العلاج الطبي لمدمني المخدرات مجاني في مستشفى ضهر الباشق ووزارة الصحة رصدت 700 مليون ليرة لتغطيته لمدة سنة

Monday, 25 February 2013 - 3:24pm

من المعلوم أن تكلفة العلاج الطبي لمدمني المخدرات في المستشفيات الخاصة باهظة جداً. وتستغرق مدة العلاج في المستشفى ما بين 10 أيام الى أسبوعين بتكلفة لا تقل عن 2000 الى 2300 دولار. وغالباً ما تكون الامكانات المادية عثرة أمام ذوي الشبان والشابات لانتشالهم من هذه الآفة المستشرية في مجتمعنا.
مع تأسيس قسم خاص جديد في مستشفى ضهر الباشق الحكومي لمدمني المخدرات، لم يعد هناك من داع للقلق، فالعلاج الطبي أصبح متوافراً مجاناً، وهي المرة الأولى يقدم مستشفى حكومي في لبنان على هذه الخطوة. أطلق فكرتها رئيس مجلس ادارة المستشفى ومديره العام الدكتور روجيه حاموش لمعالجة الشباب من الادمان واعادتهم الى الحياة الطبيعية.
زارت "النهار" المستشفى نحو ساعة من الوقت، وجالت في المركز الذي يقع في منطقة توحي بالراحة والسكون، وتحوطه حديقة تفوح منها رائحة أشجار الصنوبر لتنسي المدمنين نشوة المخدرات، وان لبعض الوقت، الى أن يتمكنوا من تنظيف أجسادهم من لوثتها...
استهل حاموش كلامه عن انشاء هذا المركز، قائلاً: "انه مركز مستقل قائم بذاته ومنفصل عن المبنى الأساس للمستشفى، ويعود الفضل في انشائه الى مؤسسة الوليد بن طلال ومساعي الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، التي موّلته وساهمت باعادة تأهيل بناه التحتية، اضافة الى دعم وجهود وزير الصحة علي حسن خليل الذي جهّزه بالمعدات اللازمة".
قبل بدء استقبال الشباب المدمن للمعالجة، رافق حاموش هاجس ما اذا كانت وزارة الصحة ستتمكن من تغطية تكلفة العلاج الطبي وتقديم المستلزمات الاضافية اذا اقتضت الحاجة. "وجاء تعاون الوزير حسن خليل مثمراً، حين رصد للمركز سلفة مالية حدد لها سقفاً قيمته 700 مليون ل. ل. لمدة سنة، مستقلة عن السقف المحدد للمستشفى"، يؤكد حاموش، "ما يسمح لكل مدمن لبناني، اذا أراد، بالتوجه الى المركز لتلقي العلاج على نفقة وزارة الصحة".

آلية تحويل المرضى
إلى المركز
كيف تتم احالة المدمنين الشباب والمراهقين على مركز الوليد بن طلال للمعالجة من ادمان المخدرات؟
يجيب: "بعدما جهّزت وزارة الصحة هذا المركز، بدأت لجنة الادمان المنصوص عليها في قانون المخدرات الصادر العام 1998، وهي برئاسة القاضية رنده كفوري، عملها للمرة الأولى منذ صدور القانون". وتحدث عن شقين في آلية تحويل المرضى الى المركز: أولاً، بعدما تقوم الأجهزة الأمنية بتوقيف المدمنين وتحيلهم على النيابات العامة، تحيلهم الأخيرة على لجنة الادمان التي تخيّر الموقوفين اما أن يذهبوا الى المركز لتلقي العلاج اللازم، وعقب الانتهاء منه تسلمهم افادات ليتحولوا بعد ذلك الى مراكز التأهيل مثل، "أم النور"، "جاد"، "سكون" وغيرها، أو ارسالهم الى سجن رومية واخضاعهم للمحاكمة".
أما الآلية الثانية، فبعد الاتفاق مع الوزير حسن خليل يمكن لأي متعاط لم يوقَف لدى الأجهزة الأمنية التوجه الى المركز لتلقي العلاج من خلال التواصل مع نصرا البيسري المسؤولة عن هذا الموضوع على الأرقام: 04/872145 أو04/872148 المقسم 5004.

متخصص بالعلاج
الطبي فقط
تعاقد المركز مع أطباء ومعالجين نفسانيين متخصصين بموضوع معالجة الادمان، يتناوبون يومياً في المركز على مدار الأسبوع. ويقدّر حاموش عدد المدمنين في لبنان بحوالى 25 الفا، أما الذين يتلقون العلاج مباشرة أو غير مباشرة فلا يتعدون الـ 1700 مريض.
ويبدأ العلاج الطبي في المركز، "مع تقويم حالة المدمن من الطبيب النفساني، مروراً بعالم النفس، وصولاً الى المرشدة الاجتماعية لمعرفة الأسباب التي أدت به الى تعاطي المخدرات من أجل تحديد طبيعة العلاج، وما اذا كانت حال المريض تستدعي دخوله المستشفى ومعالجته بواسطة حقن، أو الاكتفاء بزيارة الأطباء في العيادات الخارجية. ويستغرق العلاج ما بين أسبوع الى اثنين، على أن يخرج بعده الى مراكز التأهيل أو الى المنزل".
قبل نحو شهرين باشر المركز استقبال المدمنين، وتبلغ قدرته على الاستيعاب: عشرة أسرّة للذكور وخمسة للاناث. ويلفت حاموش الى أن بعض المرضى لا يحبذون أن يتعرف الى هويتهم أحد، فيحفظ المركز هذه الخصوصية عبر توفير غرفة خاصة من دون تدوين اسم المريض على الملف بل رقم يدل اليه، ويبقى الأمر سرياً بينه وبين العاملين في المركز".
ويعترف حاموش بأنه لم يقدّر قيمة هذا المشروع الا بعدما لمس ضرورة وجوده نظراً الى تفاقم هذه المشكلة، "وما نراه هو رأس جبل الجليد، وهذا ما دفع الوزير حسن خليل الى اعتماد المركز كنموذج"، كاشفاً أن الوزير اقترح في احدى جلسات مجلس الوزراء أن يتم انشاء مراكز مماثلة في مختلف المحافظات.

شهادتان تحاكيان الواقع
يتألف المركز من صالة اجتماعات للأطباء، وأخرى للممرضات اللواتي يُحضّرن العلاجات، وغرفة للشباب يجتمعون فيها ويتبادلون تجاربهم، وغرف للنوم وغيرها. ولدى دخولنا غرفة الشباب، تحدثنا الى ح.م. الذي حضر الى المركز من طريق مركز "سكون" ليتلقى علاجه الطبي: "بت أكره المخدرات على أنواعها، والطبيب الذي لا يزال يعاينني هو كان الأساس في اقناعي بالابتعاد من تعاطي المخدرات. أمضيت ثمانية أعوام في المجهول لا أدري ما الذي يجري معي ومن حولي" رغم علم ذويه. ويقول باقتناع: "مهما كانت مشكلاتي صعبة يستحيل أن أعيد هذه التجربة المرّة ولا أتمناها لأحد".
تعرّف ف.ع. الى الحبوب المخدرة من طريق زميل له في العمل شجعه مراراً على تناولها. كانت الحبوب بالنسبة اليه بمثابة قوة "لأنني كنت ضعيف الشخصية". خضعت للعلاج في أحد المستشفيات الخاصة، "لكنني لم أقتنع بالعلاج وأصررت دوماً على التعاطي". دخل المركز وهو يشعر الآن بسلام داخلي ويتمنى ألا يقع في الفخ بعد اليوم. وناشد الشباب الذين يتعاطون المخدرات التوجه الى المركز لتنظيف أجسامهم من هذه السموم المميتة والانطلاق نحو الحياة بأمل جديد.