Thursday, 24 January 2013 - 9:58am
وجهت «هيئة التنسيق النقابية»، في تظاهرتها المركزية أمس، خمس رسائل إلى المسؤولين، والهيئات الاقتصادية، لمطالبة الحكومة بالإسراع في تحويل ملف سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب، وعدم التسويف أو التقسيط في هذا الشأن. تمثلت الرسائل في خط سير المسيرة التي انطلقت من أمام مبنى وزارة الإعلام في الحمرا باتجاه السرايا الحكومية، من خلال توقفها أمام «مصرف لبنان»، رداً على موقف حاكم المصرف من السلسلة، وأمام «غرفة التجارة والصناعة»، والانتقال إلى الأسواق التجارية، وشارع المصارف، الذي لم يشهد مسيرة أو تظاهرة مطلبية من سنوات طويلة، وصولاً إلى السرايا الحكومية.
وتزامنت التظاهرة التي شارك فيها الآلاف من الموظفين والأساتذة، والمتعاقدين والمتقاعدين، مع إضراب عام أوقف العمل في المؤسسات التربوية الرسمية، وجزء من التعليم الخاص، وتعطل العمل في عدد من الإدارات الرسمية، مع وعد بالتصعيد في مطلع شباط المقبل، من خلال الإضراب لثلاثة أيام.
على مدى ساعة ونصف الساعة، لم تكل حناجر المتظاهرين من ترداد الهتافات المنتقدة للحكومة و«المماطلة في إحالة السلسلة إلى مجلس النواب»، ولم يجد المتظاهرون حرجاً من تسمية الوزراء الذين يقفون ضدهم، فهتفوا ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وزراء المال محمد الصفدي، والعمل سليم جريصاتي، والسياحة فادي عبود، والاقتصاد نقولا شماس، والتربية حسان دياب، والدولة مروان خير الدين، ورئيس غرفة التجارة والصناعة محمد شقير: «السلسلة بدها تحويل.. لا تحتج يا صفدي بالتمويل»، و«يا ميقاتي ويا مروان، ويا جريصاتي ويا حسان.. مش هيدي حكومة لبنان حتى نوقف حدها»، وتابعت «يا شقير ويا شماس.. أنتو أكلتوا حقوق الناس.. إجا الوقت لنردها». أضافت الهتافات: «.. كلامك يا عبود مردود».
وتوجه نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمة محفوض، إلى وزير السياحة بالقول: «تقول إن المعدل الوسطي للمتقاعدين في لبنان هو 70 سنة، يريدوننا أن نموت كي يسرقوا الأموال، وفي الضيعة نقول يا حيف، ومطلوب من باقي الوزراء الرد على هذا الكلام».
أسئلة لميقاتي
لدى وصول المتظاهرين إلى ساحة رياض الصلح، انتقد عضو هيئة التنسيق كامل شيا الحكومة في تأخر تحويل السلسلة، وقال: «منذ سنة ووزير المال يبحث عن مصادر تمويل السلسلة، وأخيراً وجدها عند أرملة المتقاعد»، في إشارة إلى المحسومات الضريبية على رواتب المتقاعدين.
وتوجه النقيب محفوض إلى رئيس الحكومة طالباً منه الإجابة عن جملة أسئلة: «قلت إن أول تموز ستصل حقوقكم، أين أصبح تموز؟ وقلت إنه تم تأمين 120 في المئة من التمويل، قل إنه لا يوجد مال». وقال: «هناك قرار من مجلس الوزراء وهو أعلى سلطة، ولا يحق للرئيس ميقاتي أو غيره أن يحجز إقرار السلسلة في درج الحكومة»، مشيراً إلى أن معلمي المدارس الخاصة لم يقبضوا غلاء المعيشة منذ 12 شهراً، محملاً ميقاتي وحكومته المسؤولية.
وشدد محفوض على أنه «لا توجد حكومة عادلة في العالم تعامل شعبها بغير عدل لأنها تسقط»، وقال: «نريد أجوبة عن أسئلتنا من الرئيس ميقاتي قبل مطلع شهر شباط المقبل، وإلا فإن الناس لن تخرج من الشارع»، مؤكدا أن «مصداقية القوى السياسية التي تشكل الحكومة أمام جمهورها هي على المحك».
وطلب نائب رئيس «رابطة موظفي الدولة» وليد الشعار من الحكومة «التحقيق مع وزير الإعلام الذي منع الموظفين من الاعتصام والتظاهر»، وقال: «بعد حملات التهويل من الهيئات الاقتصادية فإنه لا يوجد شيء أصدق من الأرقام»، مشيراً إلى أن سلسلة الرتب «لا تشكل سوى سبعة في المئة من موازنة الدولة». وسأل: «هل هذه النسبة تهدد الاقتصاد اللبناني والعملة اللبنانية بالانهيار؟».
ورأى رئيس «رابطة التعليم الأساسي» محمود أيوب أن «الذين يمتنعون عن إحالة السلسلة هم الذين يتحملون مسؤولية نزول الآلاف من المعلمين والموظفين إلى الشارع، وأن الذين يعتمدون سياسة المماطلة والتسويف هم الذين يتحملون مسؤولية تعطيل المدارس وضرب مؤسسات الإدارة العامة، وإنهم يشجعون على الرشوة والفساد وتعطيل الثقة بمؤسسات الدولة». وقال إن «ما يقتطع من رواتبنا على مدى 40 عاماً هو أكثر بكثير من فتات التقاعد أو التعويض الصرفي».
وسأل رئيس «رابطة التعليم المهني والتقني» فاروق الحركة «أين الحرص على الدستور وتطبيق القانون بعد 15 شهرا من الإضراب والاعتصام والتظاهرات؟»، وقال: «لن نسمح بعد اليوم بالتلاعب بكرامتنا والمساس بحقوقنا ومكتسباتنا»، منتقداً «المشاريع الخطيرة لتأمين الإيرادات لتغطية السلسلة على حساب المتقاعدين».
وشدد رئيس «رابطة المتقاعدين في التعليم الثانوي» عصام عزام على أنه «لا يجوز التمييز بين حقوق المتقاعدين في الدولة خلافاً للدستور»، مطالباً «بتعديل المادة 23 على أن تحتسب في المعاش التقاعدي كل الدرجات التي أعطيت للأساتذة في الملاك ولم يستفد منها المتقاعدون».
طفح الكيل
أستهل رئيس «رابطة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب كلمته بالقول: «طفح الكيل وان للصبر حدوداً. سنة ونصف السنة وأنتم تتحركون بمسؤولية المسؤولين، والمسؤولون على أبعد ما يكون، سنة ونصف السنة يعدون ولا يفون بوعودهم، لا يخجلون من أنفسهم، ليحفظوا ماء وجوههم، يقرون السلسلة فلا يحيلونها إلى مجلس النواب، يستقوون على الاساتذة والموظفين والمتقاعدين والمتعاقدين والأجراء، يستقوون على الشرفاء الذين يأكلون ويشربون من عرق جبينهم، هم أضعف ما يكون أمام الفاسدين، المهربين، سارقي المال العام ومغتصبي أملاك الدولة».
أضاف: «بالأمس اجتمعت الحكومة ولم تأبه للقمة عيش أكثر من مئة ألف لبناني، يأكلون ويشربون من سلسلة الرتب والرواتب، اجتمعت ولم تأبه لبقاء أكثر من 700 ألف طالب خارج مدارسهم.. إنها سياسة النأي بالنفس عن معالجة قضايا الناس الاجتماعية والمعيشية، وعن معاقبة التجار ومراقبة الأسعار وموجة الغلاء المتجددة التي التهمت السلسلة قبل إعطائها».
وحمّل الحكومة مسؤولية كل يوم إضراب، وإلى من «ضغطوا سياسياً على الحكومة في لجنة الحوار الوطني كي تتراجع عن قرارها، ومارسوا سياسة التهويل والتخويف اقتصاديا وماليا، إذ قدموا الذريعة لها لعدم تحويل السلسلة. ونحن نطالبهم بإعلان موقف واضح يطالب بإحالة السلسلة حسب الاتفاقات».
ودعا غريب الرئيس ميقاتي لإحالة السلسلة إلى مجلس النواب، وقال: «تفضل يا دولة الرئيس ونفذ ما التزمت به دفاعا عن مصداقيتك أمام الناس».
وتوجه إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان متمنياً عليه «التدخل لإحالة السلسلة وفق الاتفاق إلى مجلس النواب، تطبيقا للدستور، لأن عدم إحالة السلسلة إلى المجلس بعدما أقرّها مجلس الوزراء مجتمعاً، خرق واضح للدستور، لن تسمح به».
واعتبر أنه «لولا تحرك هيئة التنسيق النقابية لما أقر غلاء معيشة في القطاع الخاص، ولما أقرت السلسلة في مجلس الوزراء ولما صرف غلاء المعيشة في القطاع العام وفي بعض المدارس الخاصة ومن دون قانون، وكلفته 750 مليار ليرة أي 40 في المئة من كلفة السلسلة ككل». وختم غريب بتوجيه الدعوة للمتظاهرين «إلى المزيد من التصعيد إضرابا واعتصاما وتظاهرا، إلى الإضراب المفتوح وشل القطاع العام، وليكن شهر شباط المقبل، شهر إحالة السلسلة مع تعديلاتها وإقفال ملفها وإننا لمنتصرون».
عند جريصاتي
وبعد انتهاء الكلمات، وتفرق المتظاهرين، توجه وفد من هيئة التنسيق إلى وزارة العمل وعقد اجتماعا مع الوزير سليم جريصاتي، استمر أكثر من ساعة ونصف الساعة، تركز خلالها الحديث حول موضوع إحالة السلسلة.
وإذ أكد جريصاتي أنه بات من الملح على الحكومة إحالة المشروع على مجلس النواب، أكد أن الحكومة لا تعمل تحت التهديد.
وقال غريب: «..عقدنا العزم على معالجة هذا الموضوع من دون تردد، ومهما كلف الثمن، إضرابا مفتوحا أو تحركا متصاعدا لحسم هذا الملف».