دراسة للجامعة الأميركية عن سلامة المرضى وحمايتهم في المستشفيات

Saturday, 2 March 2013 - 12:00am
يكتسب القلق على سلامة المرضى في مستشفيات لبنان مزيداً من الاهتمام في الأوساط العامة، بالتزامن مع تطرّق نشرات الأخبار والبرامج التلفزيونية والمقالات الصحافية المحلية إلى أخبار وروايات عن حصول مضاعفات كارثية مأسوية، وأخطاء طبية، وإصابات، وحالات وفاة كان يمكن تفاديها. ماذا نعرف عن سلامة المرضى، وماذا تفعل المستشفيات لحماية حياتهم؟

أجرى الأستاذ المشارك في السياسة والإدارة الصحية في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت فادي الجردلي، دراسة وطنية بين عامَي 2010 و2011 للنظر في ثقافة سلامة المرضى في لبنان.
والدراسة التي نُشِرَت في مجلات أكاديمية دولية عام 2012 هي الأولى من نوعها في لبنان حيال تقويم ثقافة سلامة المرضى، وشاركت فيها 68 مستشفى و6807 أشخاص ومهنيين يعملون في تلك المستشفيات، بينهم: 3934 ممرّضاً (57,8%)، و251 طبيباً (3,7%)، و69 صيدلياً (1%)، و930 تقنياً (13,7%)، و115 مسؤولاً عن الجودة والسلامة (1,7%)، و204 موظّفين إداريين (3%).
واستندت الدراسة التي دعمتها نقابة المستشفيات الخاصة، إلى أداة "مسح المستشفيات في شأن ثقافة سلامة المرضى" HSOPSC التي استُعمِلت سابقاً في الولايات المتحدة وهولندا والمكسيك وتركيا والسعودية وغيرها.
خلاصات دقيقة وحرِجة
يُسجّل لبنان، مقارنة بنتائج دراسة مماثلة أجريت في الولايات المتحدة، أداء ضعيفا في الكثير من مجالات سلامة المرضى، ولا سيما في ما يتعلق بـ "الرد غير العقابي على الخطأ الطبي، ووجود عدد كاف من العاملين الصحيين، والتواصل، والخطوات التي يتّخذها المشرفون لتعزيز سلامة المرضى".
يشرح الجردلي "الرد غير العقابي على الخطأ الطبي هو عندما يُشجَّع الموظف الذي يبلّغ عن الخطأ على اتّخاذ المبادرة بغية استخلاص العِبَر واعتماد التدابير اللازمة للحؤول دون تكرّر الأخطاء عينها"، ويقول "أظهرت هذه النتائج أن الثقافة في بعض المستشفيات لا تزال تقوم على اللوم، مما يعني أن أعضاء الكادر يخشون التبليغ عن الخطأ الطبي، وفي الوقت عينه، لا أحد يخضع للمساءلة".
وتبيّن في تحليل منفصل تركز على أجوبة الأطباء المشاركين في الدراسة، أنهم "يشعرون أن الأخطاء الطبية تُستعمَل ضدّهم عند التبليغ عن حادثة معيّنة (71,8%)، بدل استخدامها لإصلاح الآليات المعتمدة أو كتجربة يمكن التعلّم منها. ويُبدي 66% خشيتهم من أن التقارير عن الحوادث والأخطاء تُحفَظ في ملفاتهم الشخصية، من دون إجراء تقصٍّ لمعرفة إذا كانت ناجمة عن عدم كفاية من جانب الموظّف نفسه أو عن ضعف في ادارة الخدمات الصحية والنظام الصحي عموما.
ويحاول نصف الأطباء تقريباً أن يُنجزوا مهمّات كثيرة بسرعة كبيرة عند العمل تحت الضغط، فيما يعتبر أكثر من 60% منهم أن الأخطاء لا تحصل بالصدفة. عندما سئل موظّفو المستشفيات عن عدد الأخطاء الطبية التي تم التبليغ عنها، أجاب نحو 60% منهم أنه لم يتم التبليغ عن أي خطأ طبي.
لكن ذلك لا يعني أنه لم تقع أي حوادث أو أخطاء طبية، بل يُظهر غياب الآلية المناسبة للتبليغ عن الأخطاء، وإجراء المتابعة اللازمة بحثاً عن الأسباب الفعلية، والأهم من ذلك، استخلاص العِبَر والدروس من هذه التجارب.
السلامة والأمان
الهدف الأساسي من نُظم التبليغ حفاظاً على سلامة المرضى، هو تقليل احتمالات الخطأ الطبي إلى أدنى حد، والتعلّم من الأخطاء للحؤول من دون تكرارها. ورغم أن بعض المستشفيات أدخلت بعض التحسينات إلى الممارسات المتعلّقة بسلامة المرضى منذ دمج معايير سلامتهم في نظام اعتماد المستشفيات في لبنان، لا تزال هناك ثغر كبيرة. ويتعيّن على المؤسسات الصحية، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والنقابات والاتحادات المهنية، وصانعي السياسات الصحية في لبنان، تنظيم سلامة المرضى بما يعود بالفائدة على العاملين الصحيين والمرضى في آن واحد.
وقال الجردلي "تظهر البحوث أن النظام الصحي في لبنان يفتقر إلى مجموعة وطنية من المؤشّرات عن النتائج المتعلّقة بالمرضى لتقويم أداء المستشفيات". يضيف "حان الوقت للتخلّص من الثقافة التي تقوم على حجب المعلومات عن الأخطاء الطبية والإصابات، والانتقال إلى ثقافة شفّافة تعود بالفائدة على المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية في آن واحد، إذ يحق للمريض أن يتمتّع بالسلامة والأمان في كل المؤسسات الصحية، كذلك يحتاج مزاولو المهنة إلى نُظُم تشجّع على المُساءلة".
وخلص الى ان "ثمة حاجة ماسّة بأن يضع صانعو السياسات الصحية والعاملون في مجال الرعاية الصحية، إجراءات موحَّدة وقابلة للمقارنة لتقويم أداء المستشفيات والمؤسسات الصحية ورصده، بما في ذلك الممارسات المتعلّقة بسلامة المرضى، وإلا سيظل عدد كبير من المرضى يفتقرون إلى السلامة والأمان، ويبقى المسؤولون عن رعايتهم غير خاضعين للمساءلة".

لبنان ACGEN النهار صحة