عكار: كيف لا يموت الأطفال والمستشفى من دون تجهيزات؟

Wednesday, 6 March 2013 - 12:45pm
أعادت قضية وفاة الطفل مؤمن خالد المحمد فتح ملف تأهيل وتجهيز «مستشفى عبد الله الراسي الحكومي» في عكار، حيث ارتفعت الأصوات المطالبة منذ اللحظة الأولى لوفاته بتأهيل المستشفى، لكي يتمكن من تقديم الخدمات للمواطنين بالشكل المطلوب. وأشار الأهالي إلى أنه لو توافرت خدمات الإنعاش والعناية الخاصة بالأطفال في المستشفى الحكومي في عكار، لما استدعى الأمر أن تجول عائلة المحمد على مستشفيات طرابلس لطلب المساعدة، ولكان الأولى أن يتم إسعافه الى المستشفى الحكومي الأقرب إلى مكان الاقامة، ولكان مؤمن ما زال حيا يرزق بين أشقائه وأسرته.
ويعتبر مطلب تأهيل المستشفى من المطالب الرئيسة التي يسعى العكاريون إلى تحقيقها منذ افتتاحه في العام 1998، إلا أن أي بوادر خير لم تظهر في الأفق، الأمر الذي يبقي مصير أكثر من 400 ألف نسمة في المجهول، خصوصا أن العكاريين يعانون الأمرّين لمحاولة تأمين الاستشفاء لأبنائهم، وذلك جراء فاتورة الاستشفاء الباهظة في المستشفيات الخاصة، الأمر الذي يجعل المستشفى الحكومي حاجة ملحة للعكاريين الموزعين على أربع مناطق مترامية الأطراف (الجومة، والسهل، والدريب، والقيطع).
وإذا كان من حق العكاريين وجود أربعة مستشفيات حكومية وفقا للمقاييس الطبية، (حيث يحق لكل مئة ألف مواطن مستشفى يوفر الخدمات الطبية المختلفة) إلا أنهم حريصون على عدم «تكبير الحجر»، وما زالوا لغاية اليوم يطالبون بتأهيل وتجهيز المستشفى الحكومي الوحيد في المحافظة، ومعاملة عكار بالحد الأدنى أسوة ببقية الأقضية وليس المحافظات.
ويتساءل العكاريون الى متى سيبقى مصيرهم مجهولا؟ ومتى سيتوقف عداد ضحايا الموت المجاني الذين يلقون حتفهم على الطرق قبل الوصول إلى مستشفى يؤمن العناية الخاصة؟ ولماذا تلك الاستنسابية في التعاطي مع المستشفيات، حيث يصار إلى تجهيز وتأهيل المستشفيات الحكومية في مختلف المناطق اللبنانية، ومنها طرابلس والضنية وغيرها، بينما تحرم عكار من أبسط حقوقها؟ وإذا كانت الدولة غير قادرة على بناء مستشفيات جديدة (أقله ثلاثة)، فلماذا لا يصار الى إنصافها بالحد الأدنى وتأمين التغطية المالية لكي يتمكن العكاريون من الاستفادة من خدمات وزارة الصحة؟ وهل من المعقول أن تكون حصة عكار من وزارة الصحة مثل بقية الأقضية التي فيها أكثر من مستشفى حكومي غالباً لا تبعد عن بعضها البعض سوى بضعة كيلومترات؟ وهل السقف المالي للمحدد لـ«مستشفى حلبا الحكومي» يأخذ بعين الاعتبار العدد السكاني، الذي يبلغ بالحد الأدنى 400 ألف نسمة؟
في غضون ذلك يسعى «مستشفى عبد الله الراسي الحكومي» في حلبا جاهدا لإبقاء أبوابه مفتوحة أمام المواطنين، الذين يقصدونه من مختلف المناطق العكارية لتأمين الخدمات الصحية التي يعجزون عن تأمينها في المستشفيات الخاصة، حيث إن السقف المالي المخصص له لا يتجاوز الـ250 مليون ليرة يتم التقشف في استخدامها للحالات الطارئة.
ويعمل المستشفى بثلث إمكانياته حيث يضم 76 سريراً، إلا أن 55 سريراً فقط موضوعة تحت الخدمة بسبب عدم توافر الإمكانيات المطلوبة، كما يفتقر إلى قسم رعاية الأطفال وقسم عناية فائقة، (الانعاش) ومرضى القلب وغيرها، بالإضافة إلى عدم تجهيزه بمعدات وآلات التصوير المتطورة. وتحاول إدارة المستشفى التدبر وضمن الموازنة المخصصة لها لتأمين الخدمات للمواطنين وتحديداً الحالات الطارئة التي لا تتحمل الانتظار، الأمر الذي يدفع بالمستشفى في العديد من الأحيان إلى رفض بعض العمليات غير المستعجلة.
ويتحدث عضو مجلس الإدارة، المكلف بالأعمال الإدارية في المستشفى المهندس حسين المصري عن «أننا نحاول ومن ضمن الموازنة الشهرية المخصصة للمستشفى توفير جزء بسيط تم استثماره في تجهيز وتأهيل أربع غرف عناية أطفال، لكن ليس باستطاعتنا تشغيلها لأن الموازنة لا تكفي لتشغيل هذا القسم وتقديم الخدمة الصحية للمواطنين»، مشيراً إلى «الإقبال الكثيف على المستشفى لأن غالبية المواطنين لا يستطيعون تحمل كلفة المستشفيات الخاصة ويلجأون للاستفادة من خدمات وزارة الصحة، الأمر الذي يضطرنا إلى تجاوز السقف المالي المخصص لنا ويوقعنا في عجز نتيجة عدم رفضنا للحالات الطارئة». وأكد أنه من المستحيل تشغيل غرف العناية الخاصة بالأطفال في الظروف الحالية لأن السقف المالي المخصص لنا لا يكفينا لأكثر من 20 الشهر ونحن بحاجة الى ضعف المبلغ المخصص بحال الإقدام على هذه الخطوة.
وطالب رئيس «اتحاد بلديات ساحل القيطع» أحمد المير وزير الصحة علي حسن خليل، «بفتح ملف المستشفيات الحكومية في لبنان وإعادة النظر في إمكانياتها وحاجاتها، ووقف الهدر والتسيب في البعض منها وتوزيع الاعتمادات بإنصاف يتناسب مع حاجة المواطنين»، مشدداً على «ضرورة الاهتمام بوضع المستشفى الحكومي في حلبا، وتجهيز غرفة إنعاش وغرف للعناية المركزة، منعا لتكرار حادثة الطفل مؤمن، لأن ما جرى جريمة كبيرة تتحمل مسؤوليتها وزارات الدولة بالدرجة الأولى».

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء السغير