اجرت صحيفة "الاخبار" تحقيقاً، حول كتاب التاريخ الموحّد في لبنان والسجال القائم حول مضمونيه التربوي والوطني، مبينة "ان الأفكار المسبقة هي سيدة الموقف، بحيث ان التلامذة يحضرون إلى المدرسة مشبعين بمعلومات ومواقف استقوها من الأسرة والإعلام والمحيط الطائفي، وان الأستاذ لا يزال مصراً على تعليم وجهة نظره عبر تفسير إيديولوجي للأحداث التاريخية وإنتاج تلميذ نسخة عنه".
وفي مقابلة اجرتها الصحيفة مع عدد من المعنيين بالموضوع، فسر المؤرخ د. مسعود الضاهر، الواقع بالقول إنّ «معظم كتب التاريخ لها وجه طائفي، وليس هناك أرشيف وطني يستفيد منه المؤرخون لتأليف هذه الكتب»، مضيفاً انه «بغياب كتاب التاريخ الموحد أصبح لدينا 20 سلسلة". وكذلك، اعتبر المخرج هادي زكاك، ان الأجيال الصاعدة هي استنساخ لجيل الآباء، وكأن لا شيء يتغيّر، موضحاً ان في كتاب التاريخ المعتمد حالياً في المدارس اللبنانية، يتوقف الزمن عند استقلال لبنان وجلاء القوات الأجنبيّة في عام 1946، وليس هناك أي معالجة للمراحل المعاصرة، واصفا بالقول «وكأن التاريخ مادّة تتناول الموت وليست مادة تدرس الواقع لأخذ العبر والتقدّم». كما يبدو ان المخرج اللبناني مقتنعاً بأنّ كل المواضيع الملتبسة تطوى، وهذا ما يجعلنا بحسب رأيه "نستعيد في كل فترة شبح الحرب الأهليّة"، و"انه من اللافت أن يسترسل أحد الأساتذة في إيديولوجيا «الفرادة» اللبنانية المزيّفة لدرس الاستقلال، فيقول إنّ «النساء اللبنانيات شاركن في تظاهرات ضد الانتداب الفرنسي منذ عام 1943، فيما النساء في البلدان العربية المجاورة لا يتمتعن حتى اليوم بأي حقوق مدنية!».
اما أستاذ التاريخ د. جوزيف بو نهرا، فجزم ان التاريخ مادة سياسية، وخصوصاً في مجتمع مثل المجتمع اللبناني، بينما اكد الرئيس السابق للمركز التربوي للبحوث والإنماء د. نمر فريحة، انه وفريق من المختصين، باشروا «بصياغة المنهج الموحد لكتاب التاريخ الذي لا يزال في الأدراج، على الرغم الانتهاء من صياغته على قاعدة عدم الخوف من الحقيقة، مضيفا "اننا نريد أن يعرف طلابنا كل ما حصل حتى لا يكرروه، المهمة كانت أخذ الحدث التاريخي من المؤرخ وصياغته بحسب عمر التلميذ، وان المطلوب كان تحضير الأدلة والمستندات التي تجعل التلميذ يقرأ ويحلل ويطبق ويولّف (صياغة خلاصة) لبناء ثقافة تاريخية. كذلك اوضح فريحة ان "اللعبة" بالتاريخ ليست الحدث، بل كيف نفسّر الحدث وكيف نقدمه للمتعلم ليتأثر به، لست هنا لأخبر قصة، بل لأعطي التلامذة فرصة أن يفهموا ويقتنعوا بمفاهيم وقيم وطنية معينة»، واعتبر ان مهمة الاستاذ ليست «تشريب» تلميذه الإيديولوجيا التي يقتنع بها هو، ومؤكدا ً ان السياسيين بتدخلهم بالأمور التربوية أفشلوا، كل محاولات إصدار كتاب التاريخ الموحد. (الاخبار 20 حزيران 2013)