بينت دراسة حول "صنع السياسات العامة في لبنان، ومنها قانون الضمان الصحي الاختياري كنموذج دراسي"، عرضها الخبير في السياسات العامة ومجموعات الدعم الدكتور فادي الجردلي الطبيعة المعقدة لعملية صناعة السياسات العامة في لبنان والعناصر التي تؤثر في هذه العملية. وقد كشفت الدراسة التي قدمت خلال ندوة نظمها "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في الجامعة الأميركية، غياب أية مقاربة منظمة في صنع القرار، حيث اشار الجردلي في دراسته الى "أن النوايا الطيبة حول صنع السياسات ليست كافية لوحدها لاتخاذ القرارات المتعلقة ببرامج رئيسية من السياسات العامة".
وخلصت الدراسة التي اجريت بين ايلول 2010 ونيسان 2012، إلى أن سياسة الضمان الصحي الاختياري في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كانت قرارا سياسيا اتخذته الحكومة لمعالجة مشكلة اجتماعية نجمت عن صرف 1500 موظف من شركة طيران الشرق الأوسط، نتيجة خطة ضخمة وُضعت لإعادة هيكلتها في العام 2001. وقد أدى ذلك الى حرمان آلاف الأفراد من التغطية الصحية، وهذا ما جعل الحكومة تقرر حينها اعتماد مشروع الضمان الصحي الاختياري لتغطية الأفراد المصروفين وعائلاتهم.
وقد أظهرت دراسة الجردلي ان سياسة الضمان الاختياري التي اعتمدها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لم تكن مبنية على الأدلة العلمية والمنهجية الملائمة، وافضت الى عدة مشاكل. وقد حددت الدراسة العقبات الرئيسية التي أعاقت تطبيق سياسة الضمان الصحي الاختياري كالاتي: لم يشترك الاطراف الفاعلون والمؤثرون في القطاع الصحي في تطوير هذه السياسة، لم تؤخذ ملاحظات من قاموا بتطبيق هذه السياسة بالاعتبار، لم يتم استخدام الشواهد العلمية في وضع أو صياغة هذه السياسة العامة بل أتت تبعا لاعتبارات سياسية، واخيراً، لم تقم الحكومة بدفع الاموال المترتبة عليها من قيمة الضمان الاختياري كما لم تقم بتغطية العجز وفقاً لما تعهدت به.