حضر موضوع قوننة الزواج المدني في لبنان على طاولة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري يوم أمس، إذ برز تعارض واضح في شأنه بين رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي. وأكدّ سليمان مجدداً انّه «من الواجب علينا إحالة مشروع قانون الزواج المدني الذي وافق عليه مجلس الوزراء في العام 1998 إلى وزيري العدل والداخلية لإعادة درسه أو تكليفهما إعداد مشروع جديد بالاستئناس بالمشروع المذكور، لأن الزواج المدني غير موجه ضد الطوائف الإسلامية، بل هو من مسؤولياتي الدستورية وينسجم مع وثيقة الطائف»، فيما تمنى ميقاتي أن «لا يثار موضوع الزواج المدني في هذا الوقت بالذات، فإننا اليوم نواجه مسائل كثيرة وكبرى ولدينا هموم وأولويات من الأجدى بحثها عوضاً عن الغوص في موضوع خلافي كبير».
وقد أثارت فتوى المفتي محمد رشيد قباني في شأن الزواج المدني سلسلة مواقف بين مؤيدة لها ومعارضة، حيث اعتبر النائب سامي الجميل أن «تصريح المفتي قباني يمثل تعدياً على الدولة المدنية، وعلى حق كل لبناني، بأن يعيش حرية معتقده مثلما يريد، ونحن نؤمن بأن أي تعدٍّ على هذا الحق هو تعد على الإنسان والدستور»، مشيراً إلى أنه «من حق كل نائب أن يحافظ على حرية المواطنين وأن يمارسوا شعائرهم الدينية». من جهته، رأى النائب أحمد فتفت أن «من مصلحة الشعب اللبناني أن لا يُطرح موضوع الزواج المدني في الوقت الحاضر»، موضحاً أنّ قباني يقصد في كلامه عن الزواج المدني «كل إنسان ملتزم بدار الإفتاء». كذلك، أعرب «العلماء المسلمون» عن تأييدهم التام للفتوى الشرعية الصادرة عن قباني في قضية الاعتقاد بالزواج المدني خلافاً لأحكام الشريعة الإسلامية. وأشادت «جبهة العمل الإسلامي» بموقف قباني من مشروع قانون الزواج المدني، مؤكدةً وجوب «رفض المسلمين سياسيين وعامة هذا المشروع الخطير، وعدم البحث فيه نهائياً كي لا يُبنى على الشيء مقتضاه لاحقا».
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس معهد المعارف الحكمية، الشيخ شفيق جرادي، أن رفض الزواج المدني متفق عليه بين السنة والشيعة من حيث المبدأ، لافتاً إلى أن مصطلح الردّة، أي الإرتداد عن الإسلام، «ليس مألوفاً بيننا، فغير المجاهر بإبراز حقده على الدين، لا يمكن أن نفتي بردّته». وبرز، أيضاً، موقف للمسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي، وليد غياض، ذكّر فيه أن «الكنيسة، انسجاماً مع مبادئها وإيمانها بالزواج، وهو سر من أسرارها، لا تحبذ الزواج المدني، غير أنها تطالب بالزواج المدني للأشخاص غير المؤمنين، علماً أن إقرار هذا الزواج في لبنان يستوجب تعديل الدستور الذي حفظ قضايا الأحوال الشخصية لكل الطوائف، كما ان الكنيسة لا تقبل بقانون اختياري لأن القانون بطبيعته الزامي، ولا يمكن ان يكون اختيارياً». (السفير، الأخبار، النهار، الحياة، الديار، المستقبل 30 كانون الثاني 2013)