اقتـراح تعديـل قانونـي يعيـد للفلسطينيين حـق التملـك العقـاري

Wednesday, 27 February 2013 - 9:37am
تجهيز ملفات لرفع دعاوى قضائية على الدولة اللبنانية
تطل منظمات المجتمع المدني الفلسطيني المنضوية تحت حملة حقوق الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان «ملكيتي لا تلغي عودتي»، في ورشة عمل اليوم بعنوان: «حقوق الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان».
وتتسلح الحملة بأكثر من خطوة مدعمة بحجج دستورية وقانونية وحقوقية إنسانية ودراسات ميدانية، وأخرى قضائية إجرائية... ومشروع قانون، مع أسبابه الموجبة، بهدف تعديل القانون الرقم 296/2001، وإعادة حق التملك.
ومن المفترض أن ترفع المنظمات اليوم مذكرة إلى الرؤساء الثلاثة والنواب والهيئات الحزبية والروحية والإعلامية والثقافية والنقابية اللبنانية، بالإضافة إلى الرأي العام اللبناني. تطالب المذكرة بإلغاء الفقرات التي أدت الى التمييز السلبي بحق الفلسطينيين، مشددة على ضرورة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 21/3/2001، تاريخ التعديل القانوني الذي منعهم من التملك العقاري في لبنان.
ونص تعديل العام 2001 الذي طال قانون تملك الأجانب في لبنان، على «عدم جواز تملك أي حق عقاري من أي نوع كان، لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملّك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين».
واللافت في القانون نفسه انه رفع نسبة تملك الأجانب في بيروت إلى 10 في المئة، على الرغم من صغر مساحة العاصمة التي لا تتجاوز الـ18 كيلومتراً مربعاً. واليوم يتم العمل في مجلس النواب على تعديل قانون التملك مع استثناء الفلسطينيين.

منع التوطين
يتسلح القيمون على ورشة اليوم باعتراف لبنان بدولة فلسطين كعضو مراقب، ليقولوا بسقوط بند منع التملك لكل «شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها». وينطلقون من رفضهم التوطين وإصرارهم على حقهم في العودة إلى فلسطين، ليؤكدوا التقاءهم مع اللبنانيين، وبالتالي عدم سريان منع التوطين عليهم، كونهم لا يسعون إليه من جهة، وعدم ارتباطه بتملكهم العقاري من جهة أخرى، بدليل تملك الفلسطينيين في لبنان منذ وقوع النكبة ولغاية 2001.
وتقدم الحملةُ دراسةً قانونية أعدها الباحث سهيل الناطور مع مجموعة من الباحثين الميدانيين، ترصد التغييرات القانونية في لبنان التي تخص الملكية العقارية للأجانب عموماً، وللفلسطينيين خصوصاً. ويوثق الباحث سامر مناع، الذي شارك في الدراسة، تأثير القانون في حياة الفلسطينيين وحقوقهم بعد 11 عاما. ويكشف الناطور لـ«السفير» «تحضير ملفات نحو عشرين مالكاً من بين الفلسطينيين ينوون رفع دعاوى قضائية على الدولة اللبنانية ممثلة بالدائرة العقارية لحفظ حقوقهم، بما أنهم تملكوا قبل صدور قانون 2001، إلا أنهم لم يسجلوا ممتلكاتهم العقارية في السجل العقاري. وهؤلاء عينة من فئة تشكّل نحو 80 في المئة من مجمل المالكين الفلسطينيين في لبنان، وفق الدراسة. وقد تبرع نحو عشرين محامياً لبنانياً للترافع عنهم أمام المحاكم يحدوهم «الأمل باستقلالية القضاء وانتصاره للحق بعيداً من التمييز الذي يحكم الأداء الرسمي»، وفق الناطور. وبالنسبة إلى الجزء المتعلق بإحصاء أعداد المالكين بموجب سندات رسمية كعقد بيع أو وكالة أو إقرار لدى كاتب بالعدل، يؤكد الناطور أن الخطوة تحتاج إلى وقت طويل وتدقيق وفرز، خصوصاً الوصول إلى الفلسطينيين المالكين وغير المسجلين. ويلفت إلى أن هناك فلسطينيين اشتروا بعد صدور القانون.
ويشير إلى تردد البعض في التجاوب مع الإحصاء انتظاراً لخطوات ايجابية عملية قد تؤدي إليها الخطوة.
يتركز مشروع القانون الذي ستقدمه الحملة اليوم لتعديل القانون الرقم 296/2001، في ورشة العمل على مادتين أساسيتين: تنص الأولى على إلغاء «الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون الرقم 296 الصادر بتاريخ 21/3/2001، ويستعاض عنها بالفقرة الآتية: «يعلق سريان مهل مرور الزمن بأثر رجعي على جميع عقود البيع العقاري وغيرها من العقود والوثائق والأحكام والقرارات المتعلقة باكتساب حقوق عينية عقارية والتي تعذر تسجيلها أصولا في الدوائر العقارية المختصة نتيجة وجود نص الفقرة الثانية (الملغاة) والمشار إليها أعلاه.
وتلتزم جميع الدوائر والإدارات الرسمية المختصة، لا سيما الدوائر العقارية، بتسجيل هذه الحقوق العينية وفقاً للأصول والقوانين المرعية الإجراء، على أن تكون مستوفية الشروط الواجب توافرها في اكتساب غير اللبناني ملكية عقارية في لبنان».

التأثير العملي في الفلسطينيين
تتميز ورشة اليوم بالتركيز على التأثير العملي لمنع تملك الفلسطينيين في الذين اشتروا ولم يسجلوا قبل صدور القانون، عبر عرض الباحث سامر مناع.
وتبين الدراسة أن عشرين في المئة من العينة استوفوا التسجيل، بينما لم يسجل ثمانون في المئة عقاراتهم.
ونجم عن توقف السجل العقاري تسجيل ممتلكات الفلسطينيين نتائج كارثية، فحتى الذين تملكوا بصورة شرعية وسجلوا قانونياً حقوقهم لدى الكاتب بالعدل، فقدوا حقوقهم في التوريث أو في وهب ملكياتهم أو تسجيلها.
أما اللاجئون الذين سجلوا قانونياً عقاراتهم لدى وزارة الداخلية، ولدى مديرية الشؤون العقارية في وزارة المال، فقد أُسقطت عنهم حقوق الإرث والهبة والوصية، إذ إنه عندما يتوفى اللاجئ الفلسطيني المالك، لا يسمح بتسجيل إرثه العقاري بأسماء الورثة الفلسطينيين، فيبقى العقار معلّقاً على تسجيل باسم الميت. ويُعطي القانون، بعد خمسة أعوام، الدولة الحق في مصادرة العقار لعدم شرعية ترك العقار باسم المتوفى.
ونتيجة لذلك لجأ المالكون الفلسطينييون إلى بعض المعالجات لحفظ حقوقهم، كبيع العقار قبل الوفاة. وفي بعض الحالات، وبعد اتصالات وضغوط، سمح السجل العقاري بإصدار ورقة الملكية العقارية بأسماء الورثة تثبت قانونية ملكيتهم التي سبق للمورّث أن سجلها، وهم لا يمكنهم التنازل عن حصصهم إلى بعضهم البعض، وإنما يسمح لهم ببيعها للغير. وسجل البعض العقار باسم الغير (لبناني، أو لشخص يحمل جنسية غير فلسطينية معترفا بها في لبنان). وبالتالي، على الرغم من بقاء الملكية «الفعليّة» لهم، إلا أنهم لا يمكنهم القيام بأي إجراءات قانونية إلا باسم من يُسجل العقار باسمه وبموافقته. والغالبية اعتمدت تسجيل العقار باسم أقارب.
وفضل كثر من المالكين التسجيل القانوني بأسماء اقارب: بإسم الزوجة 4%، بإسم الأم 2%، بإسم الأخ أو الأخت 2%، بإسم الجدة 1%، بإسم أقارب آخرين 12% . وتوزع الأقارب الآخرون على زوجة الاخ 1%، زوجة الإبن1%. ونال الغرباء أيضا حصة كانت دلالتها 4% بإسم صديق، و 4 % بإسم شيخ الجامع. الباقون حافظوا على الأسماء ذاتها.

سلبيات إضافية
لحظت الدراسة أثراً غير مباشر يتعلق بالأجانب المخولين قانوناً التملّك العقاري في لبنان بما يربطهم بمنع الفلسطينيين، إذ منع أي أجنبي يحمل وثيقة من دولة معترف بها، وكان أصله فلسطينياً، عملياً من التسجيل لأي حق عقاري مثل الفلسطينيين المقيمين في لبنان. وهنا، راجعت بعض سفارات الدول الأجنبية الحكومة اللبنانية وانتقدت التمييز الذي يتعرض له مواطنوها، فعادت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2005 لتسمح لهؤلاء بتسجيل البيوت بأسمائهم.
ومنع الأجنبي المتزوّج من فلسطينية أيضاً من التملّك العقاري بحجة انها ستكون من ورثته ولا يحق لها التملّك العقاري. وقد تضاربت الآراء في شأن هذه الممارسة الإدارية بمنع التسجيل، التي وصفها الخبراء القانونيون في لبنان بأنها تدبير تعسفي وغير قانوني، لأن العبرة هي في شخصية مَن يتملك، بصرف النظر عن زوجته.
ووفقاً للدراسة، أدلى بعض الكُتّاب بالعدل وموظفون في مديرية الشؤون العقارية بدلوهم باجتهادات فردية أدت إلى الامتناع عن إبرام عقود تحتمل حقوقاً عينية تبعية، لا تؤدي إلى نقل أو إنشاء الملكية العقارية، مثل الرهن المالي الذي يتطلّب الوفاء بالدين، ولو كان المرهون عقاراً، لأن صاحبه فلسطيني لا يحق له تسجيل رهن العقار الذي يتوجب بيعه في حال عجز المدين عن سداد الرهن.