إدارة "نظام التقاعد والحماية الاجتماعية" نقطة خلاف أساسية تحول دون إقراره

Wednesday, 29 May 2013 - 10:18am
الضاهر: دخل آمِن ■ مجدلاني: ديمومته باستقلاليته ■ غصن: رعاية الدولة مطلوبة
في سن الـ 64، أي في العمر الذي يصبح المضمون عرضة لمشكلات صحيّة أكثر من أي وقت مضى، يعمد الضمان الاجتماعي الى سحب المظلة عنه ليصبح مكشوفاً صحيا يستجدي على ابواب المستشفيات لتأمين دخوله اليها. لذا، كان مشروع نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الذي أقره مجلس الوزراء عام 2004، ولا تزال اللجان الفعلية المشتركة تدرسه برئاسة النائب عاطف مجدلاني.

أهمية المشروع وفق المطلعين عليه، أنه يوفّر ضماناً صحياً وراتباً تقاعدياً مدى الحياة، لذا يؤمل في أن يتم اقراره سريعا وخصوصا انه اشبع دراسات، وكان آخرها الدراسة الاكتوارية التي اعدها كبير خبراء منظمة العمل الدولية بيار بيلاموندون وتتم مناقشتها حاليا، علما أن نقطة الخلاف الاساسية التي تحول دون اقراره تتعلق بمن يديره اضافة الى سبل استثمار امواله.
إذاً، في ما لو قيّض للنظام التقاعدي ان يبصر النور، فإنه سيشكل على المدى المتوسط البديل لنظام "تعويض نهاية الخدمة" المعمول به حالياً في الضمان. وبرأي مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للشؤون الاقتصادية سمير الضاهر، فإنه سيكون لهذا "الإصلاح" أثر إيجابي ملحوظ على الدخل المنتظم للعاملين في القطاع الخاص، وذلك عبر توفير الدخل الآمن لهم عبر معاش تقاعدي يكون متوقعاً وثابتاً.
في موازاة ذلك، سيعزّز هذا "الإصلاح" انتظام مساهمات والتزامات أرباب العمل في منظومة الضمان الاجتماعي، كذلك سيساعد نظام التقاعد الجديد من جرّاء ضمان حق العامل بكامل تعويضاته التقاعدية، على امتداد مسيرته المهنية في تسهيل الانتقال بين الوظائف.
والمشروع الذي أعدته الحكومة في كانون الثاني 2004 وحمل الرقم 13760، يتطلب وفق الضاهر، "تعديلات معايير موضوعية تأخذ في الاعتبار الآثار المالية والاقتصادية والرعائية لنظام التقاعد المقترح لتأكيد جدواه واستمراريته. وكان من الضروري تأكيد هذه المعايير من خلال دراسة "أكتوارية" (اي تقويم إحصائي يعتمد على معدلات وآمال الأعمار)، قد أنجزت المسودة الأُولى منها وتتم مناقشتها حاليا".
ويشير الضاهر الى ان اقتراح التعديل يتمثل بتبني نظام تقاعدي جديد يستند إلى معادلة ما يعرف بـ "المساهمة المحددة الإسمية" التي من شأنها أن توفّر للعامل تعويضات توازي التحويلات، والعائد عليها، التي ساهم فيها العمل ورب العمل معا الى نظام التقاعد، وتَضمن له عند بلوغه السن القانوني للتقاعد (64 سنة) معاش نهاية خدمة على أن لا يقل حداً أدنى عن نسبة 40% من معدّل دخله خلال حياته المهنية، وذلك بعد 30 سنة من العمل. وثمة تعويضات مخفّضة ستكون متاحة لمن بلغ سن الثامنة والخمسين بعدما أدى خدمته المهنية فترة 15 سنة.
وبغية منح العاملين في القطاع الخاص ثباتاً في الدخل، يعتبر الاقتراح ان مساهمات العاملين وأرباب العمل لنظام التقاعد ينتج عنها تراكماً يتنامى بمعدل عائد حقيقي (أي قبل التضخم) ثابت "إسمي" لا يقل عن 2% سنوياً. وينص النظام المقترح على إعادة تقويم التعويضات التقاعدية بالتوازي مع التضخم الذي يقاس وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك الذي حددته إدارة الإحصاء المركزي، وذلك بغية المحافظة على القوة الشرائية للتعويضات.
للوصول إلى هدف تأمين نسبة 40% حداً أدنى من معدل الدخل، ومع وجود معدل "إسمي" مضمون للعائد على مساهمات العاملين، يقترح الضاهر ربط مستوى معدل المساهمة بالسنّ القانونية للتقاعد. وقد سمحت الدراسة الأكتوارية وفق الطرق المعتمدة بتحديد معدل المساهمات المطلوبة. وهذا التقويم الأكتواري الدوري ضروري على الأقل كل ثلاث سنوات من اجل مراقبة وتأمين تناسب المكتسبات بالتوازي مع الـ 40% المضمونة حداً أدنى. ان ثبات معدل المساهمات المطلوبة من العمال وأصحاب العمل يعزز قدرتهم، بما فيها الفئة الأخيرة منهم، على التنبؤ بالنسبة الى قيمة الأموال التي يفترض بهم تحويلها وفق النظام الجديد. وسيوفر هذا النظام عدالة ومحفزات جيدة للمشاركة وعدم التهرب إذ أن الأرباح ستكون مرتبطة عن قرب بقيمة مساهمات الافراد وأرباب العمل.
عند انطلاق النظام الجديد سيكون عدد المتقاعدين قليلاً بالنسبة الى العاملين المساهمين، لذا يتوقع ان يحقق النظام تراكماً لاحتياطات كبيرة. فمعدلات مساهمة معقولة ومتعارف بها (نحو 15% من قيمة رواتب العاملين) قد ينتج عنها تراكم مهم لاحتياطات التعويضات التي قد تصل الى 25% من الناتج المحلي الاجمالي بحلول سنة 2030. لذا يعتبر حيوياً وضع إطار عام مناسب للحوكمة لدى الشروع بتنفيذ النظام الجديد بما يضمن التزام "العضوية الثلاثية" للهيئة المشرفة - عمال، أصحاب عمل، ودولة – مبادئ الإيجابية والفعالية والشفافية في إدارة النظام التقاعدي. ويفترض في عملية استثمار الأموال ان ترتكز على معايير صارمة لأسس المهنة.
كما ان ثمة خصائص أخرى مثل مكتسبات المستفيدين غير المتقدمين في السنّ (كالإعاقة وحقوق الورثة) سوف تحدد في التصميم عبر الدراسة الأكتوارية.
عندما بدأ بدرس مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية، تسلّم مجدلاني مشروعا آخر لتكتل "التغيير والإصلاح"، ولدى مقارنته للمشروعين وجدهما أنهما لا يختلفان كثيرا ويلتقيان في العديد من الامور، وخصوصا في ما يتعلق باستقلالية هذا النظام. لذا يشدد مجدلاني على ضرورة استقلالية هذا النظام نظرا الى الكتلة النقدية الهائلة التي ستتوافر، وحفاظا على الشفافية والادارة الجيدة، مشيرا الى امكان استثمار 80% من امواله في سندات الخزينة، وعلى اعتبار ان هذا الاستثمار واضح وبعيد من المخاطر.
أهم ملاحظات الاتحاد العمالي العام على المشروع، المطالبة بعدم ربط الحد الادنى للمعاش التقاعدي بالحد الادنى للاجور بل يجب أن يكون مرتبطا بمتوسط الاجور المصرح عنها بالضمان. ويشدّد رئيس الاتحاد غسان غصن على ضرورة ان يكون مرتبطا بنظام الضمان، خصوصا الشق المتعلق بالتغطية الصحية.
وبما أنه يعرف مشكلات الضمان، يقترح غصن تحديث الضمان ليصبح جاهزا لادارة النظام. وفي ما يتعلق بتوظيف اموال النظام الجديد، يشدّد على رعاية الدولة لهذا المشروع لتغطية أي طارئ قد يصيبه، "كي لا يصيبنا ما اصاب التشيلي واليابان".

لبنان ACGEN اجتماعيات النهار رعاية وضمان