Tuesday, 5 March 2013 - 2:35pm
أكثر من ثلاثة أشهر مضت، وصورة الشاب العشريني المكللة بالسواد، لم تفارق حضن الوالدة المفجوعة بفقد عزيزها. تغمر الصورة تارة، وتقبّلها تارة أخرى، وتمسح عنها أحياناً أخرى دموع الشوق، مخاطبة إياها بأسى ولوعة «اشتقتلك يا ماما». تمرّ الأيام ببطء شديد على حياة مشيك، الأم الثكلى بوفاة ولدها نوفل أيوب. هي ما زالت حتى اليوم تعيش صدمة موت ابنها المفاجئ. «ابني لم يمت بحادث سير أو أية ظروف فرضها القدر، لقد توفي نتيجة إهمال طبي واستخفاف بحياة الناس».
مفاجأة وفاة نوفل، الشاب الذي لم يُتمّ الثامنة والعشرين من العمر، لم تصدم عائلته وحدها، بل أقاربه وأصدقاءه أيضاً، وأبناء بلدته السعيدة. «ابني ما كان بيشكي إلا من حالة اكتئاب، بخسروا هيك بلمحة بصر»، يقول الوالد مهدي أيوب لـ«الأخبار»، ويؤكد أن ابنه كان يعاني حالة «اكتئاب عادية، بدأت تظهر عليه منذ 4 سنوات. بدأنا بالعلاج حيث قصدنا الدكتور ش. ب. بتاريخ 27/8/2012، وطلب منا إدخاله إلى مستشفى في المتن (دار الصليب للأمراض العقلية والعصبية)، حيث أجرى له مجموعة فحوص طبية وصور أشعة، لم تظهر فيها أية مؤشرات غير عادية». بعدها أعطاه الطبيب العلاج الذي ارتآه مناسباً له، وهي أدوية benzexol-rivotril-leponex-remeron.
تتدخل الوالدة للقول إن حالة ابنها، منذ دخوله المستشفى بدأت بالتراجع والتدهور «بشكل ملحوظ؛ إذ لم يعد يقوى على النهوض والسير. وفي كلّ مرة كنا نسأل الطبيب فيها عن ذلك، كان جوابه حاضراً بأنه سيتحسن قريباً، عازياً حالته إلى مفعول الأدوية القوي». عشرة أيام مضت على دخول نوفل المستشفى، إلا أن حالته ازدادت سوءاً وتدهوراً، وعلى الرغم من ذلك أوعز الطبيب ش. ب بخروجه من المستشفى، مؤكداً أنه «سيتحسن في المنزل مع العائلة»، كما تروي الوالدة. لكن في اليوم التالي لخروجه «حصل ما لم يكن في الحسبان، إذ توقف قلبه فجأة عن العمل، ما استدعى من العائلة نقله سريعاً إلى مستشفى السان تيريز في الحدث حيث جرى إنعاشه وإعادة قلبه للعمل». إلا أن الفحوص وصور الأشعة التي أجريت له في المستشفى أظهرت أن «خلايا الدماغ قد تعطلت ودخل مرحلة الغيبوبة، بالإضافة إلى المفاجأة التي أظهرتها صورة الأشعة للرئتين اللتين تبين أنهما ممتلئتان بالطعام منذ فترة زمنية تتخطى اليومين، ما أدى إلى انقطاع التنفس وتوقف القلب عن العمل»، كما يؤكد أيوب.
العائلة طلبت الدكتور شوقي يوسف، الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي وتخطيط الدماغ والأعصاب، لمعاينة ابنها، فأكد في تقريره أن نوفل «دخل حالة سبات عميق ناجم عن عواقب واشتراكات تناول أدوية مضادة للذهان (المذكورة أعلاه)، ما أدى إلى تعطل كافة الوظائف الدماغية العليا والعائدة للتنفس التلقائي»، خاتماً تقريره بأن حظوظ خروج المريض من هذه الحالة معدومة، وهو فعلاً ما حصل مع نوفل الذي توفي بعد خمسين يوماً من غيبوبته.
عائلة نوفل تؤمن بأن «الشكوى لغير الله مذلة»، لكن حرصاً منها على عدم ذهاب دم ابنها «هدراً، وحتى لا يقع بين يدي ذلك الطبيب مرضى آخرون يكونون ضحايا لاستهتاره وقلة احترازه»، ترى أنّ «من الضروري التقدم بشكوى قضائية حتى ينال الطبيب العقاب المناسب». وبالفعل، بات أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان اليوم شكوى قضائية بحق الطبيب ش.ب، بجرم التسبب بوفاة إنسان عن إهمال وقلة احتراز.
لبنان ACGEN الأخبار صحة