من يقبض فوائد تعويض نهاية الخدمة: العامل أم صاحب العمل؟

Saturday, 23 March 2013 - 12:00am
شهد صندوق الضمان ثلاث حالات لا تحتسب خلالها الفوائد على حساب تعويض نهاية الخدمة المستحق للعمال؛ غياب المكننة، إغفال صاحب العمل تقديم التصريح السنوي التفصيلي، وفئة السائقين العموميين. لا أحد يعلم قيمة المبالغ الناتجة من هذه الحالات والتي لا تزال في صندوق الضمان، رغم أنها مستحقة للعمال

محمد وهبة
إعلان

لم يعد هناك أي شكّ في أن حقوق العمال تتآكل في لبنان. فالعمّال لا يحصلون على الفوائد المتراكمة على حسابات تعويض نهاية خدمتهم، بل يحصل عليها أصحاب العمل في 85% من الحالات، على ما يؤكد المطلعون على حسابات صندوق الضمان الاجتماعي. الأمر ليس فيه غشّ ولا تزوير، لكنه ليس لائقاً أن يوظّف الضمان مستحقات العمال التي يتبجّح أصحاب العمل بسدادها عنهم بوصفها جزءاً من أجرهم، ثم يتبيّن أن توظيفها يجري لمصلحة أصحاب العمل. كيف يحصل ذلك في مؤسسة شعارها «الأمان الاجتماعي»؟
قبل ثلاثة أسابيع، وجّه عضو مجلس إدارة الضمان جهاد المعلّم ورقة مكتوبة إلى المجلس يسأله فيها: هل يتقاضى أجراء لبنان المنتسبون إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبلغوا سن التقاعد قيمة الفوائد المتراكمة في حساب تعويض نهاية الخدمة؟ ثم استطرد المعلّم، مشيراً إلى أن «الواقع المطبق مخالف لقانون الضمان وأنظمته، فيما تدفع الفائدة لرب العمل الأخير، ما يمثّل تعدياً واضحاً على حقوق الأجراء وفئات أخرى مثل السائقين العموميين».
عملياً، يُعدّ تعويض نهاية الخدمة حساباً ادّخارياً باسم الأجير يغذّى بالاشتراكات الشهرية، وتضاف إليها الفوائد القانونية في حال تعدّد عمل الأجير لدى أكثر من صاحب عمل ومبالغ التسوية. لكن تطبيق هذه القاعدة لم يكن موحّداً خلال العقود الأربعة الماضية، بل كان متفاوتاً بسبب اختلاف طرق احتساب الفوائد على المبالغ المتراكمة في حساب الأجير؛ وبحسب الأنظمة والقوانين في الضمان، فإن احتساب هذه الفوائد يجب أن يسبقه تصريح المؤسسة للضمان عن الأجراء العاملين لديها، ما يفرض عليها سداد اشتراكات للفروع الثلاثة في الضمان (ضمان مرض وأمومة، نهاية خدمة، عائلي) بمعدل 23.5% من الأجر الشهري المصرّح عنه، منها 8.5% تدفع لفرع نهاية الخدمة بهدف تمويل الحساب الادخاري للتعويض ويحسم منها صندوق الضمان 0.5% كلفة إدارة.
هذه المبالغ يفترض أن تتراكم في حساب تعويض نهاية الخدمة وبإمكان الأجير أن يسحبها في ثلاث حالات: انقطاع عن العمل، بلوغ سن التقاعد، مرور 20 سنة على الخدمة الفعلية. غالبية الأجراء لا يسحبون تعويضهم عندما ينقطعون عن الخدمة، ما يؤدي عملياً إلى تراكم المبالغ في حسابهم الادخاري لدى الصندوق، وبالتالي بات يتوجب عليها فوائد وفق نصّ الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون الضمان التي تشير إلى أنه «عندما يكون الأجير قد عمل عند عدّة أرباب عمل، فإن حساب تعويضات نهاية الخدمة يتألف من مجموع حساباته المجمّدة عند كل تغيير عمل، ويضاف إليها التعويض المتوجب على ربّ العمل الأخير، ويجمّد هذا الحساب في الصندوق وتسري الفائدة عليه بالمعدّل المحدّد في نظام الصندوق الداخلي»، وتشير المادة 12 من نظام تعويض نهاية الخدمة إلى طرق احتساب تعويض نهاية الخدمة للذين يعملون لدى أكثر من رب عمل على النحو الآتي: «مجموع المبالغ التي دفعها مختلف أرباب العمل للصندوق أو كان متوجّباً دفعها، فوائد المبالغ المشار إليها في الفقرة السابقة».
في الواقع، إن الضمان يشهد منذ عقود أكثر من حالة متصلة بعدم احتساب الفوائد على المبالغ المتراكمة في حساب تعويض المضمون، وأبرزها الحالة التي تظهر اليوم على النحو الآتي: في نهاية كل سنة، يجب على صاحب العمل أن يقدّم للضمان تصريحاً مفصلاً عن كل أجرائه وما سدّد عنهم من اشتراكات خلال السنة استناداً إلى قيمة راتب كل منهم، لكن إغفال هذا الأمر يؤدي إلى نتيجة يكون فيها الاشتراك مسدداً بصورة إجمالية، ومن دون أن يُذكر على البطاقة الإفرادية لكل أجير، فيتعذر على الضمان احتساب الفوائد على مبالغ مدفوعة لكنه لا يعرف مستحقيها. في هذه الحالة، تذهب المبالغ المسدّدة إلى الحساب الإجمالي لفرع تعويض نهاية الخدمة من دون أن يحصل الأجير عليها ولا على فوائدها. وفي نهاية التسعينيات، بلغ حساب الفائض أو الفرق بين الحساب الإجمالي لفرع نهاية الخدمة والحسابات المستحقة للمضمونين، وفق تقديرات مدير الإحصاء وأساليب العمل السابق خالد سرور، نحو 15 مليار ليرة. لكن هذا الحساب عن الفائض لم يجر عن الفترة اللاحقة، ما أبقى تعويضات نهاية الخدمة في حالة غير سويّة واستمرّ تآكل حقوق عمال لبنان.
واللافت أنه في عام 2008 أنهت اللجنة الفنية تقريراً يؤكد عدم احتساب الفوائد في الحساب الادخاري للأجير بسبب «عدم معالجة التصريح الاسمي السنوي من عام 1965 حتى 2003... ونظراً لعدم وجود بطاقة تعويض نهاية خدمة ممكننة».
وهناك حالة سابقة تتعلق بعدم احتساب الفوائد على تعويض نهاية الخدمة. فالمعروف بحسب قدماء موظفي الضمان، أنه خلال فترات عدم استقرار قيمة النقد، لم يكن العمال يطالبون بإضافة الفوائد إلى حساباتهم، فيما لم تكن هذه الحسابات مُمكننة، وكان المستفيد الوحيد منها هم أصحاب العمل الذين طالبوا باحتساب الفوائد وحسم قيمتها من مبالغ التسوية. ولتوضيح هذه المسألة، يجب تعريف مبالغ التسوية على أنها الفرق بين قيمة التعويض المستحق للأجير ومجموع ما تراكم في حسابه الادخاري خلال سنوات عمله... ففي الغالب، لا تكفي قيمة الاشتراكات المتراكمة لتغطية قيمة التعويض النهائي، فتدفع المؤسسات ما يعرف بالتسوية، لكنها تحصل على حق حسم الفوائد القانونية من قيمة التسوية.
ويضاف إلى هاتين الحالتين، حالة خاصة تتعلق بعدم سداد أي فوائد على المبالغ المدخرة لتعويض نهاية فئة السائقين العموميين المنتسبين إلى صندوق الضمان. فهؤلاء لا يحصلون إلا على ما ادخروه من تعويضات من دون أي فوائد، رغم أنه ليس هناك في نظام الضمان أي بنود قانونية تمنع دفع هذه المبالغ. لذلك يعتقد المعلّم في كتابه إلى مجلس الضمان أنه «يجب العودة عن هذا التعدّي على حقوق المضمونين ودفع هذه الحقوق لهم التي كرسها القانون والنظام، والقاعدة نفسها تسري على احتساب تعويض نهاية الخدمة للسائقين العموميين ويجب تصحيحها وإعطاؤهم حقوقهم القانونية».

لبنان ACGEN اقتصاد الأخبار