فجأة تنبّه السياسيون لمسؤولياتهم وابدوا غيرتهم على حماية النساء، فأقرت اللجان النيابية المشتركة في جلستها يوم الاثنين الواقع في 22 تموز 2013، مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري بعد ادخال تعديل بارزعليه، وذلك على خلفية الجريمة المروعة التي شهدتها حلبا والتي اودت بحياة المغدورة رولا يعقوب من حلبا على يد زوجها.
وقد لاقى اقرار مشروع القانون، ترحيباً من قبل الكثير من الناشطين/ات والمنظمات النسوية والمدنية على الرغم من تعديل عنوانه بحيث بات: «حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري» فيما تحفّظ البعض الاخر. وفي هذا الاطار، هنّئت منظمة "كفى عنف واستغلال" و"التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري" كل نساء لبنان باقرار مشروع القانون، مشيرة الى بعض المكتسبات التي نجحت في ادراجها في مشروع القانون وأهمّها: إعادة إدراج اسم النساء في عنوانه، إعادة النظر بتجريم إكراه الزوجة على الجماع، ولو أنها اكتفت بتجريم الضرب والإيذاء والتهديد للحصول على ما أسمَته "الحقوق الزوجية"، وتعديل نص المادة 26 (التي أصبحت المادة 22) بحيث فصلت بشكل واضح صلاحيات المحاكم المختلفة.
وافادت "كفى" والتحالف ان المعركة لم تنته بعد، بل ستستمر حتى إقرار القانون في الهيئة العامة ليصدر بالصيغة التي تكفل الحماية الكافية والكاملة للنساء، وذلك بالرغم من الشكوك حول الوقت الذي قد يستغرقه اقرار القانون في ظل الجو السياسي الحالي.
بصراحة، من الصعب الاقرار بحسن نية رجال السياسية، من اعضاء مجلس النواب والحكومة السابقين، وبصدقية تهافتهم على الإدلاء بتصريحات التاييد بل التهليل الاعلامي للخطوة، وذلك بعد المماطلات الطويلة التي سبقت اقرار المشروع، ولا سيما ان معظم الاطراف السياسية التي ينتمون اليها هي نفسها التي لا تزال تشيح الطرف عن مطالب النساء بالمساواة، وبحقهن باعطاء الجنسية الى اسرتهن او حق النساء بالمشاركة السياسية الفعلية من خلال اعتماد الكوتا في قانون الانتخابات.
كذلك، نعيد التذكير، بجملة قضايا مرتبطة بحقوق المواطن/ة الاخرى التي لا زالت موضع نقاشات عقيمة كسلسلة الرتب والرواتب، الإصلاح الإنتخابي (وبشكل خاص خفض سن الإقتراع، إقتراع غير المقيمين)، المساواة في الأحوال الشخصية من خلال اعتماد قانون مدني، الحقوق الاجتماعية (التغطية الصحية الشاملة، ضمان الشيخوخة، الخ...)، كلها قضايا لا تزال حبيسة ادراج السياسيين.
بناء على ما سبق، يصعب التصديق ان الطبقة السياسية الحالية مهتمة فعلاً بحقوق المواطن/ة، في وقت يحتدم الصراع على السلطة انطلاقاً من الاعتبارات الطائفية واستناداً الى مراهناتها الخارجية.
اخيراً، على الرغم من اقرارنا بايجابية خطوة اقرار مشروع القانون، وبصرف النظر عن الخلفيات او المدة التي قد تستغرق وضعه موضع التطبيق الفعلي، يبقى الامل معقوداً على ان يصيب التغيير الحاصل في المنطقة، لبنان، قريباً، بحيث تبرز اطراف سياسية جديدة تضع نصب اعينها قضايا المواطنة المساواة والعادلة الاجتماعية.