Saturday, 25 May 2013 - 12:00am
180 شبحاً يعملون في صندوق الضمان في وظائف مختلفة يشغلها موظفو الفئتين السادسة والسابعة. هم أشباح لأنهم يعملون لدى الضمان بلا أي إثبات أو دليل أو مستند يثبت صحة ادعاءاتهم. الضمان الذي يعرف طرق غش الشركات استخدم خبرته لـ«الزعبرة» في توظيفهم
تغصّ إدارات الدولة ومؤسساتها بعمّال «الفاتورة». يمثّل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أبرز أشكال هذه الظاهرة المنتشرة في إدارات الدولة اللبنانية ومؤسساتها ومصالحها المستقلّة، لكنهم هناك «أشباحاً». لدى الصندوق أكثر من 180 عاملاً بالفاتورة يعيشون كالظل في مؤسّسة تكاد تنكر وجودهم.
مثلهم كمثل العاملين في مؤسّسات غير نظامية لم تصرّح عن نفسها للدولة لأنها تعمل في الضواحي والأرياف وفي الأحزمة الخارجة عن إدارة الدولة... إلا أن هؤلاء يعملون في كنف الدولة التي تفرض عليهم ضريبة الفوضى والتشريع الفاجر في نظام محكوم بالهدر والفساد وتديره بشاعة الطوائف.
خلال السنوات الماضية، فتحت إدارة الضمان «بازاراً» للتوظيف بعنوان «عمال الفاتورة». هذا البازار بدأ قبل 3 سنوات حين كانت لدى هذه الإدارة حاجة إلى إشغال بعض الوظائف بعدما بدأت نسبة الشغور في ملاكات الصندوق تزيد على الحدود المقبولة.
وفي المقابل لم يكن ممكناً لإدارة الصندوق أن تغطي حاجتها من الموظفين من خلال الطرق المنصوص عليها في قانون الضمان، بسبب اندلاع خلاف بين أركان الضمان حول تطبيق نصّ المادة 54 من قانون الموازنة العامة لعام 2004. فهذه المادة كانت تخالف كل قوانين الضمان، إذ نصّت على «إخضاع مباراة التعيين في المؤسسات العامة لصلاحية مجلس الخدمة المدنية»، مشيرة إلى أنه «مع مراعاة أحكام التعيين والتعاقد في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة وأحكام القوانين والأنظمة، بما فيها الأحكام المتعلقة بالرواتب والأجور التي ترعى كلاً من المؤسسات العامة الأخرى والمجالس والهيئات والصناديق العامة التي لا تخضع لرقابة مجلس الخدمة المدنية، يتم التعيين والتعاقد في هذه المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمجالس والهيئات والصناديق العامة – باستثناء مصرف لبنان – بموجب مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية وفقاً للشروط المطلوبة للتعيين أو الاستخدام في كل منها».
كان هناك رأي في الصندوق يطالب بعدم تطبيق نص المادة 54 لكونها تلغي نصوص الكثير من نصوص قانون الضمان، وذلك على أساس أن «صندوق الضمان يخضع لقانون إنشائه الذي لم يطرأ عليه أي تعديل».
في النهاية استقرّ الصندوق على تطبيق نص هذه المادة وتوقف عن التوظيف. وكنتيجة مباشرة لهذا الوضع، بدأ الضمان يخالف القوانين والأنظمة التي تمثّل صلب عمله. فمن بين كبار مديري الضمان، ثمة من قرّر أن يلجأ إلى أكثر الطرق بشاعة والتفافية للتوظيف. فجرى إدخال 180 عاملاً على مراحل وفق صيغة أقل ما يقال عنها إنها «بدعة البدع»؛ يجري التوظيف على أساس أن لكل مدير في الصندوق صلاحية استقدام عمال «عتالة» ليعملوا لمدّة 5 أيام أسبوعياً ويتقاضون من هذا المدير مباشرة ونقداً ما قيمته 30 ألف ليرة يومياً، أي ما يوازي الحدّ الأدنى للأجور، وليس لهم أي حقوق أخرى ولا أي تعويضات... ولا تسجّل أسماؤهم في الضمان، أي إن هؤلاء يعملون في الضمان كأشباح لهم ظلال وليس باسمهم أي مستند ولا أي قصاصة ورق تثبت وجودهم هناك.
وكل مدير يدفع لهؤلاء الموظفين من خلال تخصيصه بسلفة شهرية لسداد بدلات أعمال «عتالة»، وهي سلفة متعارف عليها لدى الإدارة والمحاسبة على أنها أجور ورواتب الأشباح.
ويعمل هؤلاء الأشباح في وظائف الفئة السابعة والسادسة في صندوق الضمان. فمنهم من يعمل مصفّياً للمعاملات، وبينهم حجّاب، وآخرون هم عبارة عن محسوبيات لبعض المديرين الذين يمثّلون طوائفهم ومذاهبهم... لكن غالبيتهم يعملون في وظائف الفئة السادسة، أي تصفية المعاملات وإدخال المعلومات إلى النظام، وما يوازي هذه الأعمال.
في رأي القيّمين على الضمان، فإن هؤلاء «العتالين» ليسوا سوى عمالة غير كفوءة استخدامت بصورة مرحلية وآن وقت التخلص منها. بل إن القيمين على الضمان يرون في إنجاز خطوة صرف العتالين أمراً سهلاً يمكن القيام به سريعاً من دون أي مخالفة للقوانين ومن دون كلفة إضافية، إذ ليس بأيدي العمال بالفاتورة أو العتالين أي مستند يثبت أنهم يعملون بصورة مستقرّة لدى الضمان، بل إن كل مدير يحق له سداد كلفة العتالة ويمكنه أن يستقدم أي عامل يريده يومياً.
إذاً، بات من السذاجة الاعتقاد بأن القيّمين على الصندوق هم رجال دولة، بل هم جزء من الانتظام العام في لبنان الذي تعبّر عنه جميع أشكال الفوضى والهدر والمحاصصة والسياسة. فهل بإمكان «أشباح» تحصيل حقوقها منهم؟
حتى الآن، كل ما يطالب به «أشباح» الضمان أو «عتّالوه» هو ضمان الحدّ الأدنى من حقوقهم. هم يبحثون عن تثبيتهم لضمان ديمومة عملهم وللدخول في نظام الموظفين وللحصول على تعويض عائلي وسواها من الحقوق...
في المقابل، تقول إدارة الضمان إنها منحتهم فرصة المشاركة في مباريات للفئة السادسة فلم يتقدم أي منهم إليها... لكنهم يؤكدون أن حقهم كان في إجراء مباريات محصورة بهم، وليس المشاركة في مباريات مفتوحة لكل المؤهلين وعددهم بالآلاف.
لم تجد هذه «الأشباح» سوى خطوتين أمامها؛ رفع دعاوى للتثبيت أمام مجالس العمل التحكيمية، واللجوء إلى وسائل تقليدية لمكافحة ما تسوّقه إدارة الضمان عن قدرتها على صرف هؤلاء العمال بكلفة راتب شهرين أو 3 أشهر في الحدّ الأقصى للواحد منهم حتى لو ربحوا الدعاوى، فلجأ القسم الأكبر منهم إلى مظلّة الاتحاد العمالي العام السياسية، مفترضين أنها مظلّة حركة أمل التي ستوفّر لهم حقوقهم.
ACGEN اجتماعيات الأخبار رعاية وضمان