Saturday, 4 May 2013 - 12:00am
«السفير» تحاور القطاعات الاقتصادية والنقابات
اختارت «السفير» أن يكون دخولها سنتها الأربعين مناسبة لاستعراض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومدى تأثرها بالأجواء السياسية المعقّدة، لاسيما في ظل التداعيات الخطيرة للتحولات الجارية في المنطقة من حولنا، والتي تتّشح بالدماء في حالاتٍ كثيرة.
وهكذا نظّمت سلسلة من المحاورات المفتوحة مع الهيئات الاقتصادية والمؤسسات التجارية والقطاعات النقابية، لنعرف أين يقف لبنان الآن؟ وما يتهدّده من مخاطر؟
تلامس هذه الحوارات موقع الدولة والقطاع العام من التحولات الجارية أو المتوقعة، كذلك موقع القطاع الخاص بمؤسساته وهيئاته المختلفة.
وتنوّه «السفير» بأنّ هذه المؤسسات جميعاً قد لبّت الدعوة إلى الحوار، وطرحت مشكلاتها وهمومها وموقف الدولة منها، بصراحةٍ مطلقة، مقدّمةً مقترحاتها الممهدة للخروج من المناخ المأزوم، والتقدم بالاقتصاد مع معالجة مشكلات القطاعات المختلفة.
ولسوف تنشر «السفير» خلاصات هذه المناقشات تباعاً، لعلها تفيد في اكتشاف طريق الحل، خصوصاً أنها تتزامن في الفترة الفاصلة بين حكومتين وربما بين نهجين في ممارسة السلطة في زمن الاضطراب.
هنا، عرض لوقائع الندوة الحوارية مع «نقابة الأطباء» ممثلة برئيسها د. شرف أبو شرف، ورئيس اللجنة المالية د. أحمد صادق، ونائب النقيب سابقاً د. عبد الرحمن الحوت، ود. أنطوان بستاني.
يشبه وضع «نقابة الأطباء» النقابات الأخرى في لبنان، من حيث تأثرها بالمشكلات السياسية والاقتصادية والطائفية. وإذ يبدي أبو شرف أسفه وقوع النقابة كما النقابات الأخرى، في اللعبة السياسية والطائفية، يرى أن المشكلة الأساس تتمثل في النظام الانتخابي في النقابة الدائم خلال ثلاث سنوات، ما يؤدي إلى توقف العمل قبل الانتخابات بأربعة أشهر وفترة مشابهة بعدها، بحجة التحضير لها، وبعدها بحجة تعارف الأعضاء والبدء بالعمل، معتبرا أن هذا الوضع يسيء جداً إلى النقابة، ويعلّق النشاط 8 أشهر في كل سنة، كون الانتخابات تجري دورياً كل سنة لاختيار 4 أعضاء جدد في النقابة.
ويلفت الانتباه إلى أن «هذه المداورة أدّت وتؤدي، إلى فشل العمل النقابي، وتسمح للسياسة بالتدخّل في شؤوننا والتأثير فيها.
وهنا يشير إلى تقديم مشروع قانون انتخاب إلى المجلس النيابي على أن تصبح الانتخابات كل ثلاث سنوات، لكن هذا المشروع «لن يقرّ في أيامي، لأنّ اللجان في النقابة توقفت عن العمل 5 أشهر تقريباً».
يأمل أبو شرف أن يتمّ تعديل القانون، وأن يتابع الموضوع «مع من سيأتي بعدي، بحيث يتمّ انتخاب نقيب ومجلس يراقَبون لمدة ثلاث سنوات ويحاسَبون على عملهم».
لكن عندما طرح أبو شرف عملية اجراء الانتخابات كل ثلاث سنوات، سأله بستاني عما إذا كانت المشكلة داخلية أم سياسية؟ فكان جواب النقيب: المسألة في مشكلة الفساد حيث لا رقابة ولا محاسبة.
13 ألف طبيب
تضم «نقابة الأطباء» حوالي 13 ألف طبيب من كلّ المناطق اللبنانية، منهم 11800 طبيب في بيروت.
ويتوسع أبو شرف، في الحديث عن دور السياسة في العمل النقابي، موضحاً أنه بعدما وصل إلى رئاسة النقابة، «كنت أنا في جهة والمجلس في جهة أخرى، وعلى الرغم من ذلك، حاولت إبعاد النقابة عن السياسة، وحاولت السير بين قوى 8 و14 آذار، لكن النتيجة كانت ان خسرت من الجهتين».
وعلى الرغم من ذلك، عمل أبو شرف قدر المستطاع، وحضّر ما لا يقلّ عن 20 مشروعاً، قسمٌ منها رفع إلى المجلس النيابي، ويؤكد أنه «على الرغم من عرقلتها في اجتماعات النقابة، سأستمر بها، لاسيما قانون صندوق التقاعد للطبيب ليصبح مليون ليرة، إذ كان الراتب مذلاً، لكونه لا يتجاوز 600 ألف ليرة، قمنا بتأمين تمويل من الدولة ومن خلال الوصفة الطبية والاشتراكات، وأخذ 0.5 في المئة من الأدوية المســــتوردة، و2 في المئة من المعـــــدات والمستحــــضرات الطبية والمتممات الغذائية».
ويوضح أنّ «هذه النسب كانت تدفع سابقاً لعدد قليل من الأطباء، وقد طالبنا بدفعها لكلّ الأطباء، بالإضافة إلى تحديد سعر المعــــدات الطبية بالتنسيق مع وزارة الصـــــحة، لأنّه لا يجوز أن يدفع المريض، مثلا، أكثر من المفترض بسبب الفــوضى واستفادة الطبيب والوكيل على حساب المريض، ونحن نعمل على تحديد الأسعار مع وزارة الصحة».
يشدّد أبو شرف على «ضرورة استمرار شمول الأطباء بعد التقاعد بتقديمات صندوق الضمان الاجتماعي في الدرجة الثانية»، معتبراً أنّ «المشكلة تكمن في أنّ الطبيب حين يصل إلى سنّ التقاعد تتوقّف إفادته، ويخسر التغطية الصحية، ويصبح مكشوفاً صحياً»، مفيداً بأنّه «تقدّم بمشروع قانون إلى المجلس النيابي حول تقديمات الضمان الصحي للطبيب بعد التقاعد، أي بعد بلوغه الـ65 من العمر، وقد ناقشناه مع نقابات المهن الحرة، فوافقت عليه نقابتا المهندسين والأسنان، ورفض في الجمعية العمومية».
معظم الأعضاء يقاطعون الجلسات
يتابع أبو شرف: اشتغلت على مشروع آخر مع رؤساء الهيئات الطبية، يتعلق بالإعانة والتأمين، ويموّل من خلال 25 في المئة من النقابة، لكنه يحتاج إلى قرار موافقة من مجلس النقابة، وبالتالي لم أستطع الوصول إلى نتيجة، لأن معظم أعضائه يقاطعون الجلسات منذ سنة تقريباً، بهدف الإيحاء بان النقابة غــــير منتجة، علــــما أن المقاطعين هم من الطرفين (8 و14 أذار)، فهم لا يعملون، ولا يقدمون بديلاً لما يطرح عليهم، ولا يدعون الآخرين يعملون، بمعنى أن المقاطعة سياسية».
ويدلل على ذلك، بالإشارة إلى أن «هناك قراراً اتخذ في مجلس النقابة لزيادة راتب التقاعد إلى مليون ليرة، واتخذت الجمعية العموميّة قراراً بالموافقة في حال وجود ملاءة لرفع التقاعد ووضعنا دراسة أكّدت وجود الملاءة، وحين أردنا إقرارها، توقّفت اجتماعات اللجان»، معتبراً أنّ «هذا الموقف يهدف لمحاربته وإفشال محاولاته». ويتابع: «هناك 900 متقاعد رواتبهم «بهدلة»، وحين حاولنا رفع المبلغ طلب المجلس دراسات جديدة، علماً أنّ اللجنة المالية في النقابة برئاسة الدكتور أحمد صادق أكّدت لنا أنّ الملاءة متوفرة».
ويؤكّد أنّه «سيعقد مؤتمراً صحافياً وسيقرّ الزيادة على معاش التقاعد برغم عدم اجتماع المجلس». وعن ظروف التقاعد يوضح أنّ «الطبيب يتقاعد في حال أصيب بمرضٍ مزمن وبات عاجزاً عن مزاولة المهنة»، مشيراً إلى أنّ «النقابة تعمد إلى عدم الإفصاح عن العجز الكامل للطبيب حتى لا يخسر الضمان إلى حين وصوله إلى سنّ التقاعد في الـ65 تقريباً، إلاّ أن عدداً كبيراً من الأطباء يفضلون عدم التوقف عن العمل في هذا السن لأنّ معاش التقاعد متدنٍ جداً».
يضيف أبو شرف: «عملنا على إقرار ضمان صحي شامل مع المهن الحرّة، التزمت به نقابتا المهندسين وأطباء الأسنان بحيث يدفع غير المضمون دولاراً واحداً يومياً، علماً أنّ هناك حوالي 1000 طبيب غير مضمون، أمّا المضمون فيدفع ألف ليرة يومياً، لتشجيع غير المضمونين وزيادة التغطية الطبية للمضمونين». لكن، بعد عرض المشروع في الجمعية العمومية، «رفض بحجّة أنّ من هو مضمون درجة ثانية لا يريد درجة أولى، ولا يريد أن يدفع أكثر».
وضمن سياق «عرقلة الإنتاجية» أيضاً، يلفت أبو شرف الانتباه إلى أنّه «قدّم مشروعاً آخر، مع رؤساء الهيئات الطبية في نقابة الأطباء، جمعت بذلك الأحزاب المختلفة، ولكنّه يحتاج إلى موافقة مجلس النقابة حتّى يتمّ تحويله إلى الجمعية العموميّة، فلم يوافقوا برغم أنهم من ساهم في العمل عليه».
ويرى أنّ «هذه المقاطعة سياسيّة، تحت ذريعة أنّ النقيب يتفرّد في أخذ القرارات، إلاّ أنّني أقدّم القرارات لنعمل عليها جميعاً في مجلس النقابة، وقد حاولت العمل قدر المستطاع مع المجلس النيابي بالتعاون مع الجهات كافة، من تيار المستقبل إلى التيار الوطني الحرّ وحزب الله وغيرهم». ويتابع: «استطعنا تمرير مشاريع عدة لاسيّما في ما خصّ الضمان لأنّ عدداً كبيراً من الأطباء كانوا لا يدفعون المستحقات، وسمحنا لهم بالتقسيط المريح لمدة 10 سنوات، بالإضافة إلى الغرامات، وقد أوضحنا مضمون القانون في هذا الإطار، بالإضافة إلى 3 قوانين لتحسين مستوى الطبيب وتوحيد المفاهيم بين الجامعات الطبية حول إذن مزاولة مهنة الطب في لبنان، ومنع خريجي الطب من التدرّب في الأرياف كما كان في السابق، بل أصبح على الطبيب أن يتخصّص إجبارياً ولو في الطب العام (3 سنوات)».
يعتبر أبو شرف أنّ «المشكلة ليست مع كليات الطب في لبنان، لأنّها تلتزم التعليمات، إنّما المشكلة في الأطباء القادمين من الخارج، بحيث إنّ بعضهم يشتري شهادته ويأتي لمزاولة المهنة في لبنان».
ويفيد بأنّ طلاب الطب باتوا يخضعون في السنة الثالثة لامتحان في العلوم الطبية الأساسية ومن لا ينجح يوجّه إلى اختصاصٍ آخر من العلوم الأخرى، كذلك بات امتحان الـ «كولوكيوم» للطلاب خطياً وشفهياً وسريرياً، علماً أنّ الامتحان السريري لم يكن موجوداً سابقاً».
الهيئة اللبنانية للاختصاصات الطبية
يورد نقيب الأطباء بعض ما جاء في اقتراح قانون الهيئة اللبنانية للاختصاصات الطبية، فيشير إلى أن «الهيئة تهدف إلى تنمية التعليم والاختصاص الطبي في لبنان بالتعاون مع المؤسسات التعليمية في سبيل تطوير القطاع الطبي في المجتمع»، وتتلخص اختصاصات الهيئة، بالنقاط الآتية:
1 ـ «وضع الأسس والمعايير العلمية لبرامج دراسة الطب وتقييمها.
2 ـ وضع الأسس والمعايير لبرامج الاختصاصات الطبية وإقرارها والإشراف على تطبيقها.
3 ـ تسجيل إجازات الاختصاص للأطباء الصادرة من وزارة الصحة العامة في البورد اللبناني وفق آلية يقرّها مجلس إدارة الهيئة.
4 ـ اقتراح معايير برامج التعليم الطبي المستمر في الاختصاصات الطبية، وذلك في إطار السياسة العامة للتعليم الطبي.
5 ـ إبداء الرأي في تطوير امتحانات الكولوكيوم مع وزارة التربية والتعليم العالي.
6 ـ وضع معايير اعتماد المؤسسات الطبية لأغراض التعليم والتدريب الطبي فيها وآلية إجراء الاعتماد للمؤسسات التعليمية واعتمادها وإعادة اعتمادها... وغيرها».
الوصفة الطبية الموحّدة
يلفت أبو شرف الانتباه إلى أن «توحيد الوصفة الطبية لكشف المخالفات تعود بالإفادة على الطبيب والمريض»، ويقول: «منعونا من إقراره بعد أن سلّمتها منذ أكثر من 6 أشهر من دون تقديم البديل».
وكانت نقابتا الأطباء في بيروت والشمال أطلقتا في العام 2011 مع وزارة الصحة عبر الوزير علي حسن خليل، الوصفة الطبية الموحدة، ويقول أبو شرف: «إن الوصفة هي على ثلاث نسخ، أي للمريض والصيدلي والطبيب، ولها رقم متسلسل «باركود»، أي لكل طبيب أرقام خاصة به ومسجلة في النقابة، كذلك تحمل رمز النقابة الذي لا يظهر في الصورة «وضعية خلفية» في حال تمّ تصويرها، منعاً لتزويرها. ويذكر الطبيب على الوصفة اسمه ولقبه الجامعي واختصاصه المسجل في النقابة، ورقم التسجيل وعنوانه. ولا يسمح لأي كان في الصيدلية أو المستوصف أن يصف الدواء الذي يحتاج إلى وصفة طبية موحدة وموقعة من الطبيب المعالج».
كذلك يسمح للصيدلي بعد موافقة الطبيب، استبدال الدواء بجنريك قيم وموثوق المصدر والمكونات، وفق جدول تصدره نقابتا الأطباء والصيادلة ووزارة الصحة والضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة، عملاً بالمادة 47 من قانون مزاولة مهنة الصيادلة. وتعمل النقابة حصرياً على طبع الوصفة الطبية الموحدة، وعليها الطابع النقابي المفروض قانوناً لتعزيز صندوق تقاعد الأطباء. علماً أن الوصفة تطلب من النقابة وفروعها في جونيه وصيدا وزحلة.
ويخلص أبو شرف إلى «أن الوصفة تصبح إلزامية ويحظر بعدها على الأطباء استعمال أي نموذج آخر، وقد بدأ العمل بها في محافظة الشمال، وستطبق في بيروت لاحقاً».
«العمل النقابي: صراع طوائف»
يرى صادق أنّ «أصحاب المهن الحرّة يعانون من عدم التجانس في ما بينهم ما يجعل التحرّك النقابي المطلبي ضعيفاً»، معتبراً أن «ذلك يقف في وجه التغيير والتعديلات القانونيّة».
ويوافق على ما قاله أبو شرف حول الخلل في التنظيم الانتخابي داخل النقابات، مشيراً إلى أنّ ذلك يؤدي إلى وضع الصلاحيات كافة في يد النقيب، وهذه الفردية تزيد من نسبة الفساد في النقابة الذي لا يقل صعوبة وخطورةً عن الفساد الموجود في البلد لكونه محميّاً ومدعوماَ».
ويلفت الانتباه إلى «غياب تطبيق سلسلة الرتب والرواتب داخل النقابة لناحية المستخدمين فيها، ما يؤدي إلى مشكلة إدارية، لاسيّما أنّ من صلاحيات النقيب التوظيف من دون العودة إلى المجلس، وهذا ما يزيد من المشكلة». ويعتبر أنّه «ما من نقيب أتى، باستثناء أبو شرف، إلاّ وساهم في تفاقم المشكلة، فصار عدد الموظفين 52 موظفاً باستثناء النقيب الحالي».
يتابع صادق: «النقيب أبو شرف حاول أن يحارب الفساد، لكنّه لم يستطع بسبب التسييس والطائفية، بحيث تحوّل العمل النقابي إلى صراع طوائف وأحزاب بين 8 و14 آذار، ويصل المرشّحون بدعم من هذه القوى ومباركتها من دون أن تدفع هذه الخبرة السياسية تحسين العمل النقابي، ما يؤدي إلى الاصطفاف داخل مجلس النقابة».
ويرى أنّ «هناك فريقاً داخل مجلس النقابة الحالية، لم ينسَ نتيجة الانتخابات منذ 3 سنوات، ويعمل على تعطيل العمل، ويقاطع الجلسات بسبب قرارٍ سياسيّ بعد خسارة الانتخابات، ما أدى إلى تعطيل نصاب الجلسات، وهذا لا يمت للديموقراطية بصلة ويسيء إلى مصلحة الأطباء».
ويتطرّق إلى الوضع الصحي في لبنان، معتبراً أنّ هناك أدوية متوفّرة وليس هناك حاجة لها، ما يرفع الفاتورة، بالإضافة إلى المعدات والفحوص الطبية التي لسنا بحاجة لها، وهي غير موجودة بهذه الكميات حتّى في أرقى الدول، ويتمّ شراؤها على حساب المريض في غياب الضوابط في لبنان».
أطباء الطوارئ 25 فقط
وينتقد نظام الطوارئ المتبع في لبنان، بحيث أن المريض لا يتلقّى عناية خارج المستشفى، لافتاً الانتباه إلى عدم وجود فريق يؤدي دور تقديم العناية في حال الطوارئ، من دون نقل المريض إلى المستشفى».
ويفيد بأنّ «عدد أطباء الطوارئ في لبنان لا يتخطّى 25 طبيباً فقط، وهذه مشكلة كبيرة».
ويتدخّل أبو شرف موافقاً كلام صادق، ويشير إلى موضوع المناوبة بين الأطباء في الطوارئ، بحيث إذا اضطرّ الطبيب الأوّل للتغيّب، لا يدفع المريض الثمن، بل يعالجه الطبيب المناوب كما في كلّ بلدان العالم. ويشير إلى الهيئة العليا للطب والتخصص التي ستشرف على المستشفيات الجامعية وغير الجامعية»، معتبرا هذه الخطوة ضمن قانون الجودة، بالإضافة إلى إشرافها على حالة المستشفيات التابعة للجامعات.
ويشير أبو شرف إلى «اقتراحه فكرة طباعة كتاب حول النقابة بعدما تجاوزت سنتها الخامسة والستين، لتدوين الانجازات السابقة والتطلّعات المقبلة»، ويقول: طلبت من الأطباء التحضير لذلك عبر التطرّق لمواضيع كثيرة، بالإضافة إلى قانون آداب المهنة الجديد والنظام الداخلي، وطبعناه في اللغات العربية والانكليزية والفرنسية، لكنّ النقابة لم تقرّه حتّى الآن»، مؤكدا أنه «سيستمر في العمل على انجازه حتى لو دفع كلفة الطباعة من جيبه الخاص».
المؤسسات الاستشفائية والضامنة
أمّا الحوت فيشير إلى الفوضى الحاصلة من حيث العدد الكبير في المعدات الطبية في المستشفيات التي تدرّ بالأموال على المستشفيات على حساب المريض.
ويرى أنّ السياسة الصحية في لبنان تتألّف من ثلاثة مكونات: الطبيب والمؤسسات الاستشفائية والمؤسسات الضامنة، وعلى الجميع العمل لخدمة المضمون، إلاّ أنّ ما يجري هو صراع بين هذه المكوّنات، وهو لمصلحة الطبيب أو لمصلحة المؤسسات، والمريض يكون الضحية.
ويلفت الحوت الانتباه إلى أنّ وزارة الصحة حاولت تخفيض السقف المالي بالحد من الفاتورة الصحية. ويشير إلى مسألة ضبط الأدوات الطبية في المستشفيات التي كان من المقرّر تشكيل لجان لمراقبتها بشكل لا يؤثّر على السياسة الداخلية للمستشفى، ما شكّل ذريعة استطاعت المستــــشفيات من خــــلالها ضرب مصالح الأطباء برغم التحسّن الذي شهدناه في القانـــون الجديد.
ويعلّق على مســــألة الأطــــــباء الذين يراقبون أداء المستشفيات، وما يشكله ذلك من هدر كبـــير، فيقول:
«في قانون آداب المهنة الجديد لا يجوز لطبيب مراقب في أي مؤسسة استشفائية أن يكون عاملاً فيها، ولكننا لا ننكر التجاوزات التي نحاول ضبطها».
ويتطرّق إلى قضية ضمان الأطباء فيقول: «الطبيب شبه موظّف في الضمان، يعقد نفقة مع هذا الصندوق وهيئة الضمان تراقب عمله، وبالتالي من حقّه أن يستفيد من خدمات الضمان بعد التقاعد أسوةً بموظفي الضمان».
يشير الحوت إلى التفاوت بين المرضى الذين يحصلون على خدمات الضمان الاجتماعي الذي يغطي 85 في المئة من الاستشفاء بعد فترة من العلاج، في ما المرضى على نفقة وزارة الصحة يأخذون الأدوية مجاناً. ويشدد على ضرورة «توحيد الصناديق الضامنة أسوةً بكل بلدان العالم لأنّ تعدّد الصناديق يشكلّ خللاً في القطاع الصحي».
ويدعو إلى التمييّز بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية، بالنسبة إلى الناس حين يموت المريض في المستشفى يعتبرونه خطأ طبياً، ويبدأ التشهير بالأطباء لنكتشف أخيراً أنّ القصة هي مضاعفات طبية، مؤكداً وجود أخطاء طبية لا يجب نكرانها. وهناك عدد من الأطباء تمّ توقيفهم بسبب هذه الأخطاء.
شطب 3 أطباء من النقابة
هنا يتدخّل أبو شرف مشيراً إلى شطب 3 أطباء من النقابة وهم ما زالوا يستأنفون في القضاء منذ فترة، لكن بإمكانهم ممارسة المهنة لحين صدور الحكم بحقّهم.
ويفيد أبو شرف بأنّ النقابة تتلقّى سنوياً حوالي 150 شكوى تحال إلى لجنة التحقيقات، 80 في المئة منها تبيّن وجود خطأ طبي.
ويشير إلى أنّ الأطباء المرتكبين يعاقبون عبر اللوم أو التنبيه أو الشطب. ويؤكّد أنّه يتمّ التعويض على المريض في حال إثبات حصول الخطأ الطبي عبر شركات التأمين الخاصة بالأطباء أو يدفعها الطبيب مباشرةً.
من جانبٍ آخر، يعتبر البستاني أنّ، الترشح لمنصب نقيب الأطباء، «مغامرة كبيرة، لكن إن كنا جميعاً سننكفئ فهذه مشكلة أكبر».
ويعتبر أنّ «المشكلة في القطاع الطبي هي عدد الأطباء الكبير، فحين تسجلتُ في العام 1974 في النقابة كنّا 2400 طبيب، أما اليوم فالعدد يتجاوز 12 ألف طبيب، بسبب الزيادة العشوائية التي حصلت خلال الحرب الأهلية»، مــــشيراً إلى أنّ بعض الأطباء الذين دخلوا النقابة في هــــذه الفترة لم يخضــــعوا لـ«كولوكيوم» وذلـــك بفعـــل صفـــقـــة ســـــياسيّة سجّلت آلاف الأطباء بشـــكـــل عشوائي.
ويلفت البستاني الانتباه إلى أن عدداً من الأطباء لا يتقاضون 1000 دولار شهرياً، وبالتالي هم يفضّلون التقاعد في حال رفع المعاش، ما يؤشّر إلى تراجع المستوى الطبي، علماً أنّ بعض الأطباء يطلبون فحوصا طبية غير ضرورية للمرضى، ويتقاضون لقاءها مبالغ معينة من المستشفيات والمختبرات.
ويلفت الانتباه إلى أنّ بعض المستشفيات تلوم الطبيب في حال لم يكثر من طلب الفحوص الباهظة الثمن من مرضاه باعتبار ذلك يخفّض أرباحها وأرباح شركات الأدوية. ويشير إلى الزيادة في عدد الأطباء سنوياً من 550 إلى 750 طبيباً، بحيث بات لكلّ 300 شخص طبيب وهذا ليس منطقياً. وهنا يشير أبو شرف إلى أنّ «بعض المستشفيات يضع إعلانات خلافاً للقانون، برغم أننا أصدرنا مرسوماً يمنع وضع الإعلانات التي تدلّ إلى مركز استشفائي إلا على بعد 2 كيلومتر ومن دون رقم هاتف». ويرى البستاني أنّه من المهم أن يكون للنقيب رأي في السياسة، ولكن عليه أن يهتمّ بالعمل النقابي قبل كلّ شيء، وأنا أحاول أن أكون مرشّحاً مستقلاً، وأن أشكّل لجنة متجانسة للتخفيف من وقع السياسة على النقابة».
ويشير أبو شرف إلى أن «مشكلة نقابة الأطباء هي جزء من المشكلة الكبيرة الموجودة في البلد، وبالتالي حتّى يستطيع نقيب أو نقابة أن يفعلا شيئاً، نحتاج إلى نظام انتخابي جديد، غير مجزّأ على ثلاث سنوات، بالإضافة إلى استعداد النقيب لاعطاء الوقت للعمل النقابي، وألاّ يكون مثلاً طبيباً جرّاحاً مسؤولياته كبيرة، مؤكدا أهميّة أن يكون النقيب مثقفاً، وأن يبتعد عن إقحام النقابة في السياسة.
لبنان ACGEN السغير نقابات