الملاحظات عليه، ووضع اعضاء الهيئة بصورة المشرع، مشيرا الى انه يجب تحديد المبلغ المتوجب فرضه على المضمون من اصل الكلفة المذكورة وتحديد المبلغ الذي يجب ان تتحمله الدولة وتدفعه من الموازنة العامة او من خلال رسوم وضرائب متخصصة، كما يوجد موضوع اساسي اخر لم تتناوله الدراسة، وهو يتعلق بامكانية التمويل المسبق، كأن يفرض على الاجير نسبة مئوية تساوي نقطة او نصف نقطة يدفعها اثناء عمله، وتوفير التغطية الصحية له عند تركه العمل.
رئيس اللجنة الفنية سمير عون رحب بالمشروع. وطلب اشباع الموضوع درسا في ما اذا «كنا سنعتمد المشروع المعروض من الادارة، والذي يتطلب اعداد مشروع قانون. اما الخيار الاخر فهو الاكتفاء بتعديل مرسوم قسم المضمونين الاختياريين واختصاره بهذه الفئة من الاشخاص من دون سائر الفئات. فيما اكد امين السر الاول غسان غصن على البحث في امكانية اعادة الانطلاق من الضمان الاختياري وعلى مراحل، وتساءل السائقون العموميون الذين يمثلون فئة خاصة اخضعوا ويستفيدون من الاستشفاء بعد الـ 64 سنة، فلماذا لا نعطي هذا الحق للمضمون؟
وابدى عضو هيئة المكتب بهجت قاننجي حذره في التعاطي مع الموضوع»كي لا نقع في ما يشبه ما وقعنا به في الضمان الاختياري»؟ اما نائب رئيس المجلس غازي يحيا فرأى وجوب ان يكون «المشروع موضع نقاش بين اصاب العمل والعمال والدولة للتوصل الى رؤية تفصيلية حول غاياته، لا سيما وانه يقع في اطار سياسة الحماية الاجتماعية للشعب اللبناني». وسال يأتي في الوقت الذي يتابع فيه المعنيون مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية.
مشروع نحاس
وكان وزير العمل السابق شربل نحاس قد رفع الى مجلس الوزراء مشروعا للتغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين وتمويلها من الموازنة العامة، طالبا اقراره مبدئيا كي تُتخذ على هذا الاساس الاجراءات التنفيذية اللازمة في مشروع موازنة عام 2012.
«تبلغ الكلفة التقديرية الاجمالية لهذا النظام وفق احدث المعطيات المتوافرة والمبنية على القواعد الاحصائية لصندوق ضمان المرض والامومة نحو الفي مليار ليرة. أما الكلفة الصافية الاضافية بعد حسم ما تنفقه الدولة راهنا (2009) على القطاع الصحي عبر وزارة الصحة ومساهماتها في أنظمة التأمينات العامة وشبه العامة فتقدر بنحو 1100 مليار ليرة لبنانية.
تتطلب تغطية هذه الكلفة الاضافية استحداث مطارح ضريبية تطال الارباح غير المرتبطة بعوامل الانتاج، اي الفوائد والارباح الناتجة عن التحسين العقاري وعن المتاجرة بالاسهم، وذلك لتلافي محظورين اساسيين: زيادة كلفة العمل النظامي المأجور لدى المؤسسات عبر الاشتراكات وزيادة كلفة المعيشة عبر الضرائب على الاستهلاك».
وقد أعدت النصوص القانونية لهذا الغرض ووضعت تقديرات لحجم الواردات المرتقبة وهي تفوق الحاجات التمويلية للنظام».
يقول مصد رمطلع في صندوق الضمان ان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي طرح في احدى المناسبات فكرة «اذا كنا لا نستطيع القيام بمشاريع كبيرة، لماذا لا نفكر بضمان صحي لمن يبلغون السن القانونية، وعلى هذا الاساس كلف احد الاكتواريين تجهيز المشروع، وكانت مسودته مدار نقاش في «هيئة مكتب مجلس ادارة الضمان».
13 كانون الاول2012