Tuesday, 26 February 2013 - 12:39pm
خلال الشهور الثمانية الأخيرة، ومع ازدياد أعداد اللاجئين السوريين بنحو مطّرد في لبنان، أظهرت دراسة منظّمة «أطباء بلا حدود» تدهوراً خطيراً في الظروف المعيشيّة والصحيّة للاجئين. الاستشفاء والسكن والتسجيل مشاكل تحتاج إلى حلّ سريع
زينب مرعي
بكثير من الحذر، تحاول مساعدة رئيس بعثة منظّمة «أطباء بلا حدود» في لبنان زينة غنطوس أن تشرح التقرير الذي صدر عن المنظّمة قبل أسبوعين والمشاكل التي تربض خلف الأرقام. خلاصة الدراسة تقول إنّ وضع اللاجئين السوريين في لبنان «مقلق جداً»، وإنّ حالهم المتدهور مرتبط بأزمة السكن والدواء والتسجيل. تضيف أنّ هناك يومياً حوالي مائة عائلة سوريّة تعبر الحدود اللبنانية ــ السورية باتجاه الداخل اللبناني. هذا العدد الكبير من النازحين يحتاج إلى عمل سريع لتلبية الاحتياجات المتزايدة يومياً إن كان على صعيد المساعدات، الأموال، المساكن والفريق البشري المكرّس لمتابعة أوضاعهم.
غنطوس تلفت إلى أنّ 40% من اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا مسجّلين لدى المفوضيّة العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «وتكمن خطورة هذا الرقم الكبير، في أنّ المساعدات التي تقدمها منظمات الإغاثة مرتبطة مباشرة بعمليّة التسجيل. فاللاجئ الغير المسجّل مثلاً، يتحمّل فاتورة استشفائه كاملةً وحده، بينما يستفيد المسجلون من حسم 85% على فاتورة الاستشفاء. ومع ذلك فإنّ الـ15% الباقية من الفاتورة التي يتحمّلها اللاجئ، لا تزال تشكّل عبئاً كبيراً عليه، وهي عائق حقيقي يمنعه من طلب العلاج في كثير من الأحيان».
41% من المستطلَعين أوضحوا أنّ السبب الرئيسي خلف عدم تسجيلهم هو نقص المعلومات حول كيفية التسجيل، أو أن نقاط التسجيل بعيدة جداً. بينما خشي آخرون من إعادتهم إلى سوريا مرة أخرى لأنهم لا يملكون الأوراق القانونية المطلوبة. من بين الـ40% من اللاجئين غير المسجّلين،63% يقولون إنّه لم يصلهم أيّ نوع من المساعدات، بينما أوضح 25% من المسجّلين لدى المفوضيّة أنّهم لم يحصلوا على أيّ مساعدة أيضاً، بينما 65% من المسجّلين رأوا أنّ المساعدات التي يتلقونها، غير كافية أبداً. من هنا دعت «أطباء بلا حدود» في توصيات دراستها، الحكومة اللبنانية والجهات المانحة ومفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى ضمان تسجيل القادمين خلال أيام من وصولهم عبر زيادة نقاط التسجيل وحشد موارد بشريّة. ورغم الزيادة الكبيرة في الأعداد يومياً، تحافظ المفوضيّة في تقاريرها الأسبوعيّة على إعطاء رقم محدّد للاجئين المسجّلين لديها أسبوعياً، يراوح بين 9 إلى 10 آلاف لاجئ، وهو ما لا يتناسب مع حجم النزوح السوري، الأمر الذي أثار أسئلة البعض عما إذا كان هناك اتفاق ضمني بين المفوضيّة والحكومة اللبنانية على عدم كشف الأرقام الحقيقيّة. إلى جانب أزمة التسجيل تبرز أزمة السكن. فأكثر من 50% من اللاجئين الذين تم استطلاع رأيهم، مسجّلين أم لا، يعيشون في أماكن غير ملائمة. أما الباقون فقد استأجروا منازل. بين من يسكنون في الملاجئ الجماعيّة، 20% فقط قالوا إنّه تمّ تأهيل هذه الأماكن لهم من قبل جمعيّات مختصّة و75% غير موجودين في المكان المناسب الذي يحميهم من العوامل الطبيعيّة.
ودعت المنظّمة في هذا الشأن، السلطات المعنيّة إلى «توفير الملاجئ الجماعية على الفور وتجهيزها لتناسب ظروف فصل الشتاء واستيعاب التدفق المتزايد للاجئين الوافدين حديثاً». هذا ما تتمناه المنظّمة نهاية. لكن غنطوس ورئيس بعثة المنظمّة إلى لبنان فابيو فورجيوني يحاولان قدر المستطاع عدم الإجابة عن الأسئلة التي تضع قدرات الحكومة اللبنانية الفعليّة أمام تأمين الحاجات والخدمات المثالية إلى اللاجئين. ثم نتساءل عن شكل هذه الملاجئ الجماعيّة، بعدما أظهرت مخيمات تركيا أو الأردن مثلاً، كوارث إنسانيّة في ظروف الطقس القاسية. تقول غنطوس إنّها لا تستطيع أن تحدّد شكل الملاجئ الجماعيّة المثالي، لكن «يجب دراسة أفضل طريقة لإقامتها ومتابعتها من قبل الجمعيات المختصّة بتأهيل المنازل». وفي ظلّ غياب المسكن الملائم، ربط اللاجئون بينه وبين تدهور وضعهم الصحّي. ووجد 52% من اللاجئين الذين شملتهم الدراسة أن تكلفة رعاية العلاج من الأمراض المزمنة تفوق قدرتهم المالية وأن ثلث هؤلاء تقريباً اضطروا إلى وقف العلاج لأنهم لم يستطيعوا تحمل تكلفته. وبالنسبة إلى أولئك المسجلين وغير المسجلين على حد سواء، كانت تكاليف الرعاية الصحية الأولية الأساسية، والرعاية السابقة للولادة، والولادة في المستشفى، مرتفعة إلى حد منعهم من السعي إلى الحصول عليها.