لا مراجعة للمناهج الدراسية ولا تخطيط أو تقويم

Saturday, 4 May 2013 - 12:00am
فريحة: سياسة خفية لتهميش المركز التربوي للبحوث
في لقاء جمع طلاب وأساتذة كلية التربية في الجامعة اللبنانية- الفرع الثاني، تناول الرئيس السابق للمركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتور نمر فريحه واقع "المركز التربوي: آفاق وممارسة"، فعرض أولاً للناحية القانونية لإنشاء المركز العام 1971، مشيداً برؤية الرئيس الراحل سليمان فرنجية الذي شاء إبعاد الحقل التربوي عن التجاذبات السياسية من خلال إنشاء هذه المؤسسة العامة المستقلة، كما شرح صلاحية الوصاية لوزير التربية على المركز في حالات نص عليها القانون. وانتقل بعدها إلى سرد وقائع عاشها مع أحد الوزراء، الذي منذ تسلمه الوزارة بدأ العمل على الهيمنة على المركز بهدف إلحاقه بالوزارة كمديرية، وكيف عرقل نشاطات المركز. ثم اتت قصة وضع كتاب تاريخ موحد للتلامذة اللبنانيين وفق اتفاق الطائف، والتي اتخذها الوزير حجة لإيقاف إصدار الكتاب بعدما تم تأليفه، ولطلب إعفاء فريحه من رئاسة المركز وتعيين الرئيسة الحالية الدكتورة ليلى فياض مكانه.
وعرض فريحة للمشاريع التي بدأها العام 1999 حين كان رئيسا للمركز، وهي التربية الشمولية، تدريب المعلمين المستمر، حل النزاعات بين التلامذة، نظام التقويم القائم على الكفايات، الدعم المدرسي، والتربية على السلام وحقوق الانسان. وقال ان المسؤولين الحاليين في المركز أوقفوا هذه المشاريع كلها بهدف محو اسم من باشر بها من تاريخ المركز والتربية في لبنان. ثم استشهد بواقع، "لم يكترث لها أحد من المسؤولين، خصوصاً في أجهزة الرقابة" عندما قررت رئاسة المركز التربوي تلف حوالى 160,000 كتاب على حساب المال العام، بحجة أن هناك طبعة جديدة لهذه الكتب، وقد تبين أن الجديد هو غلاف الكتاب فقط، وإبدال المقدمة بأخرى تحمل توقيع المسؤول الحالي. كما سحبت الكتب من دور النشر ودفع ثمنها من دون أن يظهر ذلك كمدفوعات في موازنة المركز.
وعما وثّقه في كتابه "المركز التربوي في 1017 يوماً"، عن عملية تزوير 123 حوالة مالية، سرد الواقعة كما حصلت عندما تلقى طلباً من ديوان المحاسبة يتعلق بموازنة المركز للعام 1992، أو ما سمي حساب المهمة العائد للعام 1992-1993 وعندما تم اكتشاف اختفاء وثائق لـ123 حوالة مالية، أصر على تأمينها من المسؤولين عنها، خصوصاً المدير الإداري والمحاسب. وبعد مماطلة استمرت لأكثر من شهر، تم تسليم الوثائق، فسلمها فريحه بدوره للمدعي العام المالي الذي لفت نظر الأول إلى التزوير على أوراق فاق عمرها العشر سنين، وكذلك فعل الخبيران اللذان عينهما المدعي العام. وراجع فريحه المدعي العام مرات عدة عما آل إليه الموضوع، فكان يتلقى أجوبة بالتأجيل إلى أن عرف أخيراً أن الملف قد أحيل للحفظ. وهكذا نفد من أهدر أو سلب المال العام من فعلته.
وحلل فريحه واقع المركز وعلاقته بوزارة التربية، وإنفاق الأموال. فقال إن هناك سياسة خفية في الوزارة لتفريغ المركز من دوره، ولا تعترض رئيسة المركز التربوي على ذلك. وهذا يناقض الدور الذي يجب أن تقوم به للحفاظ على هذه المؤسسة، والقيام بدورها التربوي. كما أن موازنة المركز السنوية هي حوالى 25 مليار ليرة، وكان في تصرف المركز قرض من البنك الدولي بقيمة 108 مليارات ليرة أيضا في عام 2002، أي أنفق المركز ما يقارب الـ400 مليار ليرة خلال إحدى عشرة سنة بهدف تحسين المستوى التربوي، بينما تراجع هذا المستوى في شكل واضح ودرامي. فنسبة التلامذة تقلصت في القطاع العام من 40% إلى 30% ما بين 2001 و2011، وزادت تكلفة التعليم على الموازنة العامة، وحصل تلامذتنا في امتحانات "التيمز" (TIMSS) العالمية في عام 2011 في الرياضيات والعلوم على معدل دون الوسط، أي إنهم رسبوا وحلوا في المرتبة السادسة بعد التلامذة السوريين على سبيل المثال، والمرتبة ما قبل الأخيرة في العالم. وهذا الواقع لم يجعل أي ولي أمر أو مسؤول تربوي لبناني يظهر أي اهتمام، بل وكأن هذه النتائج هي لتلامذة جزر "الماوماو"! بل على العكس، إنهم منشغلون بتبشيرنا بإنجازاتهم الوهمية التي يطلّون بها بواسطة وسائل الإعلام من وقت الى آخر، معتبرين أننا بسطاء نصدق ما يسوّقونه. ولم يستطع المركز مراجعة ولو منهاج سنة دراسية واحدة خلال السنوات الماضية، علماً أن المؤسسة منوط بها التخطيط ووضع المناهج. "فأين ذهبت هذه الأموال؟ وكيف تم إنفاقها؟ لا جواب! فالمواطن عليه الصمت والتصفيق، وليس من حقه السؤال. وما يثير الدهشة أن وزراء التربية المتعاقبين يشيدون بإنجازات المركز الذي لم يهتم المسؤولون فيه إلا بافادتهم المادية على حساب تلامذة المدرسة الرسمية".
وختم فريحه بإظهار صورة قاتمة عن التربية في لبنان، منتقداً ثقافة التكاذب السائدة في أننا أنجزنا وأنجزنا... "بينما نحن نسير إلى الوراء في أدائنا التعليمي ومستوانا التربوي الذي بات رهينة بيد السياسيين الذين يحتسبون الأصوات لمصلحتهم يوم الانتخابات، ولا يحسبون الضرر الذي يلحقونه بتلامذة الوطن جراء ممارساتهم المؤذية. وبالطبع لا يخشون ما سيقوله التاريخ التربوي يوماً ما عما فعلوه بالتربية.

لبنان ACGEN النهار تربية وتعليم