Tuesday, 5 February 2013 - 11:01am
يسمع الولد قصة مسجّلة ويعيد سردها أو يجيب على أسئلة عنها. يشير إلى طائرة أو عصفور في صورة معقّدة، ثم يشير إلى دولاب الجهة اليمنى من الدراجة. يقرن الولد الرسوم برموز، ثم يعيد بناء الجملة مرات عدة. يقرأ الأحرف ثم الكلمات القصيرة ثم الكلمات الكبيرة بفترة زمنية محدّدة.
لا تعود تلك المشاهد إلى ألعاب للصغار بل إلى مجموعة من اختبارات تشخيص صعوبات التعلّم والتفوّق التي يوفّرها «مركز سراج للتشخيص والتوجيه التربوي» التابع لـ«جمعية المبرّات الخيرية». بدأ المركز عمله منذ العام 2003، ويفتتح اليوم رسميّاً بحضور مدير عام التربية فادي يرق.
تشرح مديرة المركز شذا اسماعيل أن المركز اكتسب خبرة متميّزة في تشخيص صعوبات التعلّم مع زيادة عدد المتخصصين وورش العمل مع الأهالي والمعلّمين وتراكم سنوات الخبرة.
يرتكز عمل المركز على اجراء تشخيص نفس تربوي لتحديد فئات صعوبات التعلّم والتفوّق من خلال اجراء اختبارات مقننة (standardized) عدّة: اختبار الكشف المبكر عن صعوبة تعلّميّة للصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات ما يسمح بإمكانية التدخّل المبكر، اختبار القدرات المعرفية من ذاكرة وانتباه ولغة واستنتاج وذاكرة سمعية عاملة للصغار الذين تجاوزوا الثلاثة أعوام، اختبار القدرات الأكاديمية من قراءة، وكتابة ومدى ارتباط القراءة بالقدرة على الفهم عند التلميذ وغيرها.
يوفّر المركز، وفق اسماعيل، اختبار تشخيص عسر القراءة (Dyslexia)، من خلال فحص مهارة الوعي الصوتي، الذاكرة السريعة، سرعة القراءة وغيرها من المؤشّرات. يعتمد اختبار فرط الحركة وقصور الانتباه (Attention deficit hyperactivity disorder) على ملء الأهل والأساتذة بعض الاستمارات وغيرها من البرامج الإلكترونية. يساعد اختبار التوحّد، المرتكز على معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسيّة (DSMIV)، على وضع الإرشادات التعليمية وإحالة الولد إلى الطبيب المتخصص.
يقيس اختبار المهارات الاجتماعية والتكيّفية قدرة الصغار، الذين تجاوزوا عمر الثلاثة أعوام، على التواصل مع الآخرين، وتحمّل المسؤولية والقيام بأعمال منفردة. ويساهم تشخيص النفس التربوي وقياس معدّل الذكاء ومؤشّرات التفوّق في تطوير برامج تربوية للمتفوّقين.
تقول اسماعيل إن جميع تلك الاختبارات وغيرها (اختبار النطق، وذكاء غير لفظي..) معتمدة عالميّاً ومعظمها مستورد من «الولايات المتحدة الأميركية»، ويقوم بإجرائها متخصصون في التربية المختصّة وفي القياس والتقويم. يخضع تعديل اللغة إلى معايير محدّدة عند إجراء اختبارات مقننة. تساهم تلك الاختبارات في تشخيص الصعوبات التعلّمية، وفي وضع وبلورة خطط تربوية فردية تلّبي احتياجات الأولاد الذين يعانون صعوبات تعلّمية.
تلفت اسماعيل إلى أن الصعوبات التعلّمية لا تعني ذكاءً منخفضاً، وإلى أنه يمكن تلميذاً ما أن يعاني صعوبة في بعض المهارات من دون غيرها. يمتلك تلميذ، على سبيل المثال، القدرة على الكتابة بينما يواجه صعوبة في القراءة أو في الرياضيات.
ترتكز صياغة تقرير النتائج على تحليل المعطيات بموضوعية من دون إصدار الأحكام أو وصم الولد بطريقة سلبيّة، إذ يهدف التشخيص إلى تأمين التدخّل المبكر، وإلى تلبية الاحتياجات الخاصة للصغار لكي يتابعوا تعليمهم أسوة بالآخرين، وإلى رفع الوعي عند الأهل.
يوفّر المركز ورش عمل وجلسات استشارية للأهل بغية إعطاء الإرشادات ورفع الوعي في شأن أهميّة الكشف والتدخل المبكرين. تلاحظ اسماعيل زيادة الوعي عند الأهل في شأن الصعوبات التعلّمية وتقبّلها وعدم التردد في تشخيصها ومعالجتها. ويستقبل المركز صغاراً من مختلف المناطق اللبنانية الذين تتمّ إحالتهم عادة من إدارات المدارس أو من الأطباء.
يندرج «سراج» ضمن برنامج الدمج المدرسي الذي بدأته «المبرات» منذ العام 1996. وتضمّ اثنتي عشرة مدرسة تابعة لـ«المبرات» 864 تلميذاً من ذوي الاحتياجات الخاصة. يتابع التلاميذ صفوفاً عادية وأخرى إضافيّة متخصصة في تنمية المهارات النمائية والإدراكية. يقدّم التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة الامتحانات الرسمية ويتابع بعضهم التعليم الجامعي أو ينصرف البعض الآخر إلى التعليم المهني.
يهدف برنامج الدمج المدرسي، وفق اسماعيل، إلى تقبّل الاختلاف والفروق الفردية، وإلى تأمين حق التعليم للجميع، وتشجيع الدمج الاجتماعي بما ينسجم مع رؤية «المبرّات» ومؤسسها العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله.