ظاهرة التعاقد في التعليم الرسمي كرة ثلج متدحرجة

Saturday, 22 June 2013 - 12:00am
لا شك في ان للاساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي حقوقاً اكتسبوها على مرّ سنوات عملهم في المهنة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا: الى متى تبقى ظاهرة التعاقد هي الاساس في رفد المدارس الرسمية بالمعلمين؟ وماذا عن امكان اعادة تفعيل دُور المعلمين وكلية التربية؟

"الخط العسكري"
يتوقف الاستاذ الجامعي والخبير التربوي الدكتور عدنان الامين في دراسة بعنوان: "سياسة تعيين المتعاقدين في الوظيفة العامة في لبنان: مثال المعلمين الرسميين"، عند "حالة اكثر تجذرا في التاريخ الحديث للوظيفة العامة في لبنان وهي حالة المعلمين الرسميين الذين يعينون من طريق الخط السريع او الخط العسكري، كما شاع استعمال العبارة في فترة الحرب لتسهيل مرور غير العسكريين، الا وهو خط التعاقد. وقد بدأ النزاع بين المنطقين في ثمانينات القرن الماضي وانتهى بانتصار منطق السياسة الاهلية، وليس ما يشير في الافق الى عودة قريبة الى منطق السياسة العامة".
ويتحدث الامين في دراسته عن "وجود هامشي للمتعاقدين في فترة ما قبل الحرب"، اما نظام الشأن العام فكان يقضي ان "التخرج من دار المعلمين الابتدائية هو القاعدة في تعيين المعلمين الرسميين للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة. وكان التخرج من كلية التربية هو القاعدة في تعيين الاساتذة الثانويين، و"اعداد المعلمين" من شروط التعيين. ويتم الدخول من خلال مباراة الى مؤسسات الاعداد حيث التخرج سنوي يعيّن بعده المتخرجون الناجحون فيها آليا".
وطأة الحرب
وكما كانت للحرب آثار في كل جوانب الحياة العامة، "حصل تحول دراماتيكي في توزيع المعلمين بعد نشوب الحرب نتيجة الانتقال القسري للمعلمين من المناطق التي يدرّسون فيها الى مناطق سكنهم الاصلي او الى العاصمة بسبب تردي الاوضاع الامنية او بحجة ترديها، الامر الذي ادى الى افراغ عدد كبير من المدارس من المعلمين وتراكم هؤلاء في مدارس اخرى. هذا الوضع سبب تحولا دراماتيكيا ايضا على مستوى التعاقد لجهة الاعداد الكبيرة من المتعاقدين، وقاعدة التعاقد التي اصبحت تقوم على ركنين: التغذية الجغرافية الذاتية، الولاء السياسي اي حصول التعاقد من طريق القوى السياسية الفاعلة في كل محيط اي الميليشيات"، وفق الامين، الذي يشير ايضا الى انتهاء انظمة الاعداد السابقة في تسعينات القرن الماضي ودُور المعلمين التي بدأت تنازع وكلية التربية التي تنهي دورها في الاعداد المسبق للاساتذة الثانويين ومن ثم تشريع التعيين على اساس التعاقد (2001-2010) والتضخم الذي حصل في عدد المتعاقدين...

اشكالية المباراة المفتوحة
وفي هذا الاطار، يقول عضو هيئة التنسيق النقابي محمد قاسم ان "دُور المعلمين انحسر دورها في دورات التأهيل بعدما فرضت القوانين الجديدة حيازة الاجازة الجامعية، لذلك توقفت عن عملها الاساسي اي اعداد معلمي المرحلتين الابتدائية والمتوسطة". واشار الى ان "هناك نحو 11 الف متعاقد في التعليم الرسمي الاساسي مقابل 22 الف في الملاك. اما في التعليم الثانوي فهناك نحو 2000 متعاقد مقابل 6000 في الملاك". واكد ان "المطلوب اجراء المباراة المفتوحة لتعيين اساتذة جدد في الملاك بعد اجتيازهم مرحلة الاعداد في كلية التربية"، شارحاً ان ما يعرقل اجراء هذه المباراة هو عدم تكليف رئيس مجلس الخدمة المدنية "ما يعرقل اعداد مجموعة من الاساتذة تحتاجهم الثانويات، ولتغطية هذا النقص تعمد الوزارة الى المزيد من التعاقد، ما يفاقم ازمة التعليم الرسمي على حسابه بتأمين الكادر المتفرغ له".
من جهتهم، يعتبر المتعاقدون في التعليم الرسمي ان "المباراة المفتوحة مقبرة لهم" مطالبين بحقوقهم في الضمان الصحي وبدل النقل ومتهمين الدولة بـ"العمل على ابادتهم".
وفي الخلاصة انه بين الاساتذة المتعاقدين والاساتذة في الملاك يعيش التعليم الرسمي في دوامة "الحاجة امّ (اختراع) المتعاقدين" التي لا يبدو انها ستتوقف قريبا، بل على العكس تبدو ككرة الثلج المتدحرجة وتتفاقم مع مرور الوقت.

لبنان ACGEN النهار تربية وتعليم