عاد موضوع ضمان الشيخوخة، الحلم الذي راود اللبنانيين\ات طويلاً، الى دائرة الاهتمام الرسمي مجدداً وذلك بعد قيام منظمة العمل الدولية باقتراح مشروع جديد لنظام التقاعد، يأتي بأمل ان يلاقي 49 عاماً من الانتظار لإقرار نظام للتقاعد لدى القطاع الخاص..
وفي التفاصيل، فقد انهى كبير خبراء منظمة العمل الدولية بيار بيلاموندون دراسته الاكتوارية حول أفضل نظام تقاعد وحماية اجتماعية للبنان، فيما سارع وزير العمل سليم جريصاتي والمعنيين لمناقشتها، مجمعين على انها دراسة قيّمة ويجب الأخذ ببعض اقتراحاتها، والتي تضمنت التوصيات الرئيسية التالية:
- تحديد سقف الايرادات بواقع 4 اضعاف الحد الادنى للأجور
- تحديد معدل الاشتراك بـ15% على أن يتقاسمه الاجراء وأرباب العمل، وفقاً لنسب تحدد لاحقاً
- تحديد متوسط الايرادات لتطبيق ضمانات التقدمات الدنيا كمتوسط الايرادات خلال كامل السيرة المهنية بعد اعادة تقويمها وفق مؤشرات مناسبة، وخلال المرحلة الانتقالية، يجب احتساب معدل الاعوام الخمسة الأخيرة في 2015، على ان تتم زيادتها سنة واحدة عن كل سنة بعد 2015
- تحديد سن التقاعد العادي في مرحلة أولية بـ64 سنة، على ان يتم رفعه تدريجاً، تماشياً مع الزيادة في متوسط مدى الحياة، مع وجوب إتاحة التقاعد المبكر بدءاً من سن الـ58 بعد ادخال معادلة أكتوارية ملائمة على معاش التقاعد
- تحديد الحد الادنى للمعاش التقاعدي بـ75% من الحد الأدنى للأجور.
ووفقاً للمشروع الجديد، سيتم فصل نظام التقاعد عن الرعاية الصحية، بحجة أن وزارة الصحة تعمل بصورة منفصلة على صياغة مشروع للتغطية الصحية الشاملة على كل الأراضي اللبنانية، وهو ما يعني أن إقرار مشروع التقاعد لن يأخذ بالاعتبار الضمان الصحي للمتقاعدين، حتى لا يخلق ازدواجية في العمل الحكومي. إلاّ أن الوزير جريصاتي سارع للكشف عن وجود مشروع بديل لديه، في حال تأخير إقرار مشروع التغطية الصحية الشاملة، ويتضمن التغطية الصحية للمضمونين المتقاعدين.
والجدير ذكره ايضاً، أن مجلس الوزراء سبق وأقرّ في جلسته بتاريخ 19/12/2004، وبمبادرة من رئيس الجمهورية أنذاك اميل لحود، مشروع قانون يرمي لانشاء نظام للتقاعد والحماية الاجتماعية، لا يزال حتى اليوم في ادراج مجلس النواب.
وفي الختام، لا يسعنا الا ان نشكك بصراحة بجدوى كل تلك المشاريع وبكل التصريحات السياسية واالرسمية التي تدعي حرصها على تأمين الحياة اللائقة للمسنين، وذلك استناداً الى الاعتبارات التالية:
- احتدام الصراع السياسي الحالي وتسعير الاستقطاب الطائفي
- تسخير كل قضايا الناس لخدمة الاهداف السياسية
- ضعف الوعي لمفهوم المواطنة وغياب الالتزام الرسمي بالحقوق والمساواة
- غياب الرؤية الاجتماعية الوطنية الجامعة وتضارب المشاريع ذات الصلة
- الفساد والهدر وقلة الموارد المالية الحكومية
وعليه، فاننا نرجح ان لا يُسجل اي تقدم على هذا الصعيد في المدى المتوسط بانتظار تطور الحراك المدني الاجتماعي، التي ظهرت اول ارهاصاته مؤخراً، مع التحركات المطلبية لهيئة التنسيق، نقابة المعلمين ومنظمات المجتمع المدني.