Saturday, 16 March 2013 - 12:00am
ممثلو الحكومة محاصصة في مشروع مرسوم مجلس الإدارة
المناخ العام في البلد نتيجة الأحداث المتنقلة في البلد، والصراع الدائر حول مشروع قانون للانتخابات النيابية المقبلة، والحراك الذي تقوده «هيئة التنسيق النقابية»، لتحويل «سلسلة الرتب والرواتب» إلى المجلس النيابي، كلها أمور تصيب بتداعياتها السلبية، المؤسسات العامة والخاصة.
في حمأة التحضير للخروج بقانون انتخابي توافقي، كما يقال، قرر وزير العمل سليم جريصاتي تغيير مجلس «إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، وكلف المدير العام بالإنابة توجيه رسائل إلى الهيئات الأكثر تمثيلاً، لانتخاب مندوبيها إلى مجلس الإدارة.
وصلت الرسائل إلى أصحابها، وباشرت الهيئات انتخاب مندوبيها، وأبقت «جمعية تجّار بيروت» على مندوبها السابق منير طبارة، فيما أبقت الجمعيات التجارية الأخرى على ايلي شلهوب، وستجري عملية انتخاب المندوبين الآخرين بالتتالي، بحضور وإشراف مندوب وزارة العمل، كما قال الوزير سليم جريصاتي لـ«السفير». لكن الدعوة ـ الرسالة لم تصل إلى «الاتحاد العمالي العام».
ويلفت جريصاتي الانتباه إلى أنه «ترك للاتحاد عملية اختيار مندوبيه العشرة، وفق التوازن الطائفي والمذهبي»، لأن ذلك يتعذّر على الوزير.
للدولة في مجلس إدارة الضمان «ستة مندوبين أو ممثلين لها». ويؤكد وزير العمل لـ«السفير» أنه «رفع مشروع مرسوم يقترح فيه الأسماء، التي يراها مناسبة وتناسب الدور الذي يؤديه الضمان لشريحة واسعة من اللبنانيين». إلا أن مصادر مطلعة في الصندوق، تأخذ على الوزير عدم تعاطيه مع الضمان بشكل رسمي مؤسساتي، منذ توليه وزارة العمل كوزارة وصاية.
«ريموت كونترول»
وتشدّد المصادر على أن جريصاتي لم يجتمع مرة بمجلس الإدارة، أو اللجنة الفنية أو المدير العام منذ حوالي السنة. وهو، أي الوزير، لا يستطيع التعاطي مع قضايا الضمان بـ«ريموت كونترول»، خصوصاً أن دور سلطة الوصاية معروف قانونياً، لكنها تمتلك في الوقت ذاته دوراً معنوياً، وأنه قام بزيارة يتيمة للمدير العام محمد كركي منذ ثلاثة أشهر، وتعدّ تلك الزيارة مخالفة للبروتوكول، حيث لم يبلغ بها رئيس مجلس الإدارة، أو يُدعى إليها.
مَن هم المقترحون إلى مجلس إدارة الضمان كممثلين للدولة اللبنانية؟
علمت «السفير» أن الأسماء التي يقترحها جريصاتي هي: د. منصور وهبي (ماروني)، ايلي بيطار (أرثوذكسي، ويقال إنه يعمل مستشاراً للوزير)، ميشال حداد (كاثوليكي)، حسين شقير (شيعي، يقال أيضاً إنه يعمل في مستشفى الرسول الأعظم)، مصطفى الأغا (سني من طرابلس، لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي) ورمزي حلاوي (درزي، اقترحه الوزير مروان خير الدين والنائب طلال أرسلان).
مصادر مطلعة في الصندوق أوضحت لـ«السفير» أن مشروع المرسوم المعدّ بالأسماء المقترحة كممثلين للحكومة، جرت قبله مشاورات، استحوذ بعدها على موافقات مرجعيات سياسية طائفية، بما يتعلق بالشيعي والسني والدرزي، ولم يفعل ذلك بما يتعلق بالماروني والأرثوذكسي والكاثوليكي، مما يؤدي حكماً إلى عدم صدور هذا المرسوم.
وصدر مرسوم تعيين مجلس إدارة الضمان الحالي في العام 2003، وبعد حرب تموز 2006، مدد للمجلس أكثر من مرة، إلى أن اتخذ مجلس الوزراء قراراً بالتمديد للمجلس إلى حين انتخاب مجلس جديد. خلال هذه الفترة استقال ممثلان للحكومة هما أكرم نجار ومروان اسكندر، وفي الوقت الراهن يحضر جلسات المجلس عضوان في أحسن الأحوال ما يعيق عملية التصويت القطاعي داخل الجلسات لاتخاذ أي قرار.
هنا بدأ التداول بتعيين بدلاء للمستقيلين، فتبين أن سدّ الشغور يكون حتى نهاية ولاية المجلس الحالي فقط. وهي غير معروفة باعتبار أن التمديد لم تحدد فترته. عندئذ لجأ وزير العمل إلى خطوة إجراء تغيير لكل المجلس، ومن أجل ذلك، وجهت الدعوات للانتخابات وفقاً للمرسوم الرقم 2390 تاريخ 25 ـ 4 ـ 1992.
ويتألف مجلس الإدارة وفق هذا المرسوم، من الأعضاء: 2 للصناعيين، 2 لجمعيات التجّار، 1 للمهن الحرة، 1 للصحافة والمهندسين، 1 للمصارف، 1 لشركات الضمان، 10 للاتحاد العمّالي العام الذي يختار مندوبين على أن يراعى تمثيل جميع المحافظات والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة والقطاعات الأكثر إنتاجية.
السؤال الكبير
هنا يطرح سؤال كبير: هل يمشي مشروع المرسوم سريعاً قبل الانتخابات النيابية، ولأسباب ليست خافية على أحد، في ظل التسابق على الإمساك بالمؤسسات بطريقة أو بأخرى؟
ماذا يجري داخل مجلس إدارة الصندوق في الوقت الراهن؟
كان على جدول أعمال مجلس الإدارة في 13 شباط الماضي، تعيين مديرين بالوكالة لكل من شؤون مجلس الإدارة، ضمان المرض والأمومة، التفتيش المالي، الإعداد والتدريب. وبذلك يكتمل عقد دزينة من المديرين بالوكالة، في ظل عدم وجود أي مدير بالأصالة.
رفض المجلس التعيين لأسباب، أولها أنه سبق في العام 2009 أن حصل المدير العام على قرار من مجلس الوزراء تحت رقم 36 تاريخ 26 ـ 5 ـ 2009، وافق فيه على إجراء امتحانات عبر «مجلس الخدمة المدنية» لتعيين 12 مديراً، شمل فئات الصندوق كافة بما فيها الفئة الأولى، وقد أجرى الصندوق مباريات عدة، كان آخرها نهاية العام الماضي للفئة السادسة، باستثناء الفئة الأولى نتيجة التدخلات السياسية.
كما رفض مجلس الإدارة، أيضاً، إقرار التعيين، وطالب بالذهاب إلى مجلس الخدمة المدنية على أساس الاشتراك في مباراة، وليس على أساس الاختيار استنسابياً. وحلّت في تلك الجلسة «حفلة طائفية» بامتياز. ففي حين قال أحد الأعضاء «بكل هدوء وروية ومسؤولية أقول بأنه يوجد في الصندوق 12 مديرية ونريد المناصفة في إشغالها بحيث يُعطى المسيحيون 6 مديريات والمسلمون 6 مديريات على قاعدة المساواة والعدل...»، أشار آخر إلى أن «اللائحة المقترحة لا تراعي التوازن. ففي إقرار التعيينات وفق الاقتراح سيصبح توزيع المديرين 7 مقابل خمسة... وغداً عندما يتم تعيين عضوين في اللجنة الفنية ستصبح المعادلة 9 مقابل خمسة... إن أي وظيفة تؤخذ من فئة لا يمكن استردادها والمثل على ذلك رئاسة مكتب بدارو ورئاسة مكتب المطار...».
ووصف عضو مجلس آخر الكلام عن الطائفية بأنه «يشبه الكلام السائد في البلد...»، إذ اعتبر أن «الفترات المذهبية والطائفية هي التي خرَبت البلد. لا مانع من أن يكون جميع المديرين من طائفة واحدة شرط أن يحترموا قانون الضمان الاجتماعي، وأن يحافظوا على أموال المضمونين». وأشار إلى «عدم الشفافية في اختيار أحد المرشحين المقترحين، الذين لم يبق لهم في الوظيفة إلا 11 شهراً، والأصول تقضي بأن تمتنع الإدارة عن اعطاء أي مستخدم خلال السنة الأخيرة من خدمته أية تعويضات تحتسب من ضمن الأجر الخاضع لاحتساب تعويض نهاية خدمته، وتؤدي إلى زيادة هذا التعويض، وسيزاد تعويض هذا الشخص بمبلغ يزيد عن 120 مليون ليرة...».
هذه هي الأجواء التي باتت تتحكم بالنقاش داخل مجلس إدارة الصندوق الوطني، وهي لا تختلف مطلقاً عن المناخ السائد في البلد الذي تنخره الطائفية من أقصاه إلى أقصاه.
وفي هذا الإطار، أطلق أحد النقابيين تحذيراً من أن «تنخر سوسة الطائفية والمذهبية أبواب «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» كمرفق عام يؤدي الخدمات لأكثر من مليون وثلاثمئة ألف مواطن»، وأن «يلجأ المضمون إلى المدير، أو الموظف من طائفته أو مذهبه ليحصل على تقديماته؟ وإلا لن يعود هناك مؤسسة اسمها ضمان لتعيين مديرين فيها».
لبنان ACGEN اجتماعيات السغير رعاية وضمان