Saturday, 22 June 2013 - 12:00am
هي أشبه بقصة "إبريق الزيت"، في كل مرة تتأخر رواتب موظفي مستشفى رفيق الحريري، فيعتصم هؤلاء ومن ثم تقفل ابواب المستشفى أمام المرضى، لتعود الأمور الى مجاريها بعد تدخل المسؤولين.
يوم أمس تكررت "المسرحية"، إذ بعد تأخر الرواتب نحو 20 يوماً اعتصم بعض الموظفين، ثم اقفلت الابواب الرئيسية بوجه المرضى (في ما عدا الطوارىء). وما ان علت الصرخة حتى عقد اجتماع في وزارة الصحة أفضى الى معالجة سريعة للمسألة مع وزارة المال، على ان يبدأ الموظفون قبض رواتبهم بدءا من اليوم.
واذا كانت القضية لا تعدو كونها مسألة تأخير وزارة المال في تدوير الاعتمادات وفق ما أكد لـ"النهار" مستشار وزير الصحة حسان جعفر، إلا أن مصادر الموظفين تؤكد أن المسألة أبعد من ذلك وتأتي في سياق الضغط على الادارة للتراجع عن بعض القرارات "الخاطئة" التي اتخذتها أخيراً وتتعلق بتكليف 10 ممرضين مهمات مدراء دوائر، علماً ان هذه المناصب غير ملحوظة أصلاً في نظام المستشفى. هذه التسريبات نفاها جعفر ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني الذي اجتمع بوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل خصص للبحث في أوضاع المستشفى، في حضور مدير مستشفى بيروت الحكومي وسيم الوزان.
وأشار مجدلاني الى أن التأخير لا يقتصر على مستشفى رفيق الحريري فحسب بل يصيب كل مفاصل الدولة بسبب الاوضاع التي نمر فيها، مؤكداً أن الامور ستسير على السكة بدءاً من الغد (اليوم).
وفي حين اقرت مصادر الموظفين ان القرارات التي اتخذتها الادارة "خاطئة" ولا تقتصر على التدابير الأخيرة، نبهت الى انه ليس جائزاً ان يكون الموظفون "كبش محرقة" في كل مرة تسوء الامور بين وزارة الصحة والادارة على خلفيات مصالح سياسية وحزبية.
وأوضحت أن ثمّة تأخيراً في تدوير اعتمادات لفواتير تعود الى نهاية 2012 وبداية 2013، علماً من المفترض صرفها من الموازنة الجارية، ولكن يبدو أن قضية "القرارات الخاطئة" أخرتها.
ولكن لماذا أتخذت الادارة قرارات بترقية 10 ممرضين من دون الرجوع الى وزارة الصحة؟ تؤكد المصادر أنه، رغم أن "القرارات غير مدروسة جيداً، الا أن المستشفى هي مؤسسة عامة وتتمتع باستقلالية مالية وادارية رغم انها تحت وصاية الوزارة"، لافتة الى ان كل الاجتماعات يحضرها مفوض الحكومة ويصوت على القرارات المتخذة، ولا يجوز تالياً تحميل الادارة وحدها مسؤولية هذه القرارات.
ورغم ان قرارات الادارة في الترقية راعت المعايير الطائفية، الا انها وعلى ذمة مصادر الموظفين لم تراع مصلحة الاطراف السياسيين والحزبيين الممسكين بزمام الامور في المستشفى، مؤكدة ان ثمة صراعاً آخر بين طرفين حزبيين على منصبي رئيس المصلحة المالية ومصلحة المشتريات، بحكم شغورهما.
واذا كان قرار تكليف 10 ممرضين في مصلحة التمريض بوظائف مستحدثة لا يرتب أي اعباء مالية، الاّ ان المصادر وضعت علامات استفهام عن هذه الترقيات وابعادها، خصوصاً ان مرسوم الملاك للمستشفى لا يلحظ مثل هذه الوظائف.
ومن اتخذ القرار بإقفال المستشفى أمام المرضى؟ تشير المصادر ان ثمة أموراً غير واضحة تجري خلف الكواليس. إذ فيما أشيع أن بعض موظفي الشركة الامنية المولجة بمهمات حماية المستشفى بادروا الى اقفال ابواب المستشفى بحجة ان الشركة تأخرت في دفع رواتبهم، فلجأوا في اليوم الثاني الى نقل اعتصامهم الى مكتب الدخول القريب من مكتب المدير العام سبّب فوضى ادت الى اقفال الباب الرئيسي.
ومعالجة المسألة، جاءت اثر زيارة مجدلاني يرافقه مدير المستشفى وسيم الوزان الوزير علي حسن خليل، وصَدَر عن المجتمعين بيان لفتوا فيه الى انهم تباحثوا في الأمور التي أوصلت إلى الإضراب الذي نفذه العاملون في المستشفى، وكانت النقاشات ايجابية وتم التطرق إلى كل المشكلات التي يعانيها المستشفى، واتفق على الحلول المقترحة لها".
ووفق البيان، تطرق النقاش كذلك "إلى سبل العمل التي يجب أن تتبع لتفادي مشكلات مماثلة في المستقبل، مشدّدين "على استمرار عمل هذا الصرح ودوره المؤسساتي والخدماتي الكبير لما يعنيه لأبناء بيروت واللبنانيين جميعاً". وعليه، أعلن عن انهاء الاضراب الذي نفذه العاملون في المستشفى، وعن توفير الرواتب للموظفين بدءاً من اليوم.
الى ذلك، أصدر النائب عمار حوري بياناً لفت فيه الى ان مستشفى رفيق الحريري الجامعي، يتعرّض لمحاولة اغتيال معنوي ادى الى اقفال ابوابه بوجه المرضى، مما يشكل كارثة صحية وتعليمية ووطنية تضاف الى الكوارث التي يعيشها الوطن والمواطن". واعتبر "ان الحصار المالي وغير المالي المفروض على هذا الصرح، يطرح سؤالاً خطيراً هو لمصلحة من اغلاق هذا المستشفى ومن المستفيد عموماً، وفي هذا الوقت بالذات؟"، مطالباً وزير الصحة "بالتحرك حكومياً وسياسياً لرفع الحصار بكل أنواعه عن المستشفى واتخاذ الاجراءات اللازمة".
لبنان ACGEN استشفاء النهار