Wednesday, 5 June 2013 - 10:59am
قبل أيام، مرت الذكرى الثالثة عشرة على صدور القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين في لبنان بهدوء. فلا خرقَ مهمّاً يمكن الحديث عنه في جدار التهميش السياسي المتعمد من قبل الحكومات المتعاقبة على لبنان منذ صدور القانون في 29 أيار من العام ألفين إلى اليوم.
أما أولئك المناضلون، الذين استطاعوا خلال سنيّ الحرب الأهلية اللبنانية، كسر الصورة النمطية تجاه فئتهم المهمشة في المجتمع، مجترحين «معجزات»، ولم تقوَ عليها الأحزاب، فقد أحبط التجاهل المتواصل لقضاياهم واحتياجاتهم واهتماماتهم نسبة كبيرة منهم، لا سيما أنهم من الفئات الأكثر فقرا وتهميشاً في المجتمع، حيث تتعدى نسبة البطالة بينهم عتبة 83 في المئة.
وإذا كان الأشخاص المعوقون بمعظمهم عاطلين من العمل في مجتمع يحجم عن استثمار طاقاتهم، فإن «جدار القطاع العام»، هو الذي يحول دون تطبيق الكوتا المقتطعة ثلاثة في المئة، وفق القانون، لتوظيفهم. ومن الأمثلة تعطيل المادتين 73 و74 منه، المتعلقتين بأحد أبرز الحقوق المعلنة (حق العمل)، وتحديداً بتخصيص وظائف للأشخاص المعوقين في القطاع العام. ويمثل «مجلس الخدمة المدنية» عتبة التوظيف في القطاع العام.
وترى المراجعة النقدية التي قدمها «اتحاد المقعدين اللبنانيين» مؤخراً، أنه بغياب أي إشارة إلى وجوب إصدار مرسوم تطبيقي في ذلك المجال، امتنع «مجلس الخدمة المدنية» عن تخصيص وظائف في القطاع العام للأشخاص المعوقين بنسبة ثلاثة في المئة على الأقل من العدد الإجمالي للفئات والوظائف المختلفة كما يفرضه القانون (المادة 73). وعلّل ذلك بوجوب إصدار مرسوم يحدد الوظائف التي يسمح للأشخاص المعوقين الاشتراك فيها تبعاً لنوع الإعاقة. وبما يتلاءم وطبيعة كل وظيفة من الوظائف العامة. كما في الكتاب الرقم 3157/2002 الصادر عن المجلس في 18/3/2003، والموجه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، والكتاب الرقم 36/ص الصادر عن المجلس، في 6/2/2004، والموجه إليها كذلك، بالإضافة إلى الكتاب الرقم 800 الصادر عن المجلس في 25/3/2004 والموجه إلى «اتحاد المقعدين اللبنانيين».
وقد أدّى ذلك إلى رفض المجلس قبول عدد كبير من الطلبات المقدمة من أشخاص معوقين. وقد رفضت جمعيات الإعاقة ذلك الموقف، معتبرة أنه يشكل تمييزاً بحقهم، إذ كان يجدر بالمجلس أن يحدد مواصفات الوظيفة والكفاءات المطلوبة بدلاً من تصنيف الأشخاص على أساس إعاقاتهم. ومن اللافت أن تلك الحجة، التي صورت على أنها قاطعة، أدت إلى حرمان شريحة واسعة من حقوقها، لما يزيد عن عقد ونيف. وقد بدت في نهاية المطاف حجة مبتذلة وغير صحيحة، ربطاً بالتغير الحاصل في موقف المجلس، قبل نحو سنتين. فلدى بيان رأيه بأحد اقتراحات «لجنة تفعيل حقوق الأشخاص المعوقين بالعمل»، أكد المجلس قيامه بتنظيم مباريات تسمح للأشخاص المعوقين بالاشتراك «على أن لا تحول الإعاقة دون ممارسة المرشح لمهام الوظيفة المتقدم إليها بشكل كفؤ وسليم». كما في الكتاب الرقم 2670 الصادر عنه في 2/8/2010 إلى رئاسة مجلس الوزراء.
وقد أشار المجلس على أنه تم تعيين شخص معوّق في منصب مهندس زراعي في المديرية العامة للزراعة من دون التقيد في ما خصه بتسلسل درجات النجاح، استناداً إلى المادة نفسها (73). كما أعلن المجلس عن وضع آلية لتطبيق الكوتا المقتطعة في القطاع العام لكونه «قطاع الدولة ومسؤوليتها، والدولة صاحبة اليد العليا فيه التي يجب أن تكون هي القدوة للمؤسسات الخاصة في تطبيق القانون». وذلك من خلال حجز نسب من الوظائف للأشخاص المعوقين الذين ينجحون في الامتحانات، من دون الخضوع لأي تراتبية أو أي تسلسل نجاح.
وفيما يظهر أن المجلس يعالج احتياجات الأشخاص المعوقين، وفقاً للحالات التي تتقدم بطلب الاشتراك في المباريات، من دون أن يتم وضع آلية دائمة، يسجل أن المجلس لم يعد يشير إلى ضرورة إصدار مرسوم لتحديد الوظائف التي يمكن للأشخاص المعوقين إشغالها، كما لم يعد غياب هذا المرسوم يحول دون استفادة هؤلاء من الكوتا الممنوحة لهم. أما اليوم، فالمجلس نفسه ينتظر بديلاً لرئيسه السابق الدكتور خالد قباني، الذي حرّك الآلية بعد طول تأخير.
فلماذا التأخير إذاً في تخصيص الوظائف للأشخاص المعوقين، إذا لم يكن هناك ضرورة لذلك المرسوم؟ هو مثال بسيط، في أحد الحقوق الرئيسة، على تسويف استمر لأكثر من عقد من الزمن على قانون كان يعتبر، حين صدوره، من أفضل القوانين التي تنهض بالأشخاص المعوقين نحو الدمج وفق النموذج الاجتماعي.
لبنان ACGEN السغير حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة