يطمح طارق أن يصبح طبيباً اختصاصياً في أمراض الدم. طموح الشاب الفلسطيني المقيم في «مخيم البرج الشمالي» للاجئين، لم يولد صدفة، إنما دافعه الحقيقي يكمن، في الدرجة الأولى، باصابته بـ«مرض التلاسيميا» وفقر الدم المنجلي معاً.
حال طارق وشقيقته تشبهان حال 175 شخصاً في المخيم، معظمهم من الأطفال، وهم مصابون بهذا المرض منذ أكثر من عشر سنوات.
وترصد اللجان الشعبية ومؤسسات المجتمع المحلي ومنها الصحية، وفاة مريض كلّ سنة على الأقل، وقد كان آخر المتوفين نادر دحويش قبل أربعة أشهر، بعدما تدهورت صحته، في ظلّ ارتفاع كلفة العلاج نظراً إلى مدخول قدرة المرضى وعائلاتهم، وغياب الرعاية المطلوبة لهم.
وتشير دراسات عدة، ومنها الدراسة الميدانية التي نفذتها «منظمة شاهد» قبل أكثر من عام وأحصت خلالها 113 حالةً، إلى أنّ النسبة الأكبر من المصابين، هم من الذكور، الذين يقدرون بـ 54 في المئة من مجموع النصابين، وغالبيتهم من الأطفال، وأن عدد المصابين في المخيم الذي يعتبر واحداً من أفقر المخيمات في لبنان يتجاوز الـ 15 في المئة من مجموع المصابين على الاراضي اللبنانية والمقدر عددهم بحسب «مركز الرعاية الدائمة» بـ700 مصاب.
وتعتمد غالبية المرضى في تأمين كلفة علاجهم على أنفسهم وعلى المؤسسات الأهلية والاجتماعية والصحية، التي تهتم بحالهم، بينما تتكفل «وكالة الأونروا» بتغطية فاتورة الاستشفاء للمرضى الذين يعالجون المستشفيات المتعاقدة معها.
واطلق في قاعة الشهيد عمر عبد الكريم في البرج الشمالي أمس، مشروع خاص بمرضى «التلاسيميا» يمتد لعامين ونصف العام، ممول من جمهورية المانيا الاتحادية ووزارة الخارجية، وتنفذه «الاونروا» بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي واللجنة الشعبية في المخيم. ورفعت في القاعة شعارات التوعية من خطر زواج شخصين يحملان الاشارة نفسها، ما يعرضهما لانجاب طفل مصاب بـ«التلاسيميا» أو فقر الدم المنجلي.
وشمل هذا اليوم المفتوح إرشادات وفحوصا مخبرية بإشراف ذوي اختصاص في هذا المجال، وحلقات ترفيهية ومسرحية هادفة.
وروت سوسن رحيل التي تتولى ملف «التلاسيميا» في اللجنة الشعبية، وهي أم لشاب وشابة مصابين، تجربتها في هذا المجال، وتحدثت عن أهمية احتضان المجتمع للمصابين، الذين لا يحملون أمراضاً معدية.
وأوجزت رحيل نبذة عن أوضاع المصابين في المخيم، موضحة أنّ المصابين بفقر الدم المنجلي، يحتاجون ألى علاجات اكبر بكلفة أعلى.
وطالبت بتأمين طبيب دم دائم في «البرج الشمالي» للاهتمام والاشراف على المرضى، الذين توفي منهم خلال الاعوام العشرة الماضية أكثر من عشرة أشخاص.
يتعايش داوود رميض مع مرض «التلاسيميا» الذي أصابه قبل أعوام، ويقول: «أتكيف مع هذا المرض، لكن كل ما نطلبه هو الاهتمام بنا ورعايتنا، لأن الدواء غال، ونحن بالكاد نحصل على لقمة عيشنا.
أمّا مدير مكتب «الأونروا» في منطقة صور فوزي كساب فيشرح أنّ «هدف المشروع الذي تنفذه الوكالة بتمويل الماني، هو تسليط الضوء على مرض التلاسيميا في مخيم البرج الشمالي، والعمل على وضع حد له، من خلال خطة علاجية، على مرحلتين، تستهدفان النتائج والأسباب، تزامناً مع حملات توعية وإرشاد وتوجيهات مكثفة، تطال المخيم»، مشيراً في هذا السياق إلى تلقي نحو خمسين شخصاً من «الأونروا» ومؤسسات المجتمع المحلي التدريب في «مركز الرعاية الدائمة» في بعبدا.
وأعلن كساب أن «الأونروا» بدأت قبل أشهر قليلة تأمين الأدوية العلاجية للمرضى دون سن الحادية عشرة.
31 كانون الاول2012