Wednesday, 13 March 2013 - 10:28am
مكننة وخفـض لسـاعـات الانتظـار وسعـي لتأميـن الطلبـات بـلا انقطـاع
يرتبط اسم «مركز توزيع أدوية الأمراض المستعصية» في الكرنتينا في أذهان معظم الناس بالمعاناة والآلام، بسبب الأمراض الصعبة من جهة، وبفترات الانتظار الطويلة، والفوضى المستشرية في المركز من جهة ثانية.
إلا أنه يبدو أن هناك ما تغيّر جذريا في المركز في الآونة الأخيرة.
تشرح فاطمة عتريس، التي تعاني من داء السرطان، وتقصد المركز شهريّا منذ ثلاثة أعوام، إن الوضع في المركز تحسّن في الفترة الأخيرة بحيث باتت فترة الانتظار لا تطول، كما أن العلاجات لم تعد تنقطع كما في السابق. ففي الشهر الماضي مثلا، حصلت عتريس على دواء بديل مماثل لدوائها الأساسي مما سمح بعدم توقّف علاجها.
بالإضافة إلى ذلك، ومنعا لعمليات انتحال الصفة التي كانت تحصل في السابق، بات على عتريس أن تتسلّم الدواء شخصيا، إلا في بعض الحالات حيث يُسمح لأخيها باستلام الدواء مع إثبات صلة القرابة.
من جهتها، تشيد فاتن فنيش بالتنظيم الجديد الذي طرأ على المركز مشيرة إلى تحسّن المعاملة. وتوضح أن الحليب المخصّص لعلاج ابنها لم ينقطع منذ سنة تقريبا. إلا أن فنيش تشتكي من أنها تقدّم طلبها إلى وزارة الصحة كلّ ستة أشهر، وعليها أن تنتظر شهرا أو شهرين للحصول على الموافقة، في حين أن مرضى آخرين يؤكدون لـ«السفير» أن فترة انتظارهم لا تتعدى الأيام العشرة.
بدورها، تعاني ندى أبو جودة مرض ترقق العظام، وهي لا تستفيد من أي جهة ضامنة. تقدّم أبو جودة طلبها كلّ ستة أشهر للوزارة وتنتظر نحو ثمانية أيام للحصول على الموافقة. تقصد مركز الكرنتينا شهريا للحصول على الحقنة العلاجية من دون أن تتجاوز فترة انتظارها هناك الساعة الواحدة، مقارنة بالساعات الطوال التي كانت تبدأ فجرا في السابق.
إلهام عبدو، التي تعاني قصور كلوي، تشيد أيضا بتطوّر خدمات وزارة الصحة ومركز توزيع الأدوية، فهي باتت تحصل على الموافقة على طلبها في غضون أسبوع وتتوجه شهريا إلى المركز لتأمين علاجها.
من ناحيتها، تشير سميرة الحسيني، والدة جورج الحسيني، إلى أن علاج ابنها لم ينقطع منذ سنة ونصف تقريبا وهي تحصل على الدواء عينه الموصوف من قبل الطبيب المعالج.
يقف سائق أحد الأشخاص منتظرا دوره للحصول على الدواء. يقول إنه لا يمكنه استلام الدواء بدل المريض إلا في حال حصوله على تأشيرة خاصة من قبل الوزارة قبل المجيء إلى المركز. يجدّد السائق أوراق الملف سنويّا في الوزارة ويقصد المركز مرة واحدة في كلّ شهر.
وبالنسبة لمرض الهيموفيليا، تؤكّد رئيسة «الجمعية اللبنانية للهيموفيليا» صولانج صقر أن الوزارة لم تتوقّف عن تأمين الأدوية للمرضى خلال العامين الماضيين، بل زادت الوزارة عدد الوحدات المحدّدة لبعض المرضى خصوصا المتقدّمين في العمر من دون أن يلغي ذلك حاجة بعض المرضى في حالات عدة ( عمليات جراحية، نزيف وغيرها) إلى مزيد من وحدات العلاج.
وتلفت صقر إلى أن الوزارة تؤّمن حتى الأدوية الحديثة المستخرجة بواسطة تقنيات التكنولوجيا الحيوية، فيما تحاول الجمعية توفير بعض الهبات لمساعدة المرضى.
في المقابل، يشتكي حسام سباعي من انقطاع دواء «Humira» لعلاج إلتهاب المفاصل، مشيرا إلى إنها المرة الثالثة التي يقصد المركز ولا يجد الدواء. وتعيد رئيسة المستودع في المركز الدكتورة مهى نعوس سبب انقطاع الدواء، بشكل متقّطع، إلى الوكيل الذي لا يوفّر خزينا كافيا في بعض المرّات.
ما الذي تغيّر؟
من المعروف أن خدمات مركز توزيع أدوية الأمراض المستعصية في الكرنتينا تشمل المواطنين الذين لا يستفيدون من أي جهة ضامنة، كمثل «الضمان الإجتماعي»، أو «تعاونية موظفي الدولة»، والجيش اللبناني والأمن العام. ومركز الكرنيتنا مخصص للأدوية المستعصية في حين أن الوزارة تؤمّن علاجات الأمراض المزمنة (مثل السكّري وارتفاع ضغط الدمّ...) في مراكز الرعاية الصحية الأولّية.
تغطي الأدوية الموجودة في المركز، وفق رانيا خليل القيّم، مستشارة وزير الصحة، اثنتي عشرة فئة مرضيّة هي: أمراض التورّم الخبيثة (سرطان)، أمراض الدمّ وأمراض التورّم عند الأطفال، الأمراض النفسيّة، الأمراض العصبيّة، أمراض الأطفال وغدد الأطفال، أمراض الكلى، أمراض الدمّ، أمراض الجهاز الهضمي، زرع نقي العظم، أمراض الروماتيزم، الأمراض الجرثومية ( من بينها فيروس نقص المناعة المكتسبة «إيدز»)، وأمراض العين.
يبلغ العدد الإجمالي للعلاجات التي تقدّمها وزارة الصحة نحو 811 علاجا. تقوم لجنة علميّة متخصصة مؤلفة من طبيبين أو ثلاثة أطباء، بدراسة الملفات الخاصة بكلّ فئة مرضيّة مستندة على بروتوكولات علميّة شاملة.
فمثلا، قبل شهرين، أصدرت وزارة الصحة بالتعاون مع «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» في لبنان البروتوكول الوطني للأمراض السرطانية، كما اعتمدت المعايير الصادرة عن المعهد الوطني البريطاني للصحة National institute for health and clinical excellence لإنجاز البروتوكولات العلمية الخاصة بالأمراض الأخرى.
ولا تؤمّن وزارة الصحة إلا الأدوية المسجلّة في الوزارة وهي الحاصلة على إعتماد «الوكالة الأميركية للغذاء والدواء»ـ FDA أو «الوكالة الأوروبية للأدوية» EMEA.
تنظيم آلية العمل
تشرح القيّم آلية تقديم الطلب في الوزارة:
يوفّر الموقع الإلكتروني التابع لوزارة الصحة العامة « www.moph.gov.lb» نماذج طلبات خاصة بكلّ فئة مرضيّة. ثم يملأ الطبيب المعالج استمارة الطلب مع المستندات المطلوبة قبل أن يتوجّه المريض إلى الوزارة حيث يخصّص «مكتب مكننة المعلومات الطبيّة» سجلا صحّيا لكل مريض.
بعدها، تحال الطلبات المقدّمة إلى اللجان العلميّة لدراستها. تجتمع اللجنة المتخصصة بأمراض التورّم الخبيثة مرتين في الأسبوع بينما تجتمع اللجان الأخرى مرة واحدة أسبوعيّا. تتراوح قرارات اللجان بين الموافقة أو الرفض لأسباب علمية بحتة، أو يصار الى التأجيل بانتظار توافر مستندات إضافية، أو لمراجعة الطبيب المعالج، أو لإحالة الطلب إلى لجنة طبيّة أخرى.
تنصّ المادة الخامسة من قرار «اعتماد بروتوكولات علاجية للموافقة على صرف الأدوية من وزارة الصحة العامة» الصادر في أيلول الماضي على اتخاذ التدابير المناسبة بحقّ الأطباء الذين لا يحترمون الأصول العلمية المحددة في البروتوكولات وتحميلهم مسؤولية رفض طلبات المرضى وزيادة معاناتهم، في حال وصف أدوية غير معتمدة لتواطئهم مع بعض شركات الأدوية مثلا. وتلاحظ القيّم التزاما أكبر من قبل الأطباء بمعايير البروتوكولات.
وبعد الحصول على الموافقة، يرسل مكتب تسليم المعاملات رسالة هاتفية للمريض لإبلاغه بالتوجه إلى المكتب لاستلام الموافقة. تسلّم المعاملة إلى صاحب العلاقة أو من ينوب عنه مثبتا صلة القرابة ومن دون مقابل ماديّ. تتراوح المدّة الزمنية بين تاريخ تقديم الطلب وانجاز المعاملة بين أسبوع أو عشرة أيام. يجدّد المريض طلبه في وزارة الصحة كلّ ستة أشهر. يوقّع وزير الصحة علي حسن خليل بعض الاستثناءات في حالات فرديّة وضروريّة مثل تأمين علاج خارج البروتوكول، أو علاج لأشخاص مضمونين، أو لأشخاص غير لبنانيين مع شرط موافقة اللجان العلميّة.
بعد الموافقة
يتوجّه المريض إلى الكرنتينا لاستلام الدواء، ويجلس منتظرا رقم معاملته. يشرح رئيس مركز توزيع الأدوية الدكتور انطوان حرب، أن المركز بات يحتوي على لوحات إلكترونية تُظهر رقم المعاملة ورقم الشباك الذي يجب التوجّه إليه. يدّقق الموظّف المسؤول بمستندات الملّف وصلاحية الموافقة ( المدّة، اسم الدواء وكميّته)، ويتم أرشفة جميع الملفات الطبيّة وجدولتها.
ينتظر المريض دوره للحصول على الدواء من الصيدلية بحسب الأرقام الظاهرة على اللوحات الإلكترونية. ثم، يوقّع المريض على استلام الدواء.
بالإضافة إلى ذلك، يؤمّن المركز حقائب خاصة لحفظ حرارة الأدوية وجودتها وللمحافظة على خصوصية المريض.
يضمّ المركز المجهّز بآلات تصوير للمراقبة، وفق حرب، 12 موظّفا ويستمرّ دوام العمل بين الساعة الثامنة صباحا إلى الثانية والنصف ظهرا، باستثناء السبت والأحد.
يصل إلى المركز يوميّا نحو أربعمئة ملف، بالإضافة إلى مئتي ملف من مندوبي مراكز توزيع الأدوية المستعصية التابعة للوزارة في المناطق، وهي خمسة موزّعة كالتالي: في النبطية، وطرابلس، وصيدا، وبيت الدين، وزحلة. وللمزيد من الفعّالية، كُلّفت شركة خاصة بالاتصال يوميّا بخمسين مريضا، يتم انتقاؤهم عشوائيّا، للتأكّد من أنهم استلموا علاجاتهم.
المكننة أخيراً
تقول القيّم «إن تلك الإجراءات تسمح بالحصول، وبشكل يومي، على جميع المعلومات المتعلّقة بعدد الطلبات الموافق عليها وفق الفئات المرضيّة، والوصفات الطبيّة التي تمّ صرفها، وكمية الأدوية المتوافرة في مستودع المركز».
يوفّر النظام المعلوماتي المستحدث، الموحّد بين الوزارة ومركز توزيع الأدوية، سجلا طبّيا مرمّزا لكلّ مريض. يحتوي السجل على جميع المعلومات الخاصة بالمريض منذ تقديم الطلب حتى استلام العلاج الأخير ما يساعد القيّمين على المركز في التدقيق بالعلاجات المصروفة وكميّتها ودورتها. وتعمل الوزارة على إصدار بطاقات مشفّرة مع «باركود» لجميع المرضى في الفترة المقبلة، يمكن الاحتفاظ بها لمدى الحياة.
تضبط جميع تلك الإجراءات، وفق القيّم، صرف الدواء إلى الشخص المعني ما يحّد من متاجرة بعض الأشخاص ( مندوبي شركات التأمين وغيرهم) بالأدوية. وتساهم تلك الخطة بتأمين الأدوية بشكل دائم، وفي تسهيل المعاملات وعدم انتظار المرضى لفترات زمنية طويلة، والتزام المرضى بالنظام المعتمد. تشير القيّم إلى عدم انقطاع العلاجات في العام الماضي، إلا في حال عدم تأمين الوكيل للأدوية في مواعيدها، أو في حال وجود انقطاع عالمي للدواء. وقد أصدر وزير الصحة علي حسن خليل تعميما على نقابة مستوردي الأدوية يقضي بضرورة تأمين الأدوية المنقذة للحياة لمدّة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر بحسب متطلّباتها تحت طائلة الملاحقة القانونيّة.
وتحاول الوزارة، وفق نعوس، تأمين جميع العلاجات لفترة ستة أشهر على الأقلّ مع وجود صعوبة في تحديد الحاجة إلى بعض العلاجات مثل أدوية السرطان في ظلّ تغيّر الأعداد والحالات، لاسيّما وأن علاجات الأمراض السرطانية هي الأكثر عرضة للإنقطاع مقارنة مع العلاجات الأخرى.
وتتنوّع الأدوية،الموجودة في مستودع المركز، بين أدوية جنسية (جينيريك) وبين أدوية ذات علامات تجارية، وذلك بحسب مناقصات تجريها الوزارة.
لبنان ACGEN اجتماعيات السغير دواء