نشرت صحيفة "النهار" في عددها الصادر بـ 19 ايار الماضي، تحقيقاً حول السكان في لبنان، مبينة ان لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي لم يقم بتعداد عام لسكانه منذ الحرب العالمية الثانية، وموضحة ان مسوحات الاسر، التي قد توفر بعض المعلومات السكانية الاساسية، جاءت متقطعة وغير دورية (1970، 1996، 1997، 2004، 2007) وبعضها يشكو شوائب.
وقد ركزت النهار في هذه الدراسة على الشباب (اللذين تراوحت أعمارهم بين 15-29 سنة)، واستعلمت فيها، بالاضافة الى الاحصاءات الرسمية، إحصاءات وتقديرات واسقاطات دولية وبعض الدراسات الاحصائية المحلية، وخصوصاً دراسات (مدما) ودراسة عن الهجرة أجرتها الجامعة اليسوعية، ودراسات أخرى، لتصل في النهاية الى فكرة أولية عن الحال في مجالات الديموغرافيا والاسرة، والهجرة، والتعليم، والعمل، والصحة، والمشاركة الاجتماعية، خاصة بالنسبة للشباب".
* في مجال الديمغرافيا:
أن معدل الخصوبة في لبنان أصبح أقل من الإحلال، أي أن المرأة اللبنانية لا تنجب، كمعدل عام، طفلين للحلول مكانها ومكان رديفها، مما سيجعل النمو الطبيعي للسكان (ولادات ناقص وفيات) في لبنان سلبياً في المستقبل المنظور.
أن نسبة الشباب (15-29 سنة) وصلت اليوم الى أوجها فبلغت 27 في المئة من مجموع السكان وأنها وفق إسقاطات الأمم المتحدة ستنخفض الى 24 في المئة في نهاية هذا العقد، وتكمل إنخفاضها خلال العقود المقبلة.
أن معدل عمر اللبنانيين المقيمين ارتفع من 19 سنة العام 1970 الى 29 سنة العام 2010، ومن المنتظر أن يرتفع الى 33 سنة في نهاية العقد الحالي. وأن ذلك يعود الى"عملية التعمير أو التعمّر" - أي ازدياد نسبة كبار السن - الناتجة في شكل خاص من انخفاض الخصوبة ومن ثم ارتفاع توقعات الحياة عند اللبنانيين.
أنّ توقع الحياة عند الولادة في لبنان ارتفع من 66 سنة عند بداية الحرب اللبنانية السنة 1975 الى 72 سنة في 2005 ومن المنتظر أن يصل الى 77 سنة مع حلول العام 2020. وأن توقع الحياة عند النساء هو أعلى بأربع سنوات منه بين الرجال.
أن من نتائج عملية التعمّر التي يشهدها لبنان أن نسبة كبار السن من مجموع السكان ارتفع من خمسة في المئة السنة 1970 الى 7 في المئة اليوم و من المنتظر أن يصل الى أكثر من 16 في المئة السنة 2040. من جهة أخرى، ان عدد كبار السن (65 سنة وما فوق) الذي كان يشكل 12 في المئة فقط من عدد الأطفال (أقل من 15 سنة) العام 1970 أصبح اليوم يشكل حوالى ثلث عدد الاطفال، ومن المنتظر أن يتساوى عدد الكبار مع عدد الأطفال مع حلول السنة 2040 ليتجاوزه بسرعة في ما بعد، وفق اسقاطات الأمم المتحدة.
* في مجال الاسرة:
أن معدل سن الزواج الاول لدى النساء اللبنانيات هو 29 سنة ولدى الرجال 32 سنة، وهذه المستويات هي الأعلى في العالم العربي ومن الأعلى في العالم.
أنّ نسبة الطلاق في لبنان تضاعفت منذ السنة 1970 حتى اليوم، رغم أنها ما زالت منخفضة مقارنة بنسب الطلاق في الغرب، وحتى مقارنة بمعظم الدول العربية.
أنّ عدد المطلقات في لبنان يتجاوز الأربعة أضعاف عدد المطلقين، لأن الرجال المطلقين يعاودون الزواج أكثر من النساء المطلقات؟ وأن أعلى نسبة في هذا المجال في العالم العربي هي في الاردن، حيث يبلغ عدد النساء المطلقات عشرة أضعاف الرجال المطلقين تقريباً.
* في مجال الهجرة:
بناء على تقديرات ميدانية ومكتبية من العقد الماضي، يهاجر من لبنان ما لا يقل عن 35000 شخص سنوياً، حوالى 60 في المئة منهم لهم من العمر 40 سنة أو أقل.
أن قلة قليلة من المهاجرين اللبنانيين يؤكدون نيتهم بالعودة للعيش في لبنان بينما الأغلبية تؤكد عدم وجود نية لديها للعودة والعيش في ربوع الوطن.
أن الهجرة المكثفة خلال العقود الماضية التي تركزت على الرجال أخلّت بالتوازن بين النساء والرجال وجعلت عدد الرجال أقل من عدد النساء في هذه الأعمار، ما زاد من عزوبية النساء في شكل كبير بين عامي 1970 و1996. وأن ذلك كان من أسباب ارتفاع هجرة النساء العازبات في شكل غير مسبوق خلال العقدين الماضيين، ما أعاد بعض التوازن بين الجنسين.
أن السبب الرئيسي بامتياز لهجرة الشباب هو البحث عن عمل و تحسين مستوى المعيشة، وأن نسبة البطالة بين الشباب ألبالغين من العمر 18 – 35 سنة عند الهجرة تبلغ (وفق احصاءات حديثة نسبياً) حوالي 20%، بينما هي لا تتجاوز بكثير 2% بعد الهجرة؟ أي أن الشباب المهاجرين هم على حق في اعتقادهم ان الهجرة ستحسن حالهم الاقتصادية.
* في مجال التعليم:
أنّ نسبة الأمية في لبنان لمن لهم من العمر 45 سنة وما فوق تقارب الـ25 في المئة، 44 في المئة بين النساء و 15% بين الرجال، ولكنها لا تتجاوز 1% بين الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 15 – 24 سنة، من دون أي فارق يذكر بين الإناث والذكور؟ مما يعني أن الامية في لبنان تنخفض بسرعة وستمحى بالكامل تقريباً بعد جيل واحد إذا بقيت نسب الالتحاق بالمدارس على حالها؟
هل تعلم: أنّ نسبة التحاق الإناث بالتعليم تفوق نسبة التحاق الذكور، ولو بقليل، في المستويات المتوسط والثانوي والجامعي؟ وأنّ نسبة التسرب في كل هذه المستويات هي أقل، ولو بقليل، بين الإناث مما هي عليه بين الذكور.
أن نسبة النجاح (2007 – 2008) في الشهادة المتوسطة وشهادة بكالوريا العلوم العامة وبكالوريا علوم الحياة في مدارس القطاع الخاص تفوق مثيلتها في مدارس القطاع العام بينما العكس صحيح في ما يتعلق بشهادة بكالوريا الاجتماع والاقتصاد والآداب والإنسانيات.
أن معدل كلفة التعليم في المدارس الخاصة قد يوازي تقريباً 20% من دخل الذين يرسلون أولادهم الى تلك المدارس.
* في مجال العمل:
أن نسبة الشباب (15-29) من مجموع القوى العاملة يبلغ حوالي 41 في المئة، بينما نسبتهم من مجموع السكان لا تتجاوز 27 في المئة، مما يعني أن مشاركتهم في القوى العاملة هي أكثر بكثير من حجمهم من مجموع السكان رغم ارتفاع التحاقهم بالمدارس والجامعات.
أن نسبة مشاركة النساء الشابات في العمل الإقتصادي لم ترتفع كثيراً منذ السنة 1970 وحتى السنة 2004 (من 20 الى 24 في المئة فقط) بسبب الالتحاق المتزايد للنساء بالتعليم، وإنها بالفعل انخفضت خلال هذه المدة من 16 الى 5 في المئة بين الشابات 15-19 سنة ولكنها ارتفعت من 20 الى 38 في المئة للشابات 25-29 سنة.
أنّ نسبة النساء من القوى العاملة إزدادت 15% بين العامين 1996 و 2004 ولكن نسبتهن في "الكوادر العليا" ازدادت 57% وبين "الإختصاصيين" مئة في المئة.
أن نسبة البطالة بين الشباب (15 – 24 سنة)، حيث أغلبيتهم تدخل سوق العمل للمرة الأولى، تبلغ عادة في لبنان ستة أضعاف أو أكثر نسبة البطالة بين القوى العاملة 25 سنة وما فوق.
أن مدة البحث عن عمل، خاصة بين الشباب الذين يبحثون عنه للمرة الأولى، تتجاوز السنة على أقل تقدير.
أن البطالة المرتفعة تجعل سوق العمل لصالح أصحاب العمل في شكل يسمح بالتغاضي عن بعض متطلبات قانون العمل، بخاصة لجهة التسجيل في الضمان الإجتماعي والعطل الرسمية والسنوية وغيرها مما قد يصل أحياناً الى حد الإستغلال عندما تكون البطالة مرتفعه.
* في مجال الصحة:
أن كل النساء اللبنانيات الحوامل تقريباً يستشرن طبيباً خلال حملهن، وأن جميعهن تقريباً يضعن أطفالهن في إشراف طبيب وفي المستشفيات، غير أن نسبة اللواتي يستشرن طبيباً بعد الولادة منخفضة نسبياً ولكنه في تصاعد مستمر.
أن إحصاءات الأمم المتحدة تظهر أن نسبة الإصابات بالسيدا للسنة 2007 بلغت 6 بالألف من السكان كمعدل عام في الدول الاكثر نمواً و11 في الألف في الدول النامية (ما عدا جنوب الصحراء الكبرى) وحوالي 60 في الألف في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولكنها في لبنان لا تتعدى 1 في الألف وهي ثابتة على هذا المستوى منذ مدة.
أن الأغلبية الساحقة من النساء الشابات تعرف كيفية انتقال مرض السيدا، كما أن أغلبية ساحقة أيضاً تعلمن أن ممارسة الجنس الآمن هو أحد سبل الوقاية من هذا المرض، رغم أن هناك فروقاً مناطقية في هذا المجال.
ان الإحصاءات الدولية للسنة 2007 (الاخيرة المتاحة دولياً) تظهر أنّ عدد الوفيات من حوادث السير بالنسبة لعدد السكان في لبنان هي من الأعلى في العالم، إذا استثنينا القارة الإفريقية، وهي في إزدياد. وأنّ معظم الضحايا هم من الشباب.
أن عادة التدخين تبدأ في أغلبيتها الساحقة قبل سن الأربعين وأن الإقلاع عن هذه العادة لا يبدأ بالتراجع في شكل واضح قبل بلوغ الستين من العمر.
أن نسب الإعاقة بين الشباب انخفضت كثيراً منذ أواخر التسعينات والسبب الرئيسي في ذلك هو أن الإعاقات التي نتجت من الحرب اللبنانية لم تعد تطال شباب اليوم في شكل كبير لأن معظمهم لم يكونوا قد ولدوا عند انتهاء الحرب؟ وأن هذه الإعاقات تطال اليوم في شكل خاص الفئة العمرية 30-45 سنة.
أن كل الدراسات تقريباً عن تأثير الحروب المتتالية في صحة الأطفال والشباب النفسية في لبنان تظهر أن تفشي الاضطرابات النفسية بينهم لا تختلف عنها في بلدان لم تشهد حروباً كالبلدان الأوروبية مثلاً، وأن المقارنة ما بين أطفال وشباب عاشوا في مناطق من لبنان شهدت حروباً متتالية (الجنوب مثلاً) مع أقرانهم في المناطق الأخرى لا تظهر هي الاخرى أية فروقا تذكر بالنسبة لتفشي الأمراض النفسية.
* في مجال مشاركة الشباب الاجتماعية:
أن لبنان هو واحد من حوالي 12 دولة ومقاطعة في العالم من أصل 228، تحدد سن الاقتراع (21 سنة) بأكثر من 18 سنة وتشارك في ذلك ثلاث دول عربية هي الكويت وعمان والمملكة العربيةالسعودية.
أنّ العمل التطوعي في لبنان هو من الاكثر تطوراً في العالم وهوفي إرتفاع مطرد بينما يتراجع العمل التطوعي عالمياً؟ إلا أن هذا العمل في لبنان ما زال بحاجة الى المساندة والرعاية من الدولة.
أن هناك أكثر من ألف جمعية غير حكومية (أي من جمعيات المجتمع الأهلي) تعنى بقضايا الشباب في لبنان، إما كهدف من أهدافها وإما كالهدف الوحيد بين أهدافها، وأن مقر معظم هذه الجمعيات هو في بيروت وجبل لبنان، بينما النسبة الأقل تقع في الجنوب والنبطية.