Friday, 10 July 2015 - 1:10pm
أصدرت قاضية الأمور المستعجلة في بيروت زلفا الحسن قراراً يلزم إدارة البعثة العلمانية الفرنسية بتنفيذ قرار وزير التربية الياس بو صعب بتجميد الأقساط تحت طائلة فرض غرامة إكراهية قيمتها 10 ملايين ليرة لبنانية عن كل مخالفة
النزاع بين إدارة الليسيه الفرنسية اللبنانية الكبرى في بيروت ولجنة الأهل بشأن الموازنة وزيادة الأقساط بلغ أشده مساء أول من أمس. قامت الدنيا ولم تقعد فور تلقّي لجنة الأهل بياناً تهديدياً من المدير العام للبعثة العلمانية الفرنسية في العالم جان كريستوف ديبير يشير فيه إلى أنّ الزيادة ستكون بنسبة 5% بدلاً من 6.99 % ويدعو غير القادرين مالياً إلى البحث عن مدرسة أخرى لأولادهم.
هذا التهديد العلني والمباشر للأهالي دفع محامي لجنة الأهل زياد بارود إلى الطلب من قاضية الأمور المستعجلة في بيروت زلفا الحسن تقصير المهل في إصدار الحكم بشأن الدعوى التي حرّكها يوم الثلاثاء ضد إدارة المدرسة، فحددت الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر أمس مهلة للمدرسة للإجابة. الأخيرة أرسلت ردّها ضمن المهلة، لتصدر الحسن حكمها الذي ستتبلغه إدارة المدرسة اليوم، وهو إلزام إدارة البعثة العلمانية الفرنسية بتنفيذ قرار وزير التربية الياس بو صعب بتجميد الأقساط مع غرامة إكراهية قيمتها 10 ملايين ليرة لبنانية عن كل مخالفة.
هذا في دعوى لجنة الأهل، أما في الدعاوى الفردية التي قدمها اثنان من الأهالي أمام قضاء العجلة بسبب لجوء المدرسة إلى حجب الإفادات المدرسية، فقد صدر حكم لمصلحة أحد المدّعين، وسيصدر حكم ثان اليوم.
أمام هذه التطورات يُطرح سؤال: ماذا سيفعل وزير التربية؟ الوزير أكد في حديث إلى موقع «ليبانون فايلز» أنه أبلغ المعنيين حرصه على تطبيق القانون 515 الذي ينظم كيفية زيادة الأقساط في المدارس، لا سيما الحصول على موافقة لجنة الأهل. وعلمت «الأخبار» أنّ بو صعب اتصل بالسفير الفرنسي وأكد له أنّه سيلجأ إلى اتخاذ الإجراءات القانونية، ومنها تعيين خبير مالي للتدقيق في الزيادة على الأقساط، أو سحب رخصة المدرسة أو سحب توقيع مديرها.
بيان المدير الفرنسي خرق بشكل صريح نص المادة 10 الفقرة ب من القانون 515/1996 التي تنص على الآتي: «إذا حصل نزاع... لا يحق لإدارة المدرسة اتخاذ أي إجراء بحق الأولاد بسبب النزاع القائم». من المفيد الإشارة هنا إلى أنّ الأهل دفعوا رسم التسجيل للعام المقبل، وبالتالي فإنّ أبناءهم مسجّلون حكماً، فيما خفض الزيادة الذي شمله اتفاق 29 أيار الماضي كان على القسط وليس على رسم التسجيل.
الأهالي دفعوا
رسم التسجيل
وبالتالي فإنّ أبناءهم مسجّلون حكماً
لجنة الأهل لم تتأخر في إدانة لغة التهديد بالقول إنّ إدارة المدرسة حوّلت، منذ نهاية المحادثات، النزاع معها إلى حرب مفتوحة بتوجيهها أربع رسائل تهديد إلى الأهل، كانت آخرها رسالة ديبير التي تجاوزت كل الحدود.
النزاعات، بحسب اللجنة، تُحلّ عادة بالتفاوض أو الوساطة واللجوء إلى القانون، و«نحن نرفض الانجرار وراء هذه الحرب ونأسف لاستخدام البعثة للغة مهينة». وقالت إننا «نشعر أننا في جمهورية من جمهوريات الموز حيث يهدد التعليم من أجل بضعة آلاف من الدولارات!». وسألت: «كيف يسمحون لأنفسهم بأن يستغلوا حاجة الأهل إلى الإفادات بهدف الحصول على فيزا أو الاستفادة من خدمات الصناديق الضامنة وغيرها؟».
اللجنة ذكّرت بأنّ الأهالي اختاروا الليسيه اللبنانية الفرنسية مدرسة لأولادهم لقيم المواطنة التي تعلّمها، وفي مقدمها احترام الحقوق والديمقراطية. وشددت على أن التهديدات لن تغيّر شيئاً في حقيقة الأمور، ولن توقف عمل لجنة الأهل التي كانت ولا تزال تمتثل للقوانين اللبنانية.وقالت إنّ التهديدات لن «تجعلنا ننسى خرق المدرسة للقوانين، والغطرسة في عدم احترام قرار وزير التربية بتجميد الأقساط وقرار مجلس شورى الدولة برفض طلب المدرسة إلغاء قرار الوزير». وأوضحت أنّها ستواصل عملها تحت سقف القانون وبدعم قوي وشفاف وتضامن من الأهالي. ومع التهديدات بعدم قبول التلامذة (ne sont pas admis) تركت قلقاً في صفوف البعض إلاّ أن الأهالي لا يزالون متضامنين، بحسب اللجنة، ولم يدفع الكثير منهم الزيادة غير القانونية.
السؤال الذي يطرح هنا لماذا تحركت لجان الأهل في المدارس التابعة للبعثة العلمانية في بيروت وطرابلس وحبوش ــ النبطية في الوقت نفسه؟ ربما يكون الجواب أن جمعية لجان الأهل في مدارس البعثة في العالم أصدرت منذ فترة تقريراً أشارت فيه إلى أن مدارس البعثة لم تعد تتوجه إلى الطبقة الوسطى كما كانت تفعل تاريخياً، فهذه الطبقة لم تعد قادرة على تسجيل أولادها في هذه المدارس. وفي الوقت الذي يبحث فيه الأهالي عن تعليم علماني جيد يكرس قيم المواطنة، يفاجأون بتراجع الاهتمام بالاختلاط الاجتماعي على مستوى الطبقات والأديان، وهو ما يفسر ما جاء في ردّ اللجنة. وترافق بيان البعثة مع قيام إحدى الموظفات بالاتصال بالأهالي الذين لم يدفعوا الزيادة فرداً فرداً وطالبتهم بدفعها.
وحيال تهديد إدارة المدرسة، قدم بارود قراءته للتطورات، فأسف لفشل المحاولات لتحقيق الاتفاق بين لجنة الأهل والبعثة العلمانية الفرنسية، على الرغم من أنّ الجانبين حاولا الوصول إلى حل وكان ذلك يبدو ممكناً. ومع فشل المحادثات، ظهر، بحسب بارود، التصدع ومخالفة القانون من خلال تهديدات مباشرة وغير مباشرة، فيما مطالب لجنة الأهل لم تقتصر في الواقع على الجوانب المالية، بل تتناول بصورة خاصة الجانب التعليمي. وقال إنّ اللجنة لم تمارس صلاحياتها فحسب، بل واجبها أيضاً، الذي ينص عليه القانون. وأوضح أن قرار وزير التربية بتجميد الأقساط بات ملزماً بعدما ردّ مجلس شورى الدولة الطعن فيه الذي قدمته إدارة المدرسة. وذكّر بأنّ اللجنة وافقت، خلال المحادثات، على زيادة قدرها 3٪ (منها 2% مستحقات قانونية للمعلمين)، وقد اتخذت موقفاً متشدداً في الدفاع عن حقوق هيئة التدريس والموظفين لحسن سير العمل في المؤسسة.
بما أن حراك اللجنة ليس شخصياً بل عام، بدا بارود متفائلاً بالوصول إلى حلول وسطى بين البعثة واللجنة.
لبنان ACGEN الأخبار تربية وتعليم