Saturday, 29 August 2015 - 12:00am
لم يفاجىء موقف السلطة السياسية الحاكمة والمتحكمة بامور البلاد والعباد منذ اكثر من 30 سنة العارفين كيف يفكر اركان هذه السلطة، وعلى اي اساس يبنون حساباتهم.
اصحاب السلطة، الذين يمثلون اساساً «امراء» الطوائف والمذاهب يعتبرون ما يحصل من حراك شعبي في بيروت وبعض المناطق، هو تحرك ظرفي وعشوائي، وتالياً فانه لا بد وان ينتهي اليوم، او غداً، لا سيما وان اكثرية الناس لا تزال، وهذا مؤسف، لكنه في الوقت نفسه حقيقة توالي زعماء الطوائف والمذاهب، وتفكر بعنصرية، وتذهب بعيداً في الولاء للزعيم الى حد القدسية.
الحراك الشعبي بدأ، وغير الطائفيين، وغير المتمذهبين، من شباب وشابات ومسنين خرجوا الى الشارع ليطالبوا بالمحاسبة وبالعدالة الاجتماعية، نعم هم قلّة حتى الساعة مقارنة بمن يوالي امراء الطوائف والمذاهب من اهم السلطة، الا ان كرة الثلج قد تتدحرج وتكبر لتصبح اكثر احراجاً، واكثر ايلاماً لاصحاب السلطة السياسية، ومن خلفهم اصحاب السلطة المالية المتضامنة معهم.
على اهل الحكم ان يبادروا، وسريعاً الى مواجهة الحقيقة. الاعتراف بان بعض الناس خرج عن صمته ليقول الحقيقة، وليسمي الاشياء باسمائها. فساد مالي، استبداد، جوع، فقر، هجرة، اسوأ الخدمات الحياتية والاجتماعية ليس اولها، ولن يكون اخرها ازمة النفايات.
الناس يسألون وعلى اصحاب السلطة ان يصغوا اليوم وقبل الغد الى اسئلة الناس، والى هموهم والى مشاكلهم، وان يعملوا، ولو لمرة لمصلحة الناس، من دون حساب مصلحتهم الشخصية اولاً.
الناس يسألون وعلى المسؤولين الاجابة: لماذا الاستمرار في تغييب ملف التنقيب عن النفط والغاز ولمصلحة من ولماذا؟ بلغنا هذا الرقم الفلكي في الدين العام (اكثر من 70 مليار دولار) كيف ومن صرف واستفاد ويستفيد من هذا الدين؟ واين ذهبت نسب النمو التي سجلت في بعض السنوات 8 ـ 9 في المئة؟ لماذا صرفنا كل هذا المال لتمويل عجز مؤسسة كهرباء لبنان (اكثر من 18 مليار دولار)، وحتى الساعة ليس لدينا كهرباء؟ من استفاد من ملف النفايات طوال السنوات السابقة، ولماذا ولمن دفعت الاموال على هذا الملف ونحن اليوم نغرق في النفايات؟ اين البنى التحتية؟ اين فرص العمل؟ لماذا تستمر هجرة الكفاءات ولماذا هذا الارتفاع غير المسبوق في اعداد الفقراء؟
اين الضمان الصحي للبنانيين، اين ضمان الشيخوخة؟ واين اصبحت الجامعة اللبنانية وسط هذه الغابة من الجامعات الخاصة التي توزع رخصها على الزعماء وعلى المحسوبين والنافذين.
اين انماء المناطق، واين اموال البلديات.. واين الانماء المتوازن وقانون الانتخابات النيابية العادل؟ اين المحاسبة، واين وأين واللائحة تطول.
من حق المواطن ان يسأل، وان يحاسب وعلى الزعيم القابض على مقود السلطة ان يجيب، ان يوضح، وحتى ان يهتم، المهم ان يقول لماذا وصلنا الى هنا؟
قد لا يصل الحراك الشعبي الذي نشهده الى مستوى الثورة التي اسقطت انظمة عربية اهملت شعبها، واستخفت بقدراته، فامعنت بسحقه اقتصادياً واجتماعياً.. وبسلطة القانون؟ الا ان المؤكد ان هذا الحراك ازعج، واخاف اهل السلطة، وان حاولوا اظهار العكس، والتصرف بان الناس والشارع الاكبر هو معهم، وتالياً فان بضعة الاف لن يستطيعوا النيل من منظومة سياسية ـ مالية راسخة الجذور في النظام. على اهل السلطة ان يحتسبوا وان يتحوطوا ازاء ما قد لا يرونه واقعاً او ممكن الحصول، اذ ان ثورات عديدة بدأت بشخص وانتهت بانهيار منظومات سياسية كانت تعتبر نفسها خارج زمن السقوط.
الديار مجتمع مدني