Monday, 3 June 2013 - 12:00am
شهد مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خلال شهر أيار الماضي، اشتباكات على محور مشاركة الصندوق في مؤتمرات خارج لبنان وتأليل الوفود المشاركة. سقط المشروع الأول للسفر إلى تركيا، حيث يُعقد منتدى الجمعية الدولية للضمان، لأن الدعوة «غير موجهة إلى الضمان الاجتماعي اللبناني». أما المشروع الثاني، فقد مرّ رغم اعتراض بعض الأعضاء على كونه قد جاء مفروضاً من سلطة الوصاية التي ذهبت في اتجاه التعدّي على الصلاحيات، بعدما تبيّن لها أنه لا اعتمادات لديها لتأليف وفد يشارك في مؤتمر منظمة العمل الدولية في جنيف، فقرّرت المشاركة على حساب الضمان.
يروي بعض أعضاء مجلس الضمان، أن تعويض الإقامة الذي يدفعه الضمان للمكلّف الواحد بالسفر إلى جنيف يبلغ 350 دولاراً. ويمكن للمكلّف أن يقدّم فواتير التنقلات والأكل ويحصل على تذكرة طائرة اعتادت هذه المؤسسة تمويلها «درجة أولى»، لكنّ مشكلة مشاركة الضمان في مؤتمر منظمة العمل الدولية في جنيف لا تنحصر في حجم الأعباء المالية التي ستترتب على هذه المشاركة، بل في أن هذه الأعباء لم تكن ضرورية، فضلاً عن أن قرار المشاركة كان متصلاً أكثر بصلاحيات سلطة الوصاية، واحتمال تعدّيها على صلاحيات مجلس إدارة الضمان. ففي 28 أيار 2013 تلقى المجلس رسالة موقعة من وزير العمل سليم جريصاتي، يطلب فيها من الضمان المشاركة في الدورة الـ102 من أعمال مؤتمر منظمة العمل الدولية، الذي يمتد من 4 حزيران إلى 20 حزيران ضمناً، أي 17 يوماً. الكتاب يبرّر هذا الطلب بالإشارة إلى أنه «يتعذّر على وزارة العمل المشاركة في هذا المؤتمر لعدم توافر الاعتمادات اللازمة في وزارة الخارجية لهذه الغاية»، لذا فهو يقترح «إيفاد وفد من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على أن يتحمّل الصندوق نفقات السفر والإقامة، على أن يكون الوفد مؤلفاً من رئيس مجلس إدارة الضمان طوبيا زخيا، المدير العام للضمان محمد كركي، رئيس اللجنة الفنية في الضمان سمير عون، المدير الإداري بالتكليف في الضمان نبيل سمعان».
أيضاً، جاء الكتاب مرفقاً برسالة موجّهة من الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، إلى وزارة العمل ومؤرخة في 19 كانون الأول 2013، ويؤكد فيها أنه ممنوع سفر الوفود إلى الخارج إلا بقرار من مجلس الوزراء.
هذه الرسالة عُرضت على هيئة مكتب مجلس الضمان الاجتماعي، حيث نوقشت بصورة مطوّلة، ثم انتقل هذا النقاش إلى جلسة مجلس الضمان التي عقدت بعد يومين. خلاصة الرأي الذي قدّمه ممثلو العمال فضل الله شريف وجهاد المعلم، وممثل أصحاب العمل مهدي سليمان، كما ورد في محاضر الاجتماعين، تشير إلى أن فرض الوفد على مجلس الضمان من قبل سلطة الوصاية لا يستند إلى أي مادة قانونية، وأنه لا جدوى من هذه المشاركة سوى «ترفيه» للمسافرين، وبالتالي فإن سلطة الوصاية لا يمكنها أن تفرض خياراتها على الضمان، وأن تجبره على سداد كلفة الوفد التي ستموّل من أموال المضمونين.
ويستند أصحاب هذا الرأي، إلى جوهر الدعوة التي تتلقاها سنوياً وزارة العمل من منظمة العمل الدولية. فهذه المنظمة الثلاثية التمثيل، أي المؤلفة من ممثلي أصحاب العمل والعمال والدولة، تصبّ كل اهتماماتها في قضايا العمال وأمنهم الاجتماعي ونحو الجهات الثلاث المعنية بهذه القضايا. انطلاقاً من هنا، فإن الدعوة توجّه إلى وزارة العمل بوصفها تمثّل الدولة، وقد درجت العادة أن تقوم الوزارة بإبلاغ هيئات أصحاب العمل والعمال لتسمية مندوبيهم، فيما يمكنها إدراج أي مندوب آخر ضمن الوفد، سواء رأت ضرورة في مشاركة مندوب من الضمان الاجتماعي أو المؤسسة الوطنية للاستخدام أو أي مؤسسة ثلاثية التمثيل. وعلى هذا الأساس كان الوفد إلى مؤتمر العمل الدولي في جنيف مؤلفاً من ممثل للاتحاد العمالي العام، وممثل لأصحاب العمل ووفد من الوزارة بصفتها تمثّل الدولة.
غير أنه في الحالة المعروضة على الضمان، أي طلب سلطة الوصاية تأليف وفد على عاتق صندوق الضمان، استغرب بعض أعضاء مجلس إدارة الضمان، أن لا تكون وزارة العمل قد استعاضت عن عدم قدرتها على السفر، من خلال الطلب إلى الهيئة الدائمة للبنان في المنظمة تمثيلها! فلماذا أصرّت سلطة الوصاية على تأليف وفد على حساب الضمان؟ وهل تسمح الأنظمة والقوانين بأن تؤلف الوزارة الوفد؟ الرأي الذي أدلى به شريف يشير إلى أن كتاب سلطة الوصاية بتسمية الوفد، يعني تدخلاً مباشراً من الوزير في صلاحيات أعمال مجلس الضمان، علماً بأن وصاية وزارة العمل تكون بواسطة مفوض الحكومة، الذي لا تصل صلاحياته إلى هذا المدى. وقد أوضح مهدي سليمان أن هذه «السفرة مفبركة، وقد طلبت من الوزير تدبيجها لكم علماً بأن مجلس إدارة الضمان ثلاثي التمثيل، وهو من يقرّر من يوفد إلى المؤتمر... سأرسل كتاباً إلى ديوان المحاسبة بهذا الخصوص في حال عدم التراجع عن القرار». وأضاف جهاد المعلّم أنه «لا يحق للوزير تسمية ممثلي الضمان إلى المنظمة».
هذا الاشتباك حول تأليف وفد للمشاركة في مؤتمرات خارج لبنان، لم يكن الأول في الضمان. ففي 13 أيار عُرض ملف على هيئة المكتب تطلب فيه إدارة الضمان الموافقة على مشاركة وفد الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي في تركيا بين 27 أيار و31 منه ضمناً، لكن سرعان ما تبيّن أن هذا المؤتمر مخصص للدول الأوروبية، وأن المؤتمر الذي تنظمه الجهة نفسها، والذي دعت لبنان إلى المشاركة فيه وحضوره، سيُعقد لاحقاً في قطر، وبالتالي فإن الدعوة الموجّهة للحضور والمشاركة هي «دعوة شخصية». وبعد مداخلات معترضة من ممثل الدولة في المجلس رفيق سلامة، اقترح ممثل العمال جورج علم المشاركة بوفد يضم رئيس مجلس الإدارة طوبيا زخيا، فأعرب هذا الأخير عن عدم رغبته في المشاركة... فاتخذت هيئة المكتب القرار الرقم 630 بالإجماع، الذي ينص على «إعادة كتاب أمانة السرّ ورقمه 1510 والمتعلق بالمشاركة في المنتدى الإقليمي للجمعية الدولية للضمان الاجتماعي في إسطنبول، وذلك لعدم وجود دعوة خاصة للصندوق». ويضيف البند الثاني من قرار هيئة المكتب «الطلب إلى إدارة الضمان التقيد بالأحكام النظامية لتأليف الوفود... وعندما تصل الدعوة إلى المجلس يجب إبلاغ المجلس بها فوراً (هذه الدعوة عمرها 3 أشهر ولم تعرض إلا قبل أسبوعين على هيئة المكتب)».
ACGEN اجتماعيات الأخبار رعاية وضمان