توجيهات صندوق النقد الدولي وتوقعاته للبنان

حذّر صندوق النقد الدولي لبنان من المخاطر المحدقة بإقتصاده، بنسيجه الإجتماعي، باستدامته المالية، وبدينه العام في حال استمرّت أوضاعه على ما هي عليه. جاء كل ذلك في تقرير أصدره الصندوق الدولي، القى من خلاله الضوء على مجموعة من التحديات الأساسية التي يواجهها لبنان. أشار التقرير إلى أن إنخفاض سعر النفط وفّر مساحة من الإرتياح المؤقت بالنسبة للمالية، لافتاً الى الإرتباط المتين بين المصارف والدولة الذي لطالما شكّل مصدراً للقوة، لكنه نبه من ان الاقتصاد لا يزال يعتمد على تدفقات متواصلة من الودائع، وهو يبقى حساساً تجاه أي تراجع لعامل الثقة. وذكر التقرير ايضاً أن نمو الودائع تقلص خلال السنوات الآخيرة، إلا أن معدلاته بقيت تتراوح بين 7 و8%، وبقيت كافية لتغطية الاحتياجات التمويلية العامة والخارجية، كما نوه بسياسة الاحتفاظ على مستوى مرتفغ من الاحتياط في العملات الأجنبية، مسلطاً الضوء على مسالتين تتطلبان المعالجة كأولوية: الأولى، اقرار مشروع الموازنة العامة لسنة 2015، والثانية، معالجة مشكلة قطاع الكهرباء. ورأى الصندوق في تقريره أن خصخصة بورصة بيروت يمكن أن تساعد في تطوير الأسواق المالية، من خلال تعزيز الشركات الحديثة العهد على طرح اكتتابات أولية وفتح الباب أمام تداول السلع، كذلك لاحظ أن الإصلاحات الهيكلية تبقى حاجة ملحة لتعزيز فرص النمو الاقتصادي في لبنان، والحاجة ايضاً لاقرار عدد من التشريعات، بغرض جذب الاستثمار، ومنها: القانون الخاص بالضريبة النفطية، صيغة الاتفاق المتعلق بالاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، وقانون الإطار الخاص بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وفي سياق متصل، توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الإقتصاد اللبناني نمواً بحوالي 2% خلال العام الحالي، وهو الرقم ذاته الذي تحقق العام الماضي. وخلص المجلس التنفيذي للصندوق الذي أنجز تقرير "بعثة المادة الرابعة" الخاص بلبنان، إلى أن النزاع في سوريا الذي دخل عامه الخامس، يهيمن على الأفق الإقتصادية في لبنان، وخصوصاً أن إجمالي عدد النارحين/ات من سوريا بات يناهز ربع عدد السكان، لافتاً إلى أن أزمة النزوح أجهدت المجتمعات المحلية التي تعاني اصلاً الفقر والبطالة، كما باتت تضغط على الإقتصاد والمالية العامة الهشة، وعلى البنية التحتية. ورأى التقرير أن القطاعات التقليدية التي تقود النمو في لبنان، وهي السياحة والقطاع العقاري والبناء، تلقت ضربة موجعة، واستبعد أن تسجل انتعاشاً قريباً، كما شكك في إحتمال تسجيل نمو أعلى من 4% بحلول عام 2019. ورصد التقرير تراجع التضخم في شكل حاد عام 2014، بسبب تراجع أسعار النفط وعوامل أخرى، لكنه رجح أن يرتفع مجدداً إلى 3% في نهاية السنة الحالية. وعلى صعيد المالية العامة، أعتبر الصندوق أن عوامل استثنائية سمحت بتكوين فائض أولي عام 2014 (2.5% من الناتج المحلي الاجمالي)، لكن من دون خطوات عملية وحاسمة، متوقعاً ان يستمر تردي حال المالية العامة خلال العام الحالي، ومرجحاً أن يعود الميزان الأولي إلى العجز، بنحو 1.25% وذلك بحلول نهاية السنة مع استمرار إرتفاع الدَين العام، ليصل حجمه الى 132% من الناتج المحلي الاجمالي.